تعودت منذ عهد الطلب أن أسجل في مفكرتي ما يمر عليّ من عبارات جميلة ضناً بها من النسيان .. و عند رجوعي لأوراقي القديمة قبل أيام وجدتني أنساق وراء قراءة بعض ما سطرت فوجدتها عبارات متنوعة لا يربط بينها رابط سوى بلاغة العبارة و جمال اللغة .. فيما يلي نماذج منها أرجو أن يجدها القارئ الكريم كذلك :- قال أبو الطيّب المتنبي يمدح علي بن أحمد عامر الإنطاكي في قصيدة مطلعها ( أطاعن خيلاً من فوارسها الدهر *** وحيداً و ما قولي كذا ومعي الصبر ) و ما زلت حتى قادني الشوق نحوه *** يسايرني في كل ركب له ذكر استكبر الأخبار قبل لقائه *** فلما التقينا صغّر الخبر الخُبر دعاني إليك العلم و الحلم والحجا *** وهذا الكلام النظم والنائل النثر و ما قلت من شعر تكاد بيوته إذا *** كتبت يبيضّ من نورها الحبر وما أنا وحدي قلت ذا الشعر كلَه *** ولكن لشعري فيك من نفسه شعر وقال : لعينيكِ ما يلقى الفؤاد و ما لقِي *** و للحب ما لم يبق مني وما بقِي وما كنت ممن يدخل العشق قلبه*** و لكن من يرى عينيكِ يعشَقِ و بين الرضى والسخط والقرب والنوى مجال لدمع المقلة المترقرق و قال نزار : ( إن الشاعر يستبطن النفس البشرية و يتقمص وجدان العالم و يقول ما يريد أن يقوله الناس قبل أن يقولوه - وعلى هذا يمكن تفسير نبوة المتنبي الذي لا يزال منذ ألف سنة مستشار العرب فى كل كبيرة و صغيرة من شئون الحياة .. إننا نلجأ إليه كفنان عظيم استطاع ببصيرته و رؤياه الخارقتين أن يحّول تجربته الشخصية إلى تجربة بحجم الكون وأن يخرج من حدود الزمن العربي إلى براري الزمن المطلق ) . و قال عبد الله الطيّب : " وقد سما ببني المجذوب أنهمو* أهل البيان و أهل العلم و الفكر لا يأخذون جرايات الملوك * و ما ذُلوا و ما حدهم يوماً بمنكسر " و قال العباسي : سبعون قصّرت الخطى و تركتني أمشي الهوينى ظالعاً متعثرا من بعد أن كنت الذي يطأ الثرى زهواً و يستهوي الحسان تيهاً و تبخترا ! و قال الطيّب صالح المحجوب: " كان المحجوب إنساناً مضيئاً في عالم قليل الضوء .. و محباً في عالم يحتاج إلى كثير من المحبة . " و قال إيليا أبو ماضي : " إن الأُلى قد كنت أرمي دونهم *** غلوا يدي و حطّموا أقواسي و استبدلوا سيفي البتّار بأسيف *** خشب و باعوا عسجدي بنُحاس أسد الرخام و إن حكى في شكله *** شكل الغضنفر ليس بالفّراس " و قال لقمان الحكيم : " ثلاث من كن فيه فقد استكمل الإيمان : 1. من إذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق . 2. و إذا رضِيَ لم يخرجه رضاه إلى الباطل . 3. و إذا قدر لم يأخذ ما ليس له . " و قال الفارابي : " من رفع نفسه فوق قدرها صارت محجوبةً عن نيل كمالها . " و يقول أحمد مطر في لعبة الشطرنج : على رقعة تحتويها يدان تسير إلى الحرب تلك البيادق .. تهوي القلاع و يعلو صهيل الحصان و يسقط رأس الوزير المنافق .. يموت الشجاع بذنب الجبان و تطوي يدا اللاعبْين المكان . أقول لجدي : لماذا تموت البيادق ؟! يقول : لينجو الملك ! أقول : لماذا إذن لا يموت الملك لحقن الدم المنسفك ؟! يقول : إذا مات في البدء لا يلعب اللاعبان !!!