في أوربا وبالتحديد في منطقة الريف الشمالي الايطالي ما قبل العصر الذهبي لقارة أوروبا كان هناك قرية تبعد عن سقيا مياه. الشرب تقريبا 2 كيلو مترا . فقد كان رجال تلك القرية يعملون في وظائف حكومية بالمدينة التي تبعد عن قريتهم بضع كيلو مترات وعندما يعودون من أعمالهم يكون الظلام قد حل وغطى ارجاء القرية والاسر عطشى لعدم توفر مياه الشرب ويضطرون بعد عودتهم من أعمالهم للذهاب الي السقياء ليلا لتوفير المياه لأسرهم ذات ليلة اجتمع أهل القرية جميعا للتشاور في ايجاد حلول ناجعة لمشكلة المياه فقرروا بالإجماع تكليف شخصين من ابناء المنطقة لجلب المياه وهما(بابلو) & (ورونيو) كانا منقطعين عن العمل لفترة طويلة واختاروهم باجماع أهل الحي للعمل بتوفير المياه لأهل القرية مقابل دراهم بخس كانوا في حاجة اليها - ظل الأخوين ينقلون مياه الشرب طوال النهار وتتساقط عليهم وهج وهجير حرارة الشمس الساطع وذات يوم جلسا على أطراف بئر السقيا يتجاذبون أطراف الحديث ويشتكون لبعضهم البعض صعوبة العمل الا ان السبب وراء ذلك عدم وجود المال مما اضطرهم لتقبل المهمة الصعبة وتحمل الاعباء وحمل المياه طوال اليوم بالدلو . هذا اللقاء كان بمثابة استراحة المحاربين وأثناء الدردشة والحوار ذكر (بابلو )انه يفكر في مشروع عظيم بحاجة الي مايسمى التفكير بالمقلوب يستهدف الي ان تنساب المياه إليهم داخل المدينة بدلا من ان يذهبوا هم لبئر السقيا ويأتوا بالدلو الا ان (رونيو) صاحب التفكير المحدود والخائف من التغيير وضياع وظيفته رد عليه وقال ان ما تتحدث عنها خيال وغير واقعي ودعك عن المستحيل وهيا بِنَا الي العمل . ظل الأخوين يعملان وظهر عليهم علامات التعب والارهاق من حمل الدلو يوميا لساعات طويلة وفِي هجير الشمس . قرر (بابلو )فجاة وبادر بمفرده ان يبدأ في تنفيذ المشروع الحلم فكان يعمل 6 ساعات بالدلو و6 ساعات في مشروعه الجديد بدا يشترى ويجمع الأنابيب .اما (رونيو) فلم يأبى اهتماما بفكرته وظل يعمل ويكد ويتباهى وينكت على (بابلو )وعلى جسده بدا التدهور وصارت تقل حركته من شدة التعب . اما (بابلو ) ورغم التعب والعمل في الخطين وقلة المال لديه الا ان قوة الإرادة والرغبة والاصرار على بلوغ الهدف جعله يتمكن من إنجاز توصيل الانبوب حتى نصف المسافة في فترة وجيزة ولا يزال (رونيو) يضحك عليه ولا يقتنع بفكرته . واصل (بابلو) الرجل قوي العزيمة وثابت الخطى والمبدأ وفِي السنة الثانية اكتمل المشروع وتدفق المياه العذب الذلال وسط الحي واحتفل السكان وجعلوا من (بابلو) أسطورة وبطلا للبشرية الذي أنقذ حياة أهل القرية بتوفير المياه النقية اما(رونيو) والذي بدا يزداد عليه الإنهاك من جراء التعب والاستمرار في طريقته التقليدية وصدمته من تدفق ا لمياه حيث لن يكون لدلوه اي موقع من الاعراب بعد اليوم واصبح حائرا. رجال الاعمال والمستثمرين الشرفاء اصحاب الفكر والرؤية والمبادرة من المستثمرين أمثال السيد (بابلو )يحملون هموم الوطن دائما وخاصة الغلابة والمحتاجين ولا ينسون العشرة والرفقة الطويلة مهما تغير وتبدل واقعهم فقد كان اول قرار للسيد (بابلو) بعد تدفق المياه تعيين رفيق الدرب والجهاد للرزق الحلال (رونيو) مسئؤولا عّن مكتب توزيع المياه وهو جالس على كرسي مكتب توزيع مياه الأنبوب وسط المدينة ويستلم الدراهم من الناس مقابل تعبئة المياه من الصنبور - اما (بابلو ) صاحب فكرة الابداع فكان أهدافه كبيرة وابعد من مجرد توصيل الانبوب وتلك كانت بداية المشوار والتجربة الاولى ونقطة تحول لعالم البزنس فترك (رونيو) يدير مشروع مياه الأنبوب وانطلق هو في رحلة البحث عن استثمارات اخرى مثل تنفيذ مشاريع كبير ة صناعة و توفير الصهاريج والمياه العذب في كل قرى ومدن إيطاليا وامتد أعماله خارج نطاق إيطاليا وأوروبا . فمن حامل الدلو اصبح خبيرا ومستثمرا في إدارة ملفات حلول مشاكل المياه حول العالم لانه يُؤْمِن بالارادة ولديه المبادرة وتفكيره أعمق واشمل واكبر وهذا ديدن رجال الاعمال الذين يؤمنون ان تضحيات الحاضر يدر لك دخلا كبير ا في المستقبل وان الاعمال الصغيرة ذات الادارة المتقنة وبالتخطيط السليم وبالمتابعة تكبر وتصبح امبراطورية وتؤدي الي نتائج كبيرة اما نحن في بلادنا فالصهريج والمياه جاهزة ومتوفرة فقط نحتاج رغبة وإرادة واصرار أمثال (بابلو ) في التعامل مع مشاريعنا الصغيرة حتى تكبر وتتوسع مع الأيام ليتدفق الخيرات والمياه النقية والنظيفة.في البيوت والمساجد والمدارس والميادين وبالله التوفيق ويحفظ الله رجال الاعمال والمستثمرين الذين يسعون ليسخروا أنفسهم ومالهم لاجل خدمة الانسانية والوطن ليبارك الله في كل خطواتهم ليزدادوا خيرا وخيرا وخيرا ما داموا يعملون ليصعد معهم الاخرين سلم النجاح والرفاهية دكتورطاهر سيد ابراهيم عضو الأكاديمية العربية الكندية عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.