عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. هذه الكلمات قالها الشارع السوداني بصورة عفوية للفريق عبود أثناء تقاعده وكان يجب أن تقال في حق ثورة إكتوبر التي تمر هذه الأيام ذكراها المجيدة في 21 إكتوبر 1964م وهي بكل تأكييد ثورة عظيمة وحدث فريد في تاريخ السودان الحديث لكون الجميع قد شارك في هذا الحدث من أقصي اليمين إلي أقصي الشمال ويمين الوسط وكما قال الراحل الفنان محمد وردي في إحدي حفلاته التي قدم فيها الأناشيد المعروفة بالإكتوبريات: عندما تفجرت ثورة إكتوبر قال الأخوان المسلمون نحن من فجر الثورة بحديث الأستاذ حسن عبد الله الترابي في ندوة جامعة الخرطوم الشهيرة وجاء الشيوعيون في اليوم الثاني ليقولوا نحن من قدم شهيدين من شهداء الثورة وقال العسكريون نحن من قام بحماية الثورة عندما حاصرنا القصر وطلبنا من نظام الفريق عبود الإمتثال لإرادة ورغبات الشعب . فهي إذا ثورة جميع أهل السودان بكل تفاصيلها من عمل شعبي وجماهيري وطلابي ونقابي وريف وحضر فقد مات شهيد الثورة أحمد القرشي في قلب الخرطوم ودفن في قريته(( القراصة)) بالنيل الأبيض وسيرت السكة حديد القطار الشهير من كسلا إلي الخرطوم لدعم الثورة . وكانت إكتوبر هي ثورة الحرية وكان ثوار إكتوبر يعتقدون أن المشكلة الحقيقية أمام التقدم والتطور في السودان هي مشكلة الدكتاتورية والقمع علي يد نظام الفريق إبراهيم عبود الذي صادر حرية التعبير وحرية الصحافة من أول يوم وصل فيه للسلطة ومنع الكلام في كل شئ والكتابة في كل شئ وراهن علي القوة العسكرية والمادية لحل المشكلات بما فيها مشكلة الجنوب التي كانت ضاغطة وملحة وحرجة . وكان السودانيون يعتقدون وإلي يومنا هذا أنهم إذا أتيحت لهم الحرية فإنهم قادرون علي تسوية قضاياهم وحل مشكلاتهم من خلال الحوار والتفاهم وبعد مرور كل هذه السنوات والعهود نجد أنفسنا نتحسر علي فرصة إكتوبر التي ضاعت من بين أيدي الجميع وتوالت الخيبات بإنفصال جنوب السودان عن الوطن الأم وسكن دارفور شيطان الحرب وبقي شرق السودان علي صفيح ساخن كما يقول المثل . بل إن الإمور والمفاهيم نفسها إختلطت ما بين حكم الأحزاب وحكم العسكرلكون جوهر الأولي هو الفوضي وجوهر الثانية القمع والإستبداد وفي ظل هذه التناقضات أصبح من الصعب تحقيق الديمقراطية المستدامة والتبادل السلمي للسلطة بل إن السودان بدل من يصاب بالإنفجار السكاني أصبح يعاني من الإنفجار الحزبي قرابة المئتين حزب وحركة وتيار تشارك في الحوار الدائر الآن ومثلها من الأحزاب والحركات والفرق والجماعات تقف في خانة المعارضة والرفض للحوار لكونه لايلزمهم . التشاكس والإقصاء وعدم الإعتراف بالآخر حالة تعتري الكثيرين وتحتاج إلي ثورة مفاهيم علي قرار ما حدث في إكتوبر ولكنها علي برنامج يضعه الشعب ويلتزم به الجميع