*ليس ل(د. حيدر) قضية فكرية وإنما هو يستلطف د. النعيم لأمر ما يربط بينهما *صداقة د. حيدر للفكرة الجمهورية الممتدة لأكثر من نصف قرن لم تعصمه عن تأييد الذين يشوهونها *رجعت لعلاقتي الطويلة منذ الدراسة مع د. حيدر ولم أجد سبباً موضوعياً لغبينته ضدي *أسأل الدكتورين حيدر والنور عن موقفهما المبدئي من الدين وما الفكر الذي ينطلقان منه حتى يكون حديثنا معهما على بينة *بعد كل هذه السنين كان على د. حيدر أن يحدد موقفه من الفكرة الجمهورية أما إنها حق فليتزمها أو باطل فيحاربها كتب د. حيدر إبراهيم علي، هجوماً شديداً على شخصي في جريدة التيار عدد 8 أكتوبر، وكانت كتابة د. حيدر هي بمناسبة كتابتي عن د.النور محمد حمد ولكنها لم تتضمن أي شيء أكثر من الهجوم على شخصي بصورة غريبة ومبالغ فيها.. جريمتي الأساسية عند د.حيدر هي أنني استعملت كلمة (هرطقات د.النعيم) !! نعم هذه هي جريمتي الأساسية عند د. حيدر، على الأقل في ظاهر الأمر!! يقول د.حيدر: "إن الأستاذ خالد يستعمل نفس أسلحة التكفير الصدئة في حواره مع النور والنعيم، ويسمى آراء د.النعيم (هرطقات) وهي نفس لغة واتهامات الأمين داؤود"!!.. وبدل أن يورد أقوالي ذهب يتوسع في الحديث عن الأمين داؤود.. في الواقع كلمة هرطقات لم أطلقها أنا على د. النعيم كما زعم د. حيدر، بل قالها د. النعيم عن نفسه، فهو قد قال: "كمسلم، فأنا دائماً أطلق التقرير (الهرطقي) أن الدين علماني".. وهذا النص وارد في نفس الصحيفة التي يفترض أن د. حيدر يناقش على أساس ما كتب فيها، فلماذا عميت عيناك د. حيدر عن أن العبارة هي للنعيم وأنا أنقلها عنه؟! لاحظ أن د.النعيم يقول: "فأنا دائماً أطلق التقرير (الهرطقي)" لاحظ "دائماً.. ويقول د. حيدر: (أن مصطلح "هرطقة" لغة لا تشبه الجمهوريين بل أتت من قاموس محاكم التفتيش وداعش وكل التكفيريين. أما سبب هذا الوصف الشاذ فقد أرجعه الأستاذ خالد الحاج إلى فهم أورده وبنى عليه..).. هذا محض تخريح مفتعل يدل على غبن عند صاحبه ضدي.. أنا لم أرجع كلمة هرطقة إلا لما قاله د.النعيم عن نفسه، واضح منذ البداية أن الأمر شخصي ولا علاقة له بالفكر لا من قريب ولا من بعيد، وحيدر لأنه يريد إدانتي نسب كلمة (هرطقة) إليِّ وبنى عليها ما بنى، ولأنه يريد تبرئة د. النعيم بأية صورة من الصور، عمي تماماً من رؤية استخدام كلمة هرطقة عنده. لقد حاول د.حيدر الدفاع عن أقوال د.النعيم بالعمل على تحريفها بصورة مخجلة، لا يمكن أن تجوز حتى على طلاب المدارس.. ود. النعيم في النص الذي أوردناه عنه يقول (الدين علماني ومن صنع البشر).. وقد أوردنا النص كاملاً فماذا قال د. حيدر عن زعم د.النعيم: "إن الدين علماني من صنع البشر"؟.. قال: (وهذا لا يعني أن الدين علماني، بل يعني أن الدين إنساني)!! د. النعيم يقول أن الدين علماني، ود. حيدر يزعم إنه يعني أن الدين إنساني!! فهو يحول كلمة علماني إلى إنساني، دون أي سبب موضوعي غير رغبته.. ويقول د. حيدر عني: (كما يأخذ عليه القول بأن الدين ثقافة، وهذا قول صحيح فالدين شكل من أشكال الثقافة..).. أنا لم أخذ على د. النعيم إنه قال أن الدين ثقافة.. ود. النعيم نفسه لم يقل الدين ثقافة، وقوله أثبتناه في الصحيفة التي يتحدث عنها د. حيدر.. ما قاله د. النعيم هو: (فأنا، عندما أتحدث عن الدين والثقافة، إنما أتحدث عنهما بنفس المعنى، أي بمعنى أن كليهما من صنع البشر، وأن كليهما يمكن إعادة صنعهما، من قبل البشر).. فد. النعيم أورد الحديث عن الثقافة ليؤكد أن الدين عنده علماني، ومن صنع البشر مثله مثل الثقافة.. لا أحد يدعي أن الثقافة هي من الله عن طريق ملك الوحي، ولكن جميع الأديان السماوية هي وحي من الله عن طريق ملك الوحي جبريل.. وهذا ما عليه جميع أصحاب هذه الأديان، وجميع البشر الذين ينسبون للآخرين عقائدهم كما هي.. ففي سبيل الدفاع عن أقوال د. النعيم ينسب له د. حيدر أقوالا أخرى غير التي قالها.. وهذا تحريف لا يليق بمن يكتب للآخرين.. ولتوكيد المعنى الذي يريده د. النعيم قال عن الدين والثقافة: (أن كليهما من صنع البشر، وأن كليهما يمكن إعادة صنعهما، من قبل البشر).. عبارة (من صنع البشر) لا يمكن الاختلاف حولها، وهي ترجمة لعبارة د. عبد الله باللغة الانجليزية (religion is human-made). وفي تحريف آخر لأقوال د. النعيم، يقول د. حيدر: (يستشهد الأستاذ خالد بقول د. النعيم: "عندما أقول ديني، وهو الإسلام، فإني لا أتحدث عن الإسلام بصورة عامة، أو الإسلام بالنسبة للمسلمين الآخرين، وإنما أتحدث عن الإسلام الشخصي").. ويذهب د. حيدر في تخريجاته المخجلة والتي لا تجوز على أحد، ليقول: (لا أدري لماذا استفزت كلمة ذاتي أستاذ خالد إذ يبدو إنه فهم منها "غير موضوعي" بينما المقصود هنا إنها تجربة فردية بحتة..).. ويذهب ليقول: (وهكذا هي التجربة الدينية فهي ذاتية تماماً ولا يشعر بها إلا صاحبها فقط، والتدين تجربة شخصية فردية)!! د. النعيم يتحدث عن الدين، عن الإسلام، ود. حيدر صرف الموضوع ليصبح حديث عن التدين.. عن التجربة الذاتية، ونفى عنه أنه حديث ينفي الموضوعية.. وهذه مغالطة لا تجوز على أحد.. فد. النعيم في نصه يقول عن دينه: (فإني لا أتحدث عن الإسلام بصورة عامة)، هذا يعني أنه يتحدث عن إسلام غير الإسلام المعروف بصورة عامة.. ويقول أنه لا يتحدث عن (الإسلام بالنسبة للمسلمين الآخرين) هذا يعني بوضوح أنه يتحدث عن إسلام مخالف لإسلام المسلمين الآخرين، ومخالف للإسلام بصورة عامة.. ولم يترك د. النعيم الأمر عند هذا الحد، وإنما قال: (أتحدث عن الإسلام الشخصي).. فمن المستحيل 0ن يفهم من قوله أن الإسلام عنده يمكن أن يكون موضوعياً.. ولتوكيد هذا المعنى قال: (بالنسبة لي الدين يجب أن يكون ذاتياً، لا يمكن له أبداً أن يكون غير ذاتي... إلخ).. فحديث د. النعيم حديث واضح جداً في نفي الموضوعية عن الإسلام، وجعله أمراً ذاتياً.. والنعيم وكَّد معانيه هذه بصور عديدة أوردت نصوصه فيها.. فكون الإسلام صناعة بشرية، وكَّده بالحديث عن أن القرءان ليس منزلاً من عند الله، وإنما هو إجماع بشري. وقد أوردنا نصوصه في ذلك منها قوله: (إن السلطة التي يستمدها نص القرءان تنبع من تعاقب الإجماع، الإجماع عليه بين الأجيال، كما أسميه، وليس من كونه ببساطة منزلاً!! نظراً لأننا لم نره ينزل.. إننا لم نستلم ملفاً مرفقاً مع رسالة إلكترونية، وقيل لنا أن هذا هو القرءان).. والنصوص عديدة في هذا المجال، فالشريعة الإسلامية ليست منزلة من الله.. وكذلك الحال بالنسبة لشريعة الأحوال الشخصية.. وعنده مبدأ أساسي هو (الواسطة البشرية) يقول فيه أن البشر هم الذين يعملون.. فقد أوردنا كذبه المدهش في غرابته الذي زعم فيه أنه لا يوجد أي ذكر لمفهوم الحد في القرءان.. وأنه لا يوجد أي ذكر للناسخ والمنسوخ في القرءان.. ولا شيء من هذا الكذب لفت نظر د. حيدر!!.. الحديث الذي أوردناه عن دكتور النعيم عن الأخلاق، هو يبعد المرجعية الدينية بصورة حاسمة.. ويتحدث عن الأخلاق الذاتية حديثاً لا لبس فيه، ولا يمكن تحريفه. قلت، وأكرر، أن د. النعيم نقض جميع أركان الإسلام، وأركان الإيمان، وأوردت العديد من نصوصه الواضحة في هذا الصدد.. لكن د. حيدر أغفل كل هذا، وذهب ليحرف حديث د. النعيم بالصورة التي رأيناها. تحدث د. حيدر عن دافعه للكتابة وقال عنه: (إنني أخشى على حبي واحترامي للجمهوريين والفكرة الجمهورية بسبب بروز ظاهرة التكفير بين كتاب جمهوريين).. الظاهرة أوجدتها أنت من عند نفسك.. وقال عن صداقته للفكرة أنها كانت منذ 1965م!! هذا يعني أكثر من نصف قرن!! هذه الصداقة الطويلة لماذا لم تعصمك من تأييد الذين يشوهون الفكرة بصورة شاملة، مثلما يفعل د. النعيم، أكبر من شوه الفكرة في التاريخ؟! بل إنك لتؤيد تشويه الفكرة، وتحاول أن تجد له تبريراً لا يجوز على أحد.. أية صداقة هذه؟! إنك تنسب د. النعيم للفكرة، وكذلك تنسب د. النور، فأنت قلت عن نفسك: (لست طرفاً في خلاف الجمهوريين).. فجعلت بذلك حديثي عن د. النعيم ود. النور إنه خلاف بين جمهوريين، وهذا زعم باطل شديد البطلان، أكثر من ذلك هو مضلل، وما كان ينبغي أن يصدر عنك.. فد. النور ليس جمهورياً فهو قد أعلن خروجه من الفكرة، وأوردنا قوله في ذلك.. أما د. النعيم فلا هو مسلم، ولا هو جمهوري، كما ذكرت.. بل هو أكبر من يعمل في الوقت الحاضر على تشويه الإسلام والفكرة الجمهورية.. وقد ظللت من جانبي أكتب في هذا الصدد لفترة زادت عن العشرة أعوام.. وأوردت عدداً هائلاً من أقوال د. النعيم الواضحة، والصارخة الوضوح، في التدليل على موقفي.. وإذا بعد هذا كله أتيت أنت لتنسب د. النعيم للفكرة، فأنت شريكهما، في عدم الأمانة الفكرية، وعدم تحري الحق، والوقوف مع الباطل صريح الوضوح. إن قضيتك ليست قضية فكرية، وإنما هي موضوع استلطاف وعدم استلطاف، لا أدري السبب الحقيقي فيه.. أنت تستلطف د. النعيم، لأمر يربط بينكما، فتدافع عن هرطقاته هذا الدفاع الضعيف المتهافت، وأنت لا تستلطفني، فتهاجمني بسبب كلمة قالها د. النعيم عن نفسه، وتحاول أن تحور أقوال د. النعيم الواضحة، بغرض تبرئته وإدانتي.. أنا أشعر إنك صاحب غبينة ضدي، لا أدري سببها.. حاولت أن أرجع بعلاقتي معك إلى أيام الدراسة، وإلى اليوم، فلم أجد سبباً موضوعياً لهذه الغبينة.هذه الصداقة طويلة جداً، ولم تثمر أي شيء.. الأمر الطبيعي إنك طوال هذا الوقت كان ينبغي أن تحدد موقفاً من الفكرة: إما إنها حق فتلتزمها.. أو هي باطل فتحاربها بصدق وأمانة، حسب فهمك بعيداً عن الإلتواءات. أحب أن أسأل د. حيدر: ما هو موقفك المبدئي من الدين؟ وللسؤال ما يبرره، فأنت كثير التجني على الفكرة الجمهورية والجمهوريين، والانحياز لخصومهم.. فأرجو أن تجيب على سؤالي بصدق ووضوح، حتى يكون حديثنا لك وعنك، مبنياً على بينة واضحة.. ما هو الفكر الذي تنطلق منه؟ وأنا أسأل نفس السؤال لد. النور.. فالنقد الذي لا يقدم بديلاً، لا قيمة له، ولا خير فيه.. ونقد د. النور للآخرين هو محض هجاء، ينطلق من عدوانيةً صارخة للآخرين. *رفاعة 3/ 11/2020م