في قريتي التي تتمدد علي نهر النيل،وفي ليلة صيفية مقمرة تهب فيها نسائم ليل عليل،تولد نور،طفلة صغيرة تشع نورا وجمالا. منذ نعومة أظافرها وهي كالقمر صفاء وبريقا وحسنا. والدها الحاج احمد مزارع يفلح الارض بمعوله البسيط من بعد صلاة الفجر ويحتضن ابنته الوحيدة بيديه من بعد صلاة العشاء، يعطيها دف الأبوة وحنان الارض الطيبة. عام بعد عام وتكبر نور وكل ما فيها يحمل اسمها،عندما تبلغ الثامنة عشر من عمرها تصبح فارعة الطول كنخيل بلدتي الصغيرة، لونها كلون القمح في الحقول والمزارع التي تمتد علي طول البصر،كذهب نقي خالص في أغوار جبال عتيقة،شعرها اسود كسواد ليل مظلم اشتاق لثغر قمر مكتمل،عيناها واسعة تحمل نقاء النيل محاط بسواد يخلب الأبصار،يديها في نعومة رطب طري قبل أن يستوي لثمر فيه شفاء ودواء وغذاء. الحاجة آمنة حملت نور في أحشائها تسعة أشهر ككل أم حنون،تاقت لرؤية مولودتها قبل أن تولد،أرضعتها العفاف والحياء،وغرست فيها كل معاني الحب والوفاء،فنبتت شامخة سامية تحمل كل معاني الخير والجمال والسلام. امنية أمها كانت أن تراهما تزف كأجمال عروس في الحي،تزف لأحد أبناء أخوتها الذين عصفت بهم رياح الحياة بعيدا كسبا لرزق حلال،يعودون كل عام محملين بما فتح الله عليهم،يعودون كل يرتدي جلباب أبيض ناصع البياض يفيح العطر الطيب منهم أينما حلوا،كانت غاية أمنيتها ان تشهد يوم عرسها وهي في ثوبها الأبيض تزف كأجمل عروس. علي ضفاف النيل عاش الحاج بلال أكول،من جنوب بلادي،وزوجته ميري.الحاج بلال اعتنق الاسلام بعد ان عاش في قريتي الصغيرة ردحا من الزمان،وبقيت ميري تدين بالمسيحية وتعيش في أمن وسلام ومحبة وسط البسطاء من أهل قريتي الوادعة.كان إسمه بيتر أكول وبعد اعتناقه الاسلام أعجب باسم بلال فأختاره لنفسه.الحاج بلال يعيش ويعمل،يصبح ويمسي علي ضفاف النيل،يبدأه عمله في صناعة الطوب البلدي ومعه أبناء من قبيلته من الجنوب، يعملون في جد وصبر وتفاني،ليلا ونهارا، يعملون طوال العام ويرتاحون ولو قليلا عند فيضان النيل. إبنه البكر مايكل ولد قبل اعتناقه الإسلام فأبقي علي إسمه، عرفانا وتقديرا لميري رفيقة دربه وأم أولاده. مايكل ولد وعاش وترعرع وتربي في قريتي الصغيرة،كان محبوباً بين أقرانه،مرحا لطيفا شقيا،تمر به الأيام ويزداد جسده قوة وطولا،عمل مع والده في صناعة الطوب البلدي،وأتقن مهنه والده وبرع فيها. كل صباح، تشرق شمس علي قريتي ،تضع قبلة سكري علي ثغر النيل مع الصبح الباكر،لتيقظ كل أهل الحي، وتغيب عند نهاية اليوم بعد أن تضع قبلة وداع علي تلال القرية، فتكسيها حمرة ساحرة عند المغيب.وتمر الأيام وتشرق الشمس وتغرب عند كل مساء ويتكرر المشهد يوما بعد يوم،تزداد نور جمالا والقا، ويكتسب مايكل قوة وطولا،هي بلون القمح في حقول شتوية باردة،وهو بلون الابنوس في غابات جنوبية دافئة ... ونواصل. *قصة قصيرة من خيال الكاتب، الاسماء والشخصيات غير واقعية، اذا حدث اي تطابق فتلك محض صدفة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.