قرارات لجنة الاستئنافات برئاسة عبد الرحمن صالح في طلب فحص القوز ابو حمد وإستئناف الصفاء الابيض    هلال كريمة يفتتح تجاربه بالفوز على أمل الدويم    رئيس القوز ابوحمد : نرفض الظلم المقنّن ولن نتراجع عن حقنا    دليل الرجل الذكي في نفي تهمة العمالة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (اللغم يتكتك)    سلفاكير يؤكد على أهمية استمرار تدفق النفط من حقل هجليج    شاهد بالفيديو.. ناشط المليشيا الشهير عبد المنعم الربيع يفجرها داوية: (خالد سلك هو من أشعل الحرب بين الجيش والدعم السريع وليهو حق ياسر العطا يسميكم "أم كعوكات")    إنشاء مسالخ ومجازر حديثة لإنتاج وتصنيع اللحوم بين مصر والسودان وزيادة التبادل التجاري بين البلدين    مجلس الوزراء يجيز بالإجماع الموازنة الطارئة للدولة للعام المالي 2026    رحيل ضابط بالجيش السوداني في القاهرة    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة سودانية تشعل حفل غنائي بوصلة رقص فاضحة بمؤخرتها وتصرخ: "بنحب الركوب العالي" والجمهور: (النظام العام ما بنفع مع القونات جيبوا ليهم القوات الخاصة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناوات الوطن العربي من "اليمن وسوريا ولبنان وتونس" يتنافسن على ترديد الأغنية السودانية الترند "بقى ليك بمبي" وساخرون: (شكله متحور جديد زي الليلة بالليل نمشي شارع النيل)    الإمارات تسحب قواتها من اليمن    محافظ بنك السودان المركزي : انتقال الجهاز المصرفي من مرحلة الصمود الي التعافي والاستقرار    شاهد بالصورة.. ظهرت بفستان فاضح.. مودل سودانية تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة للجدل    الخارجية الإماراتية: نرفض الزج باسم الإمارات في التوتر الحاصل بين الأطراف اليمنية    نجم برشلونة يتصدر قائمة الأغلى في العالم 2025    القوات الجوية السعودية تستهدف شحنة أسلحة إماراتية في ميناء المكلا كانت متجهة للانفصاليين    الحكم بالإعدام على مشارك مع قوات التمرد بالأبيض    لماذا تجد صعوبة في ترك السرير عند الاستيقاظ؟    بعد تأهل صقور الجديان للدور الستة عشر في البطولة الافريقية إبياه: تحررنا من كل الضغوط    والي ولاية غرب كردفان ومدير شرطة الولاية يشهدان تخريج دورة حرب المدن لمنسوبي الشرطة بالولاية    عبده فايد يكتب: تطور تاريخي..السعودية تقصف شحنات أسلحة إماراتية علنًا..    إنشاء مطار جديد في الخرطوم    التحالف: نفذنا ضربة جوية استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا    الفنّانُ الحق هو القادر على التعبيرِ عن ذاتِه بما لا يخرج عن حدود خالقه    الخرطوم .. افتتاح مكتب ترخيص الركشات    السودان..مسيرات في الشمالية والسلطات تكشف تفاصيل المداهمة    رئيس الوزراء يهنئ المنتخب الوطني بفوزه على غينيا الاستوائية في بطولة الأمم الإفريقية    رونالدو يرفض الاعتزال قبل الوصول لهذا الرقم    5 أطعمة تخفف أعراض البرد في الشتاء    الحقيقة.. كرة القدم تجرّنا جرّاً    رئيس الاتحاد السوداني ينعي الناظر طه فكي شيخ    الجامعة العربية: اعتراف إسرائيل ب"إقليم أرض الصومال" غير قانوني    الجزيرة .. ضبط 2460 رأس بنقو بقيمة 120 مليون جنيهاً    الوطن بين احداثيات عركي (بخاف) و(اضحكي)    السودان يعرب عن قلقه البالغ إزاء التطورات والإجراءات الاحادية التي قام بها المجلس الإنتقالي الجنوبي في محافظتي المهرة وحضرموت في اليمن    لميس الحديدي في منشورها الأول بعد الطلاق من عمرو أديب    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوثائق الحكومية في شمال السودان .. ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
نشر في سودانيل يوم 06 - 05 - 2015

Government Archives in Northern Sudan
سوزان قرابلار Susan Grabler
ترجمة: بدر الدين حامد الهاشميمقدمة: هذه ترجمة لما جاء في العدد الثاني عشر من مجلة "التاريخ في أفريقيا "History in Africa والصادر عام 1985م، عن تاريخ الأرشيف الحكومي في شمال السودان.
وبحسب موسوعة الويكيبيديا فقد أنشئ المستعمر في عام 1916م مكتبا اسماه "مكتب محفوظات السودان" ، ثم تغير الاسم إلى "دار الوثائق المركزية" عام 1956م، ثم إلى "دار الوثائق القومية" في عام 1982م (للمزيد عن تاريخ دار الوثائق يمكن الاطلاع على مقال البروفيسور أحمد إبراهيم أبو شوك المعنون " دار الوثائق القومية السودانية: إرث تليد ... ومقر جديد" والمبذول على شبكة المعلومات الدولية.
وكاتبة المقال متخصصة في تاريخ السودان وحاصلة على الدكتوراه فيه من جامعة وسكنسن الأمريكية بمدينة ماديسون. وكان قد قامت بزيارة السودان بمنحة دراسية في منتصف الثمانينات. وفي هذا المقال تصف الكاتبة تجربتها الشخصية في "دار الوثائق" في تلك الفترة. وليت بعض البُحَّاث السودانيين الذين استفادوا في أيامنا هذه من خدمات تلك الدار يكتبون عن تجاربهم فيها لنرى الفرق إن كان هنالك من فرق.
المترجم
****** *********** ***************
أتى على طلاب علم التاريخ بالسودان الراغبين في دراسة الوثائق اللازمة لأبحاثهم عن الحكم الثنائي زمن (ليس بالبعيد) كانوا لا يسمعون فيه غير نصيحة واحدة لا أخت لها هي: "شد الرحال لإنجلترا". وبالفعل، فإن مكتبة الدراسات الشرقية بجامعة درام لا تزال تحتفظ بأغنى مجموعة عن السودان، وكذلك هو الحال هو مع مكتب الوثائق / السجلات العامة بلندن. غير أنه بدأت في السنوات الأخيرة بالخرطوم حركة نشطة هدفها تجميع كل الوثائق السودانية في دار واحدة تحت القيادة الماهرة للدكتور محمد إبراهيم أبو سليم. ووضعت كل الوثائق السودانية في قصر (صادرته حكومة نميري من صاحبه. المترجم) السيد عبد الرحمن المهدي، والذي هو واحد من أشهر شخصيات السودان في القرن العشرين. وفي هذا القصر بحديقته الوارفة الظلال ينعم الباحث في علم التاريخ بالاطلاع على ما يرغب في الاطلاع عليه من الوثائق منذ بدايات الحكم الثنائي وحتى الوقت الحالي، وذلك في أجواء تاريخية historical ambience يزيدها تاريخ المقر وصاحبه ألقا. وللراغبين في البحث في تاريخ مشروع الجزيرة فهنالك مركز لوثائق المشروع في بركات.
دار الوثائق المركزية
لا ندعي أن الوصف الذي سنقدمه عن المواد المتوفرة في دار الوثائق المركزية سيكون شاملا لأسباب كثيرة أهمها هو عدم وجود فهرس (كتالوج) أو قائمة شاملة بكل المواد التي توجد بدار الوثائق المتاحة للاطلاع. ويقضى النظام المعمول به أنه عندما يتقدم الباحث (أو الباحثة) بطلبه للاطلاع على وثيقة ما، فيجب عليه أن يفصح عن عنوان بحثه، وبعدها يتاح له الاطلاع على عدد محدود من الملفات / الأضابير. ويلتزم الباحث بما يقترحه عليه دكتور أبو سليم، والذي يبقي مكتبه مفتوحا دوما أمام البحاث ليسألوه عما يعن لهم. وبالطبع كان من الممكن أن تساهم معرفة الباحث المسبقة بمحتويات الملف في تحضير الأسئلة الملائمة.
وتعتمد القائمة التالية على عام ونصف من الخبرة البحثية والملاحظات عن دار الوثائق. وهي بهذه الكيفية محصورة في نطاق اهتماماتي البحثية، والتي تتعلق بموضوعات التاريخ الاقتصادي والاجتماعي بين عامي 1898 و1925م. ولا تتعداها. ولعل ذلك القيد الزمني كان له دور في إنقاذي، وفي تحاشي كثير من المصاعب والمتاعب التي كنت سألقاها لو شمل بحثي فترات زمنية أكثر قربا، وبالتالي أكثر حساسية. وتقضيني الأمانة أن أذكر أنني لم أصادف في طوال فترة بحثي أي نوع من الحظر على أي وثيقة طلبتها سوى في موضوعين لا ثالث لهما، وهما موضوع الرق وموضوع السيد علي الميرغني والطائفة الختمية. غير أن انطباعي العام عن دار الوثائق السودانية ومديرها أن أي موضوع بحثي شرعي / مشروع، مختار بدقة، ومخطط له بعناية لن يقابل بالرفض بغض النظر عن الفترة الزمنية التي يقوم بدراستها.
ويجب علي كذلك أن أضيف هنا أنه، وفيما يتعلق بشمال السودان، فإن قائمة كل الوثائق الخاصة بغرب السودان (كردفان ودارفور) تكاد تكون مكتملة. أما وثائق الجنوب فمستبعدة تماما لأن أعداد الوثائق عن الجنوب تعد بالآلاف، وليس بالإمكان وصف كل أو حتى بعض محتوياتها في هذا المقام.
لقد أنشئت دار الوثائق القومية في 1956م، عام الاستقلال، وورثت تلك الدار كل ما كان موجودا في مكتب الوثائق التابع للسكرتير الإداري لحكومة السودان. وكان ب. م. هولت، بحسب ما فهمت، هو الذي تولى أمر تنظيمها قبيل نيل السودان لاستقلاله، وكتب، بالمناسبة، كتابه الشهير "دولة المهدية في السودان" في تلك الفترة أيضا. وأعتمد هولت في ذلك الكتاب على وثائق المهدية التي كانت قد نقلت حديثا للدار الجديدة. أما تاريخ فترة ما بعد المهدية، فقد قسم لسلاسل متنوعة حملت اسماء مختصرة مثل CIV و INTELو SEC و CAIRINT وغير ذلك. وما زالت تلك المجموعات مصدرا غنيا بالمعلومات. وتم تنظيم كل تلك الوثائق بحسب الترتيب المعروف عند الإداريين البريطانيين. لذا رتبت الوثائق بحسب الموضوعات، وتبدأ من المرتبة الأولى (إدارة) والمرتبة الثانية (زراعة) والمرتبة الثالثة (متنوعات). ويعمل هذا النظام، وعلى وجه الإجمال، بصورة طيبة، ولا يعزى وضع بعض الوثائق المفهرسة في المكان الخطأ إلا لإهمال أو تقصير من جانب الموظف الذي رتب تلك الوثائق في المبتدأ. وقد تكون النتائج في بعض الأحوال مضحكة نوعا ما. ففي وثائق مديرية كسلا على سبيل المثال كانت الوثيقة الأولى في المرتبة الثانية (زراعة) مرتبة تحت عنوان "زراعة الموالح"، ولكني وجدت فيها وثيقة عن طريقة تحضير مشروب الليمون المسكر Lime cordial! ولكن الأكثر إزعاجا وإحباطا هو عدم القيام بتسجيل تاريخ فتح الملفات في الفهارس التي قام بتحضيرها موظفو الأرشيف. غير أن ذلك العيب قد تم تلافيه في الفهارس المحضرة مؤخرا.
وتحتوي أضابير CAIRINT (وهي اختصار كلمتي مخابرات القاهرة Cairo Intelligence ( على وثائق قسم مخابرات الجيش المصري، وهي المتعلقة بالمعلومات المخابراتية التي تم جمعها من السودان إلى تاريخ "استرداده" في عام 1898م، وفي أثناء شهور تلك الحملة أيضا. ولا تخفى بالطبع أهمية تلك الوثائق للباحث في تاريخ المهدية. وهي مهمة أيضا لمن يبحث في شأن تاريخ السنوات الباكرة من الحكم الثنائي.
أما INTELفهي فرع من مخابرات القاهرة وتتكون من وثائق مكتب مساعد مدير المخابرات والذي كان له فرع في الخرطوم. وتغطي تلك الوثائق فترة الخمسة وعشرين عاما الأولى من عمر الحكم الثنائي، وتتوقف عند منتصف العشرينيات، عندما تمت عملية إعادة تنظيم مكاتب المخابرات، وجمعت كثير من الوثائق تحت إدارة مكتب السكرتير الإداري. وتحوي تلك الوثائق على المجموعة الكاملة لتقارير المخابرات الشهرية، وكذلك على مكاتبات مكتب العمل، والذي أنشئ في عام 1908م لتسجيل المسترقين الذين تم تحريرهم من نير العبودية، وللقيام بتنظيم عملية تبادل العمال قبل بدء الحرب العالمية الأولى.
وهنالك مجموعة أخرى من الوثائق مسجلة تحت اسم DAKHLIA (داخلية) كان مخزنة في وزارة الداخلية. وبما أن وزارة الداخلية كانت في الأصل هي مكتب السكرتير الإداري، فليس من المستغرب أن تكون وثائق الداخلية تشابه الوثائق الموجودة تحت اسم CIV SEC (السكرتير الإداري). كذلك توجد تحت ذلك التصنيف وثائق انثربولوجية وتاريخية فيها كثير من المعلومات عن المجموعات السكانية المختلفة بالسودان.
أما الوثائق المصنفة تحت LANDS 1 و LANDS 2 في تخص مصلحة الأراضي. ويبدأ تاريخها من سنوات الحكم الثنائي الأولى وإلى عام الاستقلال. وفيها تجد كل تصديقات الأراضي التي منحت في القرى والبوادي وطرق شرائها. وليس هنالك من منطق في تقسيم تلك الإِضبارَة إلى جزء أول وثاني، فهما في الواقع سلسلة واحدة ممتدة ، غير أن الأول منهما كان هو الذي بدئ به!
أما الوثائق المضمنة تحت مسمى AGRICULTURE فهي تشبه وثائق الأراضي المذكورة أعلاه، وتضم أيضا وثائق عن مشروع القاش، وعن ورخص الطلمبات الزراعية، والعوائد المفروضة على المياه، وعددا آخر من وثائق مشروع القاش.
أما الوثائق المضمنة تحت مسمى FINANCE فهي خليط من أصناف مختلفة من الوثائق صدرت عن مكتب السكرتير المالي في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية. وهنالك وثائق تحت مسمى FINANCE 1 وأخرى تحت مسمى FINANCE 2، وهنالك فرق جوهري في الأهمية بين النوعين. وكنت قد شاهدت شخصيا تلك الوثائق تنقل ذات يوم على شاحنة ضخمة من وزارة المالية لمقرها الحالي بدار الوثائق في أبريل من عام 1982م. وأكتمل تصنيف تلك الوثائق وفهرستها في سبتمبر من عام 1983م، وقت مغادرتي النهائية لدار الوثائق.
أما الوثائق المفهرسة تحت اسم DEP REPORTS فهي مجموعة كبيرة من الوثائق المفهرسة لتقارير الحكومة المركزية والتقارير السنوية لمختلف المصالح مثل الثروة الحيوانية والزراعة والتعليم والصحة والري والتجارة. ويبدأ تاريخ غالب تلك التقارير من منتصف الثلاثينيات وحتى خمسينيات القرن الماضي. وهنالك سلسلة متخصصة أخرى من الوثائق مصنفة تحت اسم REPORTS، وهي تقارير للجان متخصصة مثل تقارير لجان مشاريع النيل. وهنالك وثائق مصنفة تحت اسمي "منشورات PUBLICATION " و"متنوعات MISCELLANOUS" ينبغي على المرء أن يجرب حظه وأن يطلع عليهما عل وعسى أن يجد فيهما شيئا مفيدا (grab -bag)!
وعند النظر إلى وثائق المديريات، نجد أنها مقسمة إلى 11 مجموعة. منها وثائق المديرية الشمالية (NORTHERN) وبها ثلاثة أضابير، وجلها تغطي الفترة بين عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي. وكانت المديرية الشمالية قد أنشئت في منتصف الثلاثينيات بعد أن تم ضم المديريات (القديمة) حلفا ودنقلا وبربر في مديرية واحدة اسمها "المديرية الشمالية". وبما أن الدامر قد اختيرت لتكون عاصمة لتلك المديرية (الجديدة) فلا غرو إن أتت غالب الوثائق عنها من مديرية بربر السابقة وليس وثائق حلفا ودنقلا، والتي لا يستبعد أن تكون وثائقهما القديمة مخبوءة في مكان ما بوادي حلفا أو مروي. ولاحظت، على وجه العموم، أنه كلما هبط الترتيب الإداري لمنطقة أو مدينة ما، كلما قلت الوثائق القديمة المحفوظة عنها.
أما وثائق الخرطوم (KHARTOUM) فهو يحوي كل المراسلات الرسمية للمديرية. غير أنه مكون من ملفين، اولهما لا يحتوي إلا على صفحات قليلة، وثانيهما ملف آخر به مئات الصفحات.
وتشمل وثائق بورتسودان PORT SUDAN ملفات مديرية البحر الأحمر، والتي كانت "إدارة بورتسودانسواكن" جزءا منها في أواخر عشرينيات القرن العشرين. وبعض تلك الوثائق قديمة نسبيا ويعود تاريخها إلى ثمانينيات القرن التاسع عشر حين كانت سواكن هي الموقع الحربي الوحيد الذي تسيطر عليه القوات المصرية – البريطانية. بينما كانت أغلب بقية الوثائق عن الفترة بين عامي 1920 – 1930م (وينطبق ذات الشيء على وثائق كسلا KASSALA. المترجم).
أما أضخم مجموعات الوثائق فهي وثائق النيل الأزرق (BNP)، فهي تشمل كل ما ضم لتلك المديرية من مديريات كان اسمها في السابق مديريات الجزيرة والفونج والنيل الأبيض. وتضم تلك الوثائق أيضا ملفات عن الدويم بين عامي 1920 و1950م، وأخرى صادرة من مكتب معتمد الجزيرة، وهو منصب أستحدث لمن كان يقوم على أمر انشاء مشروع الجزيرة في نهايات عشرينيات القرن العشرين.
أما وثائق كردفان (KORDOFAN)، فهي رديئة الفهرسة فيما يتعلق بوثائق ما قبل الحرب العالمية الثانية. وينطبق ذات الوصف على الوثائق الفرعية الخاصة بمدن الأبيض والنهود وبارا. غير أن وثائق دارفور (رغم عدم معرفتي اللصيقة بها) مكتملة تقريبا بحسب ما سمعت ممن استخدموا فهارسها.
وفي الفترة التي قضيتها في البحث بدار الوثائق كانت ساعات العمل تمتد من الثامنة صباحا وحتى الثانية ظهرا من السبت إلى الخميس. وكانت هنالك آلة وحيدة للتصوير تعمل أحيانا، وأخرى للمايكروفيلم تعمل من وقت لآخر. ويجب على الباحث هنا أن يدرك أن هنالك فرصا لتصوير المواد الموجودة في الدار، غير أنه من الخطأ أن يتوهم الباحث أن بمقدوره القيام بذلك فعليا، إذ أن السماح بذلك يعتمد بالطبع على موافقة المدير.
دار وثائق مشروع الجزيرة في بركات
توجد وثائق مشروع الجزيرة في مركز المشروع في بركات بالقرب من واد مدني. وهي تحتوى على كل ما له علاقة بتاريخ المشروع وجميع مراسلات مشروع المزارع السودانية Sudan Plantations Syndicate والتي كانت تدير مشروع الجزيرة قبل عام 1950م. ويقوم على دار وثائق مشروع الجزيرة الآن عبد المتعال حسين الدالي، والذي وجدته رجلا شهما هميما لا يضن على أحد بوقت أو عون. وكان السيد دالي هو أول من عبر لي عن أسفه للنقص الواضح في فهرسة أرشيف الوثائق. فالفهرس لا يغطي إلا جزءا صغيرا من الوثائق الكثيرة الموجودة. ولا يمكن بالطبع الاستفادة البحثية من كل ذلك الكم الهائل من الوثائق غير المصنفة أو المفهرسة. وكنت مهتمة بالحصول على أسماء أبْكار المزارعين الذين بدأوا العمل في مشروع الجزيرة. وبعد جهد جهيد وعون مقدر من مدير الدار عثرنا على نحو ثلاثين ملفا (بها أوراق غير مثبتة loose – leaf ( فيها كل المكاتبات الخاصة بتخصيص حواشات لعدد من المزارعين في بدايات المشروع. وفي ظني أن كثيرا من الباحثين سيوفقون هنا في الحصول على وثائق مهمة كثيرة إن كانت لديهم أفكارا بحثية محددة. وتفتح هذه الدار أبوابها في حوالي الساعة السابعة والنصف وتغلقها عند الواحدة والنصف ظهرا يوميا من السبت إلى الخميس. ولا توجد بالدار آلة للتصوير، غير أني علمت أنه يمكن لأي باحث عمل مايكروفيلم شخصي، رغم أني لم أستقصى تفاصيل تلك النقطة تحديدا.
السكن والترحيل
يجدر لي قبل اختتام هذا المقال أن أذكر شيئا عن سكني بالخرطوم.
تقع دار الوثائق في موقع استراتيجي بشارع الجمهورية، في منتصف المنطقة بين جامعة الخرطوم ومركز المدينة (انتقلت الدار في ديسمبر 2006م لموقع جديد في شارع السيد عبد الرحمن. المترجم)، وبذا كانت الدار على مسافة قريبة نسبيا (يمكن قطعها مشيا بالأقدام) من أماكن السكن التي كانت متوفرة لي. ولقضاء أيام قليلة يمكن للباحث (الأجنبي) السكن في فندق الشرق أو آسيا (وسكن فيهما بالفعل بعض من عملوا بدار الوثائق)، وأسعارهما معقولة جدا. غير أنه يحسن بمن يرغب في العمل البحثي بالدار لعدة شهور أن يدبر مع عميد الدراسات العليا بجامعة الخرطوم أمر العثور على غرفة خالية من غرف الطلاب أو الأساتذة. وكنت أنا من المحظوظات اللواتي ظفرن بسكن في داخليات الطالبات، وهي بالطبع أرخص من أي فندق بالمدينة.
وليس ببركات مبلغ علمي أي فنادق، غير أنه توجد في واد مدني فنادق معقولة منها فندق كونتيننتال Continental (أو "الكوتنتيتل" عند بعضهم! المترجم). وبركات هي على بعد مسافة قصيرة من واد مدني يقطعها "بوكسي التويوتا" في دقائق قليلة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.