(1) كان الصغار حين يحولون الأزقة إلى ملاعب، كانوا يكومون كومة من تراب يضعون عليها تلك الكرة العجيبة (كرة الشراب) ليتمكنوا من القذف بها لأبعد مدى في عمق ملعب الخصم، ويرجع اللاعب الحذق خطوات كثيرة إلى الوراء استعدادا للإنقضاض على الكرة التي يركض نحوها مندفعا باقصى سرعة وسط ترقب وتشجيع المتفرجين.. لكن ماذا لو تراجع ذلك اللاعب فجأة ووقف حمار الشيخ في العقبة لأي سبب من الأسباب؟!.. النتيجة المتوقعة أن يأخذ (علقة) ساخنة من جمهوره وزملائه لما سببه لهم من احباط.. اليوم المؤتمر الوطني في حالة استعداد ليقذف بكرة الحريات في ملعب القوى السياسية الأخرى، وقد وضعها في أعلى كومة التراب وهو على بعد مسافة منها لينقض عليها، أما إن لم يتبع ما أعلنه من قرارات مهمة في اطار الانفتاح السياسي فسيجد غضبة عارمة وسيوضع في خانة ذلك الرجل الذي (ظل يكذب ويتحرى الكذب حتى كتب عند الله كذابا).. احساسي أن المؤتمر الوطني تتلبسه قناعة بضرورة المضي قدما في هذه الخطوة لأسباب بعضها داخلي وبعضها خارجي.. والمتابع لمجريات الأحداث منذ التغييرات الدراماتيكية في رموز الحكم ومرورا بخطاب الوثبة في يناير الماضي وما تبع ذلك من انفراج كبير في علاقة المؤتمر الوطني بغريمه المؤتمر الشعبي يعلم أن ترتيبات وربما اتفاقات سرية قد انجزت لا يعلمها (ناس قريعتي راحت) من تلك الأحزاب التي كادات أن تلامس حاجز ال(99) حزباً. (2) لن تجدي محاولات هروب الواهمين في تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض من دعوات الحوار مع احتفاظنا لهم بحق أن يصفوا تحالفهم هذا بما يشاءون من أوصاف الاجماع.. التحالف الذي يضم نحو عشرين حزبا أبرزها (الشيوعي السوداني والبعث العربي والعربي الناصري وحركة حق والمؤتمر السوداني) استعصم بشروط واهية خاصة إن انقض المؤتمر الوطني بالفعل على الكرة وألقى بها في ملعب القوى السياسية التي من بينها هذا الذي يسمي نفسه بتحالف الاجماع الوطني.. مجرد سقوط الكرة في الملعب الآخر تكون المتطلبات والشروط التي قال التحالف المزعوم أنها لازمة لتهيئة مناخ الحوار قد تحققت لكن عندها يكون التحالف جالسا في مسطبة المتفرجين بينما الأحزابة الثلاثة الرئيسية (حزب الأمة القومي وحزب المؤتمر الشعبي والحزب الاتحادي الديمقراطي) ستتلقف الكرة في حبور وسعادة. (3) رئيس الهيئة التنفيذية للتحالف فاروق أبو عيسى يقول إن مشاركة بقية الأحزاب المعارضة في الحوار وفق الظروف الراهنة: (لا يمكن أن نتحدث عن حوار وطني ودستور جامع، والحكومة تمنعنا حتى من مخاطبة الشعب السوداني وتفض ندواتنا بالقوة الباطشة).. لو أن شباباً من قوى المعارضة أطلقت يده وتبوأ موقع القيادة لما قالوا شططا مثلما يقول أبوعيسى.. ولقال هؤلاء الشباب الذين يسد أبو عيسى وصحبه عليهم الأفق مثلما رأت أحزاب المؤتمر الشعبي والأمة القومي والاتحادي الديمقراطي أن شروط التحالف مكانها مائدة الحوار، لأن ذلك يجنب البلاد خيار البندقية.. تلك البندقية التي لا يرى أبوعيسى حرجا في استخدامها من قبل الجبهة الثورية التي ينسق معها الحزب الشيوعي تنسيقاً تاما كما قال الناطق باسم التحالف والقيادي الشيوعي صديق يوسف.. ذكرت أبو عيسى بالشباب الذين هم أحفاده لأنه خرج قبل حوالي (70) في مظاهرات الجمعية التشريعية سنة 1947م وما زال يزاحمهم في العمل السياسي لكنه ظل يحرز فشلا تلو فشل. آخر الكلام: مرة غضب أبو عيسى من الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر لإشادته بالمفوضية القومية للانتخابات ووصفه ب(الرئيس العجوز)؟!. [email protected]