يبدو أن قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان لم يتعرفوا بعد على الإنقاذ و توجهاته الحقيقية وربما في جزئية محدودة من خلال المفاوضات السياسية المتعددة بينهما أو في مسارح العمليات القتالية بالجنوب إبان الحرب الأهلية التي وضعت أوزارها مؤخرا دون ذلك يبقى المؤتمر الوطني بالنسبة لهم عبارة عن البطيخ المقفول الذي لا تبدو عليه علامات الجودة و النضج إلا إذا فتح، فهذا النظام ليس في أدبياته مبدأ الاحترام و التقدير للشريك أو الحليف السياسي بل لديهم كلمتين فقط لا غيرها، الولاء والموالين، و ينطبق هذا المبدأ على مؤسسات الدولة كافة حيث يقاس نجاح أو فشل كل من يعمل في دهاليز الدولة سواء كان العامل بالخدمة المدنية أو الجندي في القوات النظامية بمدى ولائه للإنقاذ و حزبه الحاكم، و بفهمهم فأن الوزير أو برلماني الناجح هو من يغرد بصوت الإنقاذ و يدافع بضراوة عن سياساته.. إذن لا نستقرب من تصرفات قادة الأمن و الشرطة مع قادة المعارضة الشرفاء لان أصلا جميع موارد الدولة مسخرة لخدمة البنية التحتية للمؤتمر الوطني و لخدمة العسكريين الموالين له فهؤلاء هم أبناء النظام و مستقبلهم العملي مرتبط ارتباطا وثيقا بوجود المؤتمر الوطني في سدة الحكم .. كما أن هذا النظام ضد فطرة الإنسان الذي يرغب في الحرية و التطور و الطموح و تحسن حالته المعيشية فهو لا يؤمن بتاتا بالتعددية السياسية و الفكرية و حتى الحصانات و الامتيازات فقط لمن يواليه لا لمن يشغل منصب برلماني أو وزاري.. بمعني أخر الحصانات فقط للسادة الوزراء و الدستورين المنتمين إلى المؤتمر الوطني إما الآخرون هم مجرد خونة لا قيمة لهم أمام القانون السوداني.. يستطيع الفرد من أفراد الأمن أن يزج بالوزير للسجن و تعذيبه تحت الغطاء بتهمة الاعتداء على أفراد الأمن أو الشرطة والشغب، بهذا الغطاء يتم التعذيب على المتهم.. انه نظام طالباني المعروف بعدم الاعتراف بالأعراف والنظم التي بنيت عليها فكرة الدولة و رغم تبريراتهم حول دستورية التظاهر من عدمه فان الأمر سيظل وصمة عار على جبين الوطن الغالي .. إن ما ألت إليه الأمور في البلاد لاسيما العلاقة المتوترة بين الحركة الشعبية و المؤتمر الوطني و الأحداث التي جرت اليوم بالخرطوم كان متوقعا لولا المرونة الغير مبررة التي انتهجتها الحركة خلال الأعوام الماضية و قبل التوقيع على اتفاقية نيفاشا، حذر العديد من القوي السياسية الحركة الشعبية من مغبة الانتكاس لهذه الاتفاقية ثم العودة إلى مربع الحرب مجددا مشيرين إلى أن تاريخ المؤتمر الوطني مشهود بالخيانات و شغفهم بنقض العهود و المواثيق و انه الحزب الوحيد الذي لا يوازن بين المصالح الحزبية و قضايا مصيرية للوطن بل يستطيع إهمال كل الاتفاقيات التي لن تخدم سياساتها الشمولية بما في ذلك اتفاقية نيفاشا التي قامت عليها الحكومة الحالية حيث تعمد إلي استمرار سياسات الحزب الواحد و الحكم الحديدي إضافة إلى احتكارهم للإعلام القومي فعلى سبيل المثال قد تجد زيارات اعضاء المؤتمر تغطية تلفزيونية شاملة دون أن تنال زيارات السيد النائب الأول هذا القدر من الاهتمام .. فالسياسات التي ينتجها حزب المؤتمر الوطني و تصرفاته المستفزة للأخريين هي التي أدت إلى احتجاب الحركة عن ممارسة نشاطها في مجلسي الوزراء و الوطني بل و النزول إلى الشارع مما يدل على قرب الطلاق لان لا قيمة للارتباط الذي يتحول فيه الشريك إلى التابع و ربما اقتربت ساعة التمرد إن جاز التعبير على هذا النظام، فكم حزبا دخل هذا النظام أو شاركهم الحكم و خرج منه مصابا باليأس و الإحباط .. فشعاره معروف لدي الشعب السوداني هو "كل( اختلس) و اخدم النظام". عموما هنئا للشعب السوداني المعلم الذي ينطبق عليهم قول الشاعر" إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر ولا بدّ لليل أن ينجلي ولا بدّ للقيد أن ينكسر" و للحركة الشعبية صاحب المشروع الوطني الكبير و قد لا يستوعب الكثير رسالتكم النبيلة ألان و لكن في المستقبل القريب سيدرك من أساء فهم هذه الرسالة، كما نهاني قادة أحزابنا التاريخية الأمة و الشعبي و الشيوعي إضافة إلى منظمات المجتمع المدني والذين ظلوا صامدون أمام جبروت النظام و إغراءاته المادية، نقول لكم جميعا يكفينا تحريككم للشعب السوداني و النزول إلى الشارع الذي حرم منه لأكثر من عقدين.. نعم سقطت الأقنعة و فك شفرة جينوم النظام بالكامل، فالشوارع أصبحت الآن سالكة لأي مسيرة أخرى ليست من اجل التأييد أو المبايعة للنظام كما جرت العادة في السنوات الماضية بل المطالبة و التنديد بسياسات المؤتمر الوطني. Diadit Angong [[email protected]]