أسمع كثيرا عن استعمال عبارة (الصرف البذخي) ولا استطيع ان احدد لها معني واضحا ، فهي في ذهني – و ربما عند آخرون – هي الصرف المهدر في الاحتفالات ، والسفر غير الضروري للقيادات ويشمل ذلك الحج والعمرة للأهل و الاقارب ، وتعدد سيارات المسئولين وما شابه ذلك من الصرف غير الضرورى ، في ظل ازمة مالية خانقة تعاني منها البلاد والعباد . ولكن ما لفت نظري بالأمس وأنا أشاهد إعلان تلفزيوني عن مؤتمر سيستضيفه السودان قريبا لحوالي 43 ( ثلاث واربعون) دولة في أحد المجالات المتعلقة بالتعاملات المصرفية وتشمل الاستضافة المكونات الاقليمية والدولية لتلك المصارف ، و احسست و أنا اشاهد الاعلان كمن ينبهني للمعني الحقيقي ( للصرف البذخي) ، تخيلوا معي عدد الاستضافات التي قام بها السودان لكل أنواع المؤتمرات في كافة المجالات ، ابتداء من المؤتمرات الشهيرة التي عقدت خلال شهر واحد وهي مؤتمرات القمة العربية والافريقية والباسفيكية ، مرورا بمئات المؤتمرات في كافة المجالات الاقتصادية والصحية والتجارية والرياضية و الدينية والعلمية ، للدرجة التي اصبحت اتخيل فيها أن السودان قد تخصص حصريا (exclusively ) في إستضافة كافة مؤتمرات الدنيا . الأمر كان سيبدو طبيعيا لو أن ظروف الدولة الاقتصادية كانت بشكل مختلف ، فنحن شعب قد عرف بكرم الاستضافة ، ولكن الحال يغني عن السؤال ، نحن في حاجة لكل دولار بل ولكل جنيه ، فالمعاناة الحقيقية التي تعيشها الدولة في كل المجالات ، في مجالات الضائقة المعيشية ، والتعليمية ، والصحية ،والأمنية والرياضية ، تجعلنا نفكر مليا قبل أن نصرف جنيها واحدا فيما لا يعود علينا بالفائدة . وهنا يبرز السؤال الهام : ماذا نستفيد نحن الشعب السوداني من كل هذه الاستضافات ، أو حقيقة ماذا استفدنا ؟؟ أعلم علم اليقين أن الفائدة التي ترجوها الحكومة من الاستضافة هي الفائدة الاعلامية ، هي تود أن يشهد لها الضيوف بأنها دولة مستقرة و آمنة ، ولكن هل شهادة الضيوف هي صك براءة يعادل قيمة الاستضافة . عالم اليوم لم يعد ذلك العالم الذي تخدعه مثل تلك الشهادات ، فالعالم اليوم قرية صغيرة محكوم بأقمار صناعية تنقل الحدث ( صورة و صوت) ، لم يعد يعترف بشهادات سماعية مشكوك في مصداقيتها ، ولكنه ينقل الخبر حيا (LIVE ) ويترك لك مسئولية التحليل والاستنباط . إن لم تخني الذاكرة ، فقد وعدت الحكومة وهي تبحث عن الحلول لمواجهة الازمة الاقتصادية الناجمة عن انفصال الجنوب ، أن تقلل من الصرف البذخي ، وذكرت موضوع وقف أو تقليل استضافة المؤتمرات كواحد من بنود تقليل الصرف البذخي ، ولكن يبدو أن الاوامر قد صدرت معكوسة ، فلم يمض شهر إلا والبلاد تستضيف مزيدا من المؤتمرات ، مما يجعلني أشك أن في الامر شبهة فساد نتن ، تستفيد منه قلة لا يهمها إلا جيبها الواسع وذمتها الخربة ، فما أسهل التلاعب في بنود أي إستضافة ؟! وإلا فلماذا الاصرار علي هذه الاستضافات التي لا تنتهي وكأننا أحد الثمانية الكبار في هذا العالم ؟؟!! . علاء الدين زين العابدين مستشار قانوني ينبع الصناعية السعودية Othman, Allauddin Z. [[email protected]]