شارك السودان ضمن فعاليات الأسبوع الدولي الأخضر ببرلين في دورته رقم 78 في الفترة من 17-27 يناير الماضي للمرة الأولي في تاريخه وقد ضم جناح السودان جزءا من المنتجات الزراعية بغرض وجود فرص استثمار وسط السوق الأوروبية، كما كان هناك ركن التراث السوداني وضم هذا الركن جلسة للحناء حيث تم تخصيص أيام يتم فيها رسم الحناء للجمهور وقد جذبت العديد من الزوار من مختلف الجنسيات. كما تم عرض عدد 9 أفلام وثائقية تعريفية عن السودان. وقد حظي جناح السودان بإقبال كبير من الجمهور السوداني والجاليات الأخري، كما غطت وسائل اعلام سودانية وأجنبية تلك الفعالية وأطلقت الصحافة الألمانية لقب " الحصان الأسود " علي السودان. علي خاصرة معرض السودان اتكأ الحضور علي جدار عشق الوطن وذلك علي ايقاعات فرقة الكاميراتا للموسيقي الفولكلورية قدمت فيه الفرقة نماذج موسيقية وغنائية لكل أقاليم السودان أبرزت التعدد الاثني والثقافي لقبائله ولهجاته. بدأت الفرقة بايقاع الدليب الحنين من ديار أهلنا الشايقية والذي عندما تسمعه يطربك ويذكرك ب " عمق الإلفة بين النهر والنخلة وغنا الطمبور وصدق العُشْرة بين الأرضِ والإنسان ". وكل يبكي قريته عندما يسمع أغنية "رمال حلتنا". ويزيد الايقاع سخونة بسبب أغاني السيرة والحماسة من مناطق الجعليين وكأن الزمان يرجع بنا الي حريق "المك في قلب الدخيل". وينحدر الايقاع جنوبا عكس حركة تيار النهر وكأنه يريد أن يقول ان تيار الثقافة قوي. وانتقلت الايقاعات الي منطقة جنوب النيل الأزرق تحت أنغام الوازا، حيث مزيج من قبائل شتي وكأنها تريد أن ترجع بنا الي بداية القرن السادس عشر الميلادي وتكوين مملكة سنار بين الفونج وعرب القواسمة العبدلاب. وعرج الايقاع غربا حيث ايقاع المردوم في مناطق كردفان وهو كما يعتقد الشاعر فضيلي جماع قد يكون أحد الموروثات الفنية للحضارة العربية الإسلامية في الأندلس والتي حملها العقل الباطن الشعبي خلال أكثر من ثلاثة قرون، لأن التشابه بين إيقاع المردوم وإيقاع الفلامينقو الأسباني لا يمكن أن يكون مجرد تشابه في المعطى الثقافي الإنساني..خاصة وأن انتقال بعض أنماط الثقافة الشمال أفريقية عبر الوسيط (هؤلاء الرحل) موجود في السلالم الموسيقية السباعية. ويذكرك هذا الايقاع خصوصا عند ضرب الأقدام بالأرض بمقتل هكس باشا في شيكان علي يد قوات الامام المهدي. ثم ذهب الايقاع الي دارفور السلطان وعزفوا ايقاعات الفرنقبية وهي من أروع الأغنيات التي قاومت الزمن وانتصرت على كل الحقب والعصور، وتعني الفرنقبية «غزلان جفلن أو شردن»، وهي لعبة تحاكي جري الغزلان وتلفتهن، تسوقك الايقاعات الي أمجاد سلطنة دارفور وكأن التفات الغزال فيها يبحث عن تلك الأمجاد. وانتقل الايقاع شرقا وعندما يعرض الراقص بالسيف وشعره كثيف يرجع بنا الزمان الي معركة كرري ومقاتلي الفزي وزي والأسطورة عثمان دقنة – نحن أمة لا تحتفي بتأريخ أبطالها- الذين قال عنهم ونستون تشرشل في كتابه حرب النهر كانو أشجع من مشي علي سطح الارض لم نهزمهم ولكن قتلناهم بقوه السلاح والنار. لقد أضفت تلك الايقاعات الحارة دفئا الي صقيع برلين وأذابت جليد روتين الوجود السوداني ذلك الدفء الذي فقدناه زمانا في بلاد تموت من البرد حيتانها. Hago Ali [[email protected]]