التصريح الذي أدلى به السيد وزير الإعلام و القيادي بالمؤتمر الوطني الدكتور كمال عبيد لوسائل الإعلام المختلفة حول رغبة حكومته في إسقاط حق المواطنة بحق الجنوبيون بالشمال حال حدوث الانفصال عقابا لتصويتهم علي خيار الانفصال و وجد التصريح مساندة قوية من الصحف النظام و كتابهم و كأنه الأمر بمثابة طوق النجاة الوحيد و المتبقي بجوبهم لإنقاذ البلاد من التقسيم القادم, و هذا الدعم و المساندة من أصحاب الرأي و الكتاب يدل علي وجود الإجماع حول فصل الجنوب و قطع أي روابط قد تربط الشعبين في المستقبل القريب, فليكن الأمر هكذا, و لكن بالرغم من غياب المعلومات حول الدوافع الحقيقية وراء هذه التصريحات النارية و الاستباقية لنتيجة استفتاء حق تقرير مصير لشعب جنوب السودان المزمع إقامته مطلع العام المقبل إلا أن المسالة ربما تندرج في إطار ما يعرف بسياسة المساومة الرخيصة التي ظل النظام ينتهجه بغرض إيقاف سيل الانفصال الجارف, فقد ظلت هذه الفئة ترويج في إعلامها عدم قدرة الجنوبيون على إدارة شئونهم و أن الإقليم سيفتك به الصراعات القبلية و إلحاحهم المستمر بعدم الاعتراف بالدولة الوليدة في حالة عدم اقتناعها بنتيجة التصويت ليضاف سيادته أمرا جديدا ألا هو أن الجنوبيون سيفقدون حق المواطنة في الشمال إذا صوتوا للانفصال حيث سيفقدون حق العلاج و العمل و التملك.. لنتسال هل لدي سيادته سجلا متكاملا عن الجنوبيين الذين لديهم أملاكا في الشمال و الذين يتربعون على مناصب قيادية بالدولة و لكن ما علمه بحسب درايتي بأوضاع الجنوبيون بالشمال ليس هنالك أي عقارات كثيرة مملوك لهم اللهم إلا الانقاذيون, فغالبية الأعظم من أبناء الجنوب من فئة العمال و عدد قليل من الموظفين بالوزارات الاتحادية و يقيمون في أطراف المدن أي مناطق الحزام السود او العشوائية كما يسمونها مع إخوتهم من دارفور و جبال النوبة و النيل الأزرق ففي الخرطوم مثلا يسكنون في مناطق جبرونا و زغلونا و معسكر بانتيو و سوبا الأراضي.. الخ و هذه المناطق تفتقر إلى مقومات حياتية و منسية حيث لا يوجد بها الكهرباء و المياه إلا عبر الصهاريج التي توفرها المنظمات الإنسانية العاملة بالسودان مثل الغذاء العالمي و اليونيسيف و حتى الخدمات الصحية و التعليمية شبه معدوم بمناطقهم بل يتلقونها من هذه المنظمات مشكورا, معني ذلك هم تأقلموا على سياسات التشريد و التجويع التي ينفذها نظام الإنقاذ, إذن فالجنوبيون سوف لا يفقدون اشياءا ذات أهمية كبيرة في الشمال عند تطبيق هذه التهديدات و الوعيد ليس لدينا شاغلي وظائف عليا ولا عمارات شاهقة أو أرصدة مالية كبيرة حتى نندم عليها, واهم من يعتقد ان جنوبي الشمال وحدويين, كيف نكون وحدويون وأطفالنا يطردون من المدارس و الجامعات الحكومية بسبب عجزهم من سداد الرسوم الدراسية الباهظة و هل الجنوبي المقيم بمعسكرات النزوح أحسن حالا عن الذي يقيم وسط أهله و عشيرته بنمولي او مريال باي مثلا انها سياسة النفاق و اللامبالاة. و على حكومة الجنوب أن لا تلتفت لمثل هذه التصريحات و أن تعمل معها بالعقلانية و المسؤولية وفقا للاعتراف و النظم الدولية التي تحكم العلاقة بين اطراف النزاع في مثل هذه الحالات و أن لا تقلقها اشاراتهم السالبة فيما يتعلق بعدم اعترافهم بدولة جنوب السودان إذا جرت عملية الاستفتاء دون مشيتهم لنقول للشمال من حقكم ألا تعترفوا بها في البداية و لكن في نهاية المطاف سيحصل ذلك و بالتالي ستكون دولتكم في ترتيب الأخير برتوكوليا حسب الأعراف الدولية و التي ترتب الدول رقميا وفقا لتاريخ اعتراف الدول بالدولة الجديدة و حكومتها و اجزم أن احد الدول العربية ستبوأ رقم واحد بدلا عن دولة الآم التي انفصلت منها الجنوب و ستكون صاحب خصوصية العلاقة مع دولة جنوب السودان المرتقبة. ختاما و لو صوت الإنسان الجنوبي على وحدة البلد شعبا و ترابا فانه ليس حبا لخيرات الشمال إن وجدت بل ربما حبهم الشديد للسودان ارض مليون ميل مربع و ارض أطول مجري مائي في العالم فالكل علي قناعة تامة أن إذا انعم الله هذا البلد بالاستقرار و يقيه من شرور قادته أمثال كمال عبيد فانه سينطلق إلى الأمام و الإلحاق بركب التقدم و الازدهار ..و على الإنقاذ أن يعلم أن واحدا من صفات الجنوبي هو الكبرياء و الإصرار مصحوبة بعزيمة قوية لو سالت أي جنوبي عما إذا كان فقيرا فسيقول ليك انه ‘‘ ليست هكذا بل سيقول لأبي و لعشيرتي ثروات كثيرة في منطقتنا او قريتنا استطيع أن اترك هذا المكان او هذا العمل لأعيش معهم،، وهم يعيشون على هذه القيم بل صمدوا أمام جبروت الإنقاذ و اغراءتهم لأسلمتهم أو استقطابهم لصفوفها و استخدامها وقودا لتحقيق أهدافها السياسية و الأمنية, هذا النظام مشهود بأنه لا يهتم بالإنسان السوداني فسوداني في خارج البلاد يهان و يذل على مرآي و مسمع المسئولين السودانيين دون ان تجد صرخاته أي أذنا صاغية، فالمتوقع من قادة الانقاذ في حالة وقوع الانفصال ربما إبادة أخرى مثل حرمان نسائنا من ان تلدن بالمستشفيات الحكومية او طرد الجنوبيون من أماكن تواجدهم بواسطة اللجان الشعبية و لذلك على حكومة الجنوب و المنظمات الدولية أن تأخذ هذا التصريح مأخذ الجد و الشروع في توفيق أوضاع الجنوبيين بالشمال قبل الاستفتاء حتى لا يكونوا صيدا سهلا لهؤلاء المفترسين.. Diadit Angong [[email protected]]