إذا قادتك قدماك إلى المرور بشارع الشريف الهندي، متجهاً من شارع المك نمر شرقاً تجاه شارع القيادة العامة بالخرطوم؛ فإن نظرك سيقع رغماً عنك على لافتة "ملفتة"، تعتلي بوابة أحد منازل ذلك الحي الهادئ في منطقة الخرطوم شرق. فركتُ عيني وأنا أقرأ تلك اللافتة أكثر من مرّة، وأعيد قراءتها بين مصدّق ومكذّب.. (سفارة جمهورية جنوب السودان)، باغتتني الكلمات الأربع، وبجانبها علم الدولة الجديدة بألوانه الأربعة ونجمته الشهيرة، قلت في نفسي: "الآن فقط أيقنت بأن الوطن قد انشطر إلى دولتين"ّّ !! فبعد حوالي اسبوعين فقط من رفعها لعلمها الجديد في العاصمة جوبا إيذاناً بميلاد دولتها الجديدة؛ رفعت حكومة جمهورية جنوب السودان لافتة بإسمها في قلب العاصمة الخرطوم، معلنة عن بداية عهد دبلوماسي جديد، بينها وبين "جارتها" دولة السودان "الشمالي". في شارع هادئ بعيد عن ضوضاء وسط المدينة، تصدّرت اللافتة ذلك المبنى العتيق بالخرطوم شرق، الواقع عند تقاطع شارع الشريف الهندي، مع شارع المؤتمر، على بعد خطوات جنوب شارع البلدية الشهير. المنزل الأرضي الذي يحتل مساحة واسعة وبه حديقة كبيرة تغطّي معظم مساحته على غرار معظم المنازل القديمة بأحياء الخرطوم العريقة، كان يشغله وزير رئاسة مجلس الوزراء بحكومة الوحدة الوطنية لوكا بيونق، قبل أن يغادره ويغادر معه السودان كله، عقب نهاية أجل اتفاقية نيفاشا، واعلان دولة الجنوب رسمياً في التاسع من يوليو الحالي. ولعلها الصدفة وحدها التي أتت بسفارة دولة الجنوب التي استقلّت عن الشمال، لتستقر على مقربة من سفارتي تركيا التي حكمت السودان (1820-1885)، وبريطانيا، التي حكمته في الفترة (1899- 1956). قبل أن ينال استقلاله الكامل ويرفرف علمه عالياً، معلناً عن استقلال كل انحائه من حلفا إلى نمولي، قبل أن يعود و "يُنكّس" ذات العلم مرةً أخرى في الجزء الجنوبي من الوطن عقب الانفصال، وذهاب ثلث مساحته، وقيام دولة جديدة مستقله عنه، ولها سفارة وتمثيل دبلوماسي في الخرطوم.. مبنى سفارة الجنوببالخرطوم لا زال في طور التجهيزات والصيانة وعمليات التجهيز، لاستقبال السفير الجنوبي الذي لم يسمّه رئيس جمهورية الجنوب سلفاكير ميارديت حتى الآن، وسيقوم وكيل وزارة التعاون بحكومة جنوب السودان المتواجد حالياً بالخرطوم، بمهام القائم بالأعمال، وسيقوم برفع علم الجنوب في أعلى المبنى. إلى حين تعيين السفير من قِبل الرئيس أواخر الشهر الحالي. jamal koora8 [[email protected]]