زوجة وزير تكتب: شهادتي فيه مجروحة... لكنها أكيدة    المدنية المفتري عليها    آية الله عبد الفتاح البرهان    إيلون ماسك يعلن تأسيس "حزب أميركا"    تأشيرة سياحية موحدة لدول الخليج قريبًا.. صلاحية حتى 90 يومًا    وفد الهلال يزور حسن عبد القادر هلال    المونديال فقد بريقه    أربع مواجهات في الأسبوع السابع للتأهيلي    ضوابط صارمة لإعادة التأهيل في الخرطوم    ما الأهمية الإستراتيجية لمدينة بابنوسة بكردفان؟    الخارجية تستنكر مساعي نظام أبوظبي راعي المليشيا الإرهابية ضد السودان    باريس يكسر عقدة بايرن ويعبر لنصف نهائي المونديال    سان جيرمان يرد اعتباره بإقصاء بايرن من مونديال الأندية    مصر .. فتاة مجهولة ببلوزة حمراء وشاب من الجالية السودانية: تفاصيل جديدة عن ضحايا حادث الجيزة المروع    اداره المباحث الجنائية بشرطة ولاية الخرطوم تضبط شبكة إجرامية تنشط في جرائم النهب والسرقة بامبدة    حاج ماجد سوار يكتب: العودة إلى الخرطوم بين الواقع و المأمول (3)    مأساة في أمدرمان.. تفاصيل فاجعة مؤلمة    شاهد بالصور.. السلطانة هدى عربي تعود للظهور على مواقع التواصل وتخطف الأضواء بإطلالة ملفتة    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء الإعلام السوداني شهد المهندس تعود لإثارة الجدل على مواقع التواصل وتستعرض جمالها بإطلالة جريئة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب هندي يفاجئ المتابعين ويثير ضحكاتهم بتحدثه الدارجية السودانية بطلاقة (عندنا في السودان مافي رطوبة وأنا من العيلفون والمسيد)    السيسي يؤكد على موقف مصر الثابت الداعم لليبيا والمؤسسات الوطنية الليبية    فورمان طويل كتبه الحلو بعد تعيينه نائبا لحميدتي ( كقائد ثاني الجنجويد)    طقطقة.. 15 دقيقة مونديالية تثير السخرية من حمدالله    نيران بالميراس الصديقة تقود تشيلسي لنصف نهائي المونديال    الطاهر ساتي يكتب: لحين النتائج ..!!    خطاب من"فيفا" لاتحاد الكرة السوداني بشأن الانتخابات    السودان..مجلس الأدوية والسُّموم يوقّع إتفاقية تعاون مشترك مع إندونيسيا    السودان.. الشرطة تلقي القبض على"عريس"    هل يسمع رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء لصرخة واستغاثة المزارعين والمواطنين؟    البنك المركزي .. إقالة بُرعي .. أو ( شنق) عبدالقادر محمد أحمد !!    صفقوا للدكتور المعز عمر بالأمس وينصبون له اليوم مشانق الشتم لقبوله منصب وزاري    والي الخرطوم يصدر توجيهًا بشأن محطة" الصهريج"    المذيعة الحسناء سالي عثمان تكتب: (شريف الفحيل إلى أين؟!!!)    إعلان خطوة بشأن النشاط التجاري بالسوق المحلي الخرطوم    محكمة بحري: الحكم بالإعدام مع مصادرة المعروضات على متعاون مع القوات المتمردة    ابوقرون ينقذ الموسم الرياضي ويقود التنمية المستدامة في ولاية نهر النيل.    ترامب: سأكون حازما مع نتنياهو بشأن إنهاء حرب غزة    بعد زيارة رسمية لحفتر..3 وفود عسكرية من ليبيا في تركيا    إدارة المباحث الجنائية بشرطة ولاية الخرطوم تسدد جملة من البلاغات خاصة بسرقة السيارات وتوقف متهمين وتضبط سيارات مسروقة    جهاز المخابرات العامة في السودان يكشف عن ضربة نوعية    جهاز المخابرات العامة في السودان يكشف عن ضربة نوعية    لقاء بين"السيسي" و"حفتر"..ما الذي حدث في الاجتماع المثير وملف المرتزقة؟    مزارعو السودان يواجهون "أزمة مزدوجة"    الجيش السوداني يستهدف مخزن ذخيرة للميليشيا ومقتل قائد ميداني بارز    رسائل "تخترق هاتفك" دون شبكة.. "غوغل" تحذّر من ثغرة خطيرة    بعد تصريحات الفنان شريف الفحيل الخطيرة.. أسرة الفنان الراحل نادر خضر تصدر بيان هام وعاجل.. تعرف على التفاصيل كاملة    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    مِين فينا المريض نحنُ أم شريف الفحيل؟    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    تراثنا في البازارات… رقص وهلس باسم السودان    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيد العُمر .. بقلم: عبد الله الشقليني
نشر في سودانيل يوم 29 - 09 - 2011


[email protected]
(1)
إن الحياة أعياد في بِساط الفرح أو دمعات تُكفكِف الحُزن ، لكن عيد العُمر يبدو أنه فوق كل الأفراح ، أو هكذا قلتُ لنفسي .
نسمةٌ باردةٌ من بطن الحَرّ ... أخذتني لدنياوات ما كنتُ أحسب نفسي أصل .
إن الدُنيا كائن متموج الدروب ، يَحملُك على أظهُر الحُزن لمآلات الفرح .
هاتفتني : " كل سنة وإنتَ طيب " ...
جلست... بيني وبين الذاكرة : قهوة آخر المساء وأول الصباح ،
كينابيع السلسبيل الفضي النقي تفتحت الدروب :
(2)
قلتُ لنفسي :
أيصلُح أن أكون شفافاً في يوم العيد الخاص ؟
أيعبُر المرء أفراحه كلها لتتجمع في يوم فرحة العُمر ؟. لم يكُن الدهر كالذي نحياه الآن. تجمّع ألفٌ و نيف على الساحة أمام الدار بحلفاية "ملوك العبدلاب". ففي أرضهم وطنٌ للغرباء و نعمَ المُستجير بجيرتهِم . فضلُهم موسومٌ بكرم الضيافة وطيب المُعاشرة. بصمة التاريخ أمضى من الوشم . فهنالِك جدّ لنا هو الشيخ " يعقوب مُجلي " اقتطع له " عمارة دُنقُس " مزارع قربها في بدايات حُكم السلطنة . ها هو خيط الحنين يعيد الدفء للنفوس .
(3)
خمسون متراً أو أقل تعبُر أنت من طريق الإسفلت الرئيس إلى مكان حفل الزفاف .
قمة الضجيج.. كانت بحق :
" بوشَة حَريمْ ونِعمةَ كَريمْ " كما تقول الجدة " فاطنة " عن الساحة المملوءة بالطنين الناعم والضحك والسرور التي هي من نِعم المولى حين يستطعم الجميع خُبز الحفاوة بعُش الزوجية .
مؤسسة قديمة هيَّ قِدم الدهر دخلنا باحتها المُتسعة باختيارنا . التففنا على المُجتمع التقليدي بأحصنة حُراسه يملئون الكون بالصرامة ، فلا تَعْجَبْ حين تجد النبات الأخضر يتسلل من بين صُم الحجارة ، فالصلادة تُجاور ماء الحياة وبلسم العافية ، ألم يُفصِح الذكر الحكيم؟ :
{ ... وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء...}البقرة74
(4)
عندما كتب العقاد في أحد أسفاره :
" علاقة رجل بامرأة واحدة يبقى على حُبها زمناً طويلاً أو يبقى على حُبها مدى الحياة هي حادث لا يتكرر كل يوم ويُصح أن يقال إن هذه العلاقة " إصابة حُب " كسائر الإصابات التي يتعرض لها الإنسان فتطول أو لا تطول وتصيبه وهو مُستعد لها أو تصيبه على غير استعداد ." كنتُ كأني شهابٌ في سماء خواطره .
(5)
طافتْ آنية الطعام والشراب على الأضياف وغيرهم واحداً فواحدا . كانت الطفولة تتسلل تُمسك خمار فستان الزفاف من انجرار أطرافه الخلفية عند قدوم سيدة عُمرنا الجميل بأقداح الطلاوة الإلهية التي بصمت على وجهها ومُحياها ، خالية من رتوش الصناعة والديكور . يبدو النضار مُحلقاً بفرحٍ يرتجّ بارتباكها أمام العيون التي تنظرنا جميعاً ساعة القدوم.
إحدى العَمَّات حَوْلنا تحمل مباخر الطيب وأُخريات تشُق زغاريدهنَّ عنان السماء . عند طقس شراب حليب الفألِ أول القُدوم، شربتُ حليباً لم أتذوق مثله لا في عمري اللاحق ولا في العُمر الماضي.
ارتباكنا أمام جمع المحلِّقين حولنا واقعٌ مُحقق إذ لم نتعود نحنُ أن نَعتلي كراسي الرئاسة الصورية إلا ذلك اليوم فكيف لا نرتبِك!. الأعيُن تنظُر إلينا كدُمى مورقة، كأن أعيُن الطفولة تفُض أغلفتها بفرح المرة الأولى. هذا ما وَهَبتنا الدُنيا بعد أن ضنّت علينا زماناً طويلاً وابتسم الدهر ساعتها في ليلة ساهرة ذات يوم من أيام سبتمبر. و غنّت قيثارة من حنين ، واهتزت أوتارها .
(6)
لمْ تُمطر السماء ولم تُغَّبِِر ذلك اليوم . نور على نور و وضاءة تمسح آنية بلور النفوس عندما تستريح . تَخيَّرنا الاثنين موعداً للأمسية على غير ما اعتادت الأفراح مواعيدها ، وفيها يكمُن سرٌ في سِتره يأبى على البَوح أو النسيان .
عَرَّفنا أنفُسنا فنحن: رجلٌ وامرأة في مُقتبل العُمر متساويان ولكنهما مُختلفان ومُتكاملان يحبان بعضهما، وتلك أُحجية ربما تبدو غامضة أول الأمر ولكن يُدركها الإنسان إن مضى العُمر وأينعت أزهار العُشرة.
لفنا من بعد إعصارُ المنافي ، حين تُفجرت مائدة الأسرة الصغيرة فتتشتت الأشلاء بعضها في الوطن والآخر يحفر في جبال المجهول بأظافر تحلُم بنبع حياة أكثر نقاء من الذي اعتدنا وأكثر إنسانية...
الفجرُ الساحر وقد انحسرت حُمرته والصبحُ تنفس مُشرقاً وجاء موعد السُكُوت عن الكلام المُباح .
عبد الله الشقليني
22/07/2008 م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.