بلينكن عن التدقيق في مزاعم انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان: سترون النتائج قريبا    عام على الحرب فى السودان.. لا غالب ولا مغلوب    يمضي بخطوات واثقة في البناء..كواسي أبياه يعمل بإجتهاد لبناء منتخبين على مستوى عال    اللواء 43مشاة باروما يكرم المتفوقين بشهادة الاساس بالمحلية    السيارات الكهربائية.. والتنافس القادم!    واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر    الخطوة التالية    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    سوق الابيض يصدر اكثر من عشرين الف طنا من المحاصيل    الأكاديمية خطوة في الطريق الصحيح    شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعتذار واجب لكل إمرأة سودانية .. بقلم: البروفيسور عبدالرحمن إبراهيم محمد
نشر في سودانيل يوم 08 - 03 - 2016

هذه قصيدة تنشر لأول مرة كاملة. فقد نشرت منها بعض أجزائها فقط، لأننى كنت أحتفظ بها كاملة لنشرها كجزء من كتابى بنفس العنوان "إعتذار واجب لكل إمرأة سودانية". ولكننى اليوم فى هذا العيد العالمى ليوم المرأة رأيت الإلحاح على نشرها وقد تكرمت بعض شاباتنا بنشر تلك الأجزاء التى نشرت منها من قبل على صفحات "الفيس بوك".
واليوم بمناسبة اليوم العالمى للنساء، ونزولا عند رغبتهن، أنشرها كاملة. وكنت قد كتبتها حينما تبارى بعض سفراء السودان فى التغزل بوزيرة خارجية دولة موريتانيا المتزوجة دون مراعاة لمتطلبات الإنصياع لأوامر الله ولا مشاعر زوجاتهم وأسرهم ولا حرمة بروتوكولات وزارة سيادية ولا إحتراما لشعب كريم يفترض فيهم أنهم يمثلوه. فقد تباروا بالتشهير بإمراءة متزوجة أولا ومسئولة سيادية فى بلادها المحافظة ثانيا. فما راعوا حقها كإنسانة مالها فى كونها أنثى يد؛ ولكنها وقعت فى إنتباه مجموعة من المهووسين. فلم يراعوا لها أو لزوجها وكرامته، ولا أهلها وعشيرتها التى عرضوها للتجريح والإساءة الإجتماعية البالغة؛ مما يعرف عن أهل تلك الديار. وماتفكروا لحظة فى كل التداعيات الكارثية لمغامرتهم تلك التى يتحرج منها حتى المراهق الأشر. فرأيت فى ذلك مالم يره غيرى، كما يبدو. رأيت سقوطا مؤلما على خمسة عشر صعيدا خلفها ذلك الفعل الشائن.
وأنا حين أكتب ما يستتبع من سطور لا أفعل ذلك نكاية بأحد منهم أو تشفى شخصى فيهم. فأنا لا أعرف أحدا منهم، ولم تشأ الأقدار أن أعرف شيئا عن أخلاقياتهم ومثلهم. ولكنى أعالج فعلا إجتماعيا أتوه نهارا جهارا وعلى رؤوس الأشهاد. بل بالغوا فى إذاعته ونشره وبثه عبر وسائط الإعلام فى كل أرجاء الدنيا وأصقاع الأرض. وعليه فإن ما أكتبه يسعى لأن يبين فداحة الفعل وشائن التعاطى معه، حتى ولو كان ذلك خطأ غير مقصود، أو أنهم لم يتدبروا توابعه وإسقاطاته. فإن الرجل العاقل يفترض فيه أن يزن أفعاله قبل الإتيان بها. وتلك حكمة يجب أن يتحلى بها كل الرجال ناهيك عن من هم فى مقامهم من مسئولية ومناصب حساسة. لذا فأنا أعالج الأمر كظاهرة إجتماعية سيئة وخطاء أخلاقي فادح وجرم ديني بين وجرح نفسى ممض، ناهيك عن من أتى به؛ وإن كان من أتوا به أوجب للمحاسبة والمساءلة. فهؤلا يتوقع منهم الحكمة والوعى والحصافة والإتزان.
فعلى الصعيد الأول رأيت كيف تدوس مراهقة الشيوخ تلك على أوامر الله عز وعلا وتعاليم رسوله الكريم (صلى الله علية وآله وصحبه وسلم) رغما عن أنهم يمثلون نظاما يدعى رفع لواء الإسلام بضجيج غير مسبوق. فكيف لنا أن نثق فى صدق نوايا هؤلاء القوم وهم يتمشدقون بأنهم يمثلون دولة "لا إله إلا الله" و "هى لله". فالله قد حدد بوضوح حرمة التشبيب بالنساء وإفشائه وإذاعته. وقد إستشهد العلماء بقول الله عز وعلا فى سورة الأحزاب الآية 58 "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد إحتملوا بهتانا وإثما مبينا". وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إذاعة وصف الزوج لزوجتة. فكيف بهؤلاء يصفون مفاتن إمراءة متزوجة. وقد ذكر بحر علوم الشريعة موفق الدين بن قدامة: بأن "التشبيب بإمراءة معينة والأفراط فى وصفها حرام بإجماع". وقد وافقه جمع العلماء بأن التشبيب غزلا فى إمراءة غريبة محرمة على المتشبب حرام قطعا، لما يجره من إيذاء لها ولأهلها وهتك خصوصيتها والتشهير بها وجعلها موضع القيل والقال.
والصعيد الثانى الذى أجرموا فيه هو حقها كإنسانة متميزة حققت نجاحات أهلتها لشغل موقع سيادى بكفاءة. فجردوها من كل ذلك وشيئوها كمبتغى حسى وتجسيدا لأنوثة تثير فيهم غرائز رجال ظلوا على مراهقتهم منذ أن بلغوا الحلم. فكما رأت صحيفة "السراج" الموريتانية أن قصائد التغزل بالوزيرة الشابة كان "تصرفاً غير لائق ومهين، و... رؤية دونية للمرأة التي جاءت تمثل بلدها". بل كما قالت الصحيفة "أنه من غير اللائق وفق الاعراف الدبلوماسية والحركات النسوية العالمية أن تتحول سيدة تقوم بتمثيل بلادها إلى مجرد إمرأة مثيرة لغرائز اللوعة والوجد." ولكن الدبلوماسيون المراهقون ما رأوا أن فى فعلتهم تلك إحتقارا للمرأة وإغتصابا نفسيا ومعنويا لها. ومافكروا لحظة، من وهم شبقهم المسرف تزييفا، كيف يكون وقع ذلك على نفسها، ومدى أساها وتجريح مشاعرها وهمها فى التعامل مع زوجها وأبنائها وأهلها وزملائها ومرؤوسيها، كما سنرى فى الآتى من تحليلنا.
وفوق ذلك فقد خالفوا شرع الله فى ذلك بتجريد المرأة من أدميتها المتساوية مع الرجل التى كرمها الله بها إذ قال فى الآية الأولى من سورة النساء: "يا أيها الناس إتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا ونساءا واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا". وأضاف المولى عز وعلا إكراما للإنجاز غض النظر عن الرجل والمرأة فى الأية 97 من سورة النحل: "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون". وفى قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذى رواه أبو داؤود تأكيد لهذه المساواة والتقدير: "إنما النساء شقائق الرجال ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم". فكيف بهؤلاء لايرون فى المرأة إلا جسدها ومفاتنها التى نهى الله عن النظر إليها تلذذا بهيميا وتشيئا لها؛ وقد ساواها الرسول فى أبعاد إنسانيتها وآدميتها بالرجل وجعلها صنوا له؟
والوزيرة المظلومة مالها يد فى أوهام عشعشت فى عقولهم كنظرة دونية لكل إمرأة -- لايرون فيها غير أنوثتها الحسية، فيجردونها من عقلها المفكر وإنسانيتها المتفاعلة. وهى نظرة أجملها الفيلسوف الفرنسى فوكو فى أن مفهومى الجسد والجنس فى حقيقتهما نتاج ثقافة-حضارية، وليس ظاهرة طبيعية، وهدفها المعرفى هو سيطرة القوة على الجسد بإخضاعة فى وداعة إستكانة مذلة، وبالتالى ضمان نمو تلك القوة وتمددها إعتمادا على تلك المعرفة والتى تبسط لها القوة الفرصة للتمدد. فتظل العلاقة بين المعرفة والقوة علاقة تبادلية تنمى كل منهما الأخرى فى تمدد إضطرادى. وهى فى رأيى ممارسة لتلك الأيدولوجية المترسبة فى اللاوعى فى مسعى الرجال، الذين يتمتعون بسلطة القهر والإخضاع، لإثبات قوتهم، بما لهم من صلاحيات ثقافية-حضارية فى المجتمع، بتحديد مكان المرأة وتعريفها ودورها بما يخدم أحساسهم بالتفوق والسيطرة. ففى حالة هؤلاء السفراء، فإنهم من صنف ذلك النوع من الرجال الذين لاتعنيهم مشاعر المرأة. يتباهون برجولتهم الزائفة على حساب كل أنثى – ماهمهم. وهم فى واقع الأمر يعانون من أعراض مرض نفسى خطير يسمى "الممارسة السرية العقلية". وهى من ضروب استبطان المراهقة ونزواتها، وإندغامها فى الكيان والشخصية والميول.
والصعيد الثالث الذى أجرموا فيه هو حق زوجها المكلوم الذى إرتبط بها. ولاشك أنه تأذى من تشبيب الرجال بعرضه وزوجته التى صارت فى كنف رباطهما الزوجى المقدس. فلم تطرف لهم طرفة. ولم يفكروا حتى فى كيف يمكن أن يكون وقع ذلك الأمر عليه. فكيف بالله عليكم أن يستمرئ هؤلاء العصاة التغزل فى إمراة متزوجة؟ أيرضون ذلك فى نسائهم أو بناتهم؟ فإن لم يرضوه، فلم يفعلوه فى نساء الرجال؟ وإن رضوه فقد وقع فيهم حكم الإسلام ورسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه: "لا يدخل الجنة ديوث". أوكانوا يقبلون لو تغزلت زوجاتهم فى وزير خارجية المغرب أو إثيوبيا؟ إذا، كيف أتو بذلك الفعل؟ وهو مخالفة بينة للشرع لا لبس فيها؛ وهم الذين يمثلون دولة تدعى إقامة دين الله فى الأرض! فكيف تسمح لهم أنفسهم ودولتهم بإنتهاك حرمة إمرأة مسلمة محصنة؟
وقد نهى الله سبحانه وتعالى حتى عن النظر إلى النساء، خاصة المتزوجات بنصوص صريحة لا لبس فيها ولاغموض. وقد عز القائل فى الآية الثامنة والثمانين من سورة الحجر: "لاتمدن عينيك إلى مامتعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم وأخفض جناحك للمؤمنين". وأكد ذلك مرة أخرى فى سورة طه فى الآية العشرين "ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى." صدق الله العظيم.
وهؤلا لم ينظروا فقط بل تمعنوا وتفحصوا وتغزلوا فى مفاتن تلك المرأة فى إغتصاب معنوى؛ ضاربين بعرض الحائط قول الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه؛ وقد وقع عليهم حكم الزنا بذلك، كما رواه أبو هريرة فى قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب على ابن ءادم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فالعين تزني وزناها النظر." وقد نصح خله ورفيق دربه وأبن عمه الكرار على، كرم الله وجهه، قائلا: "يَا عَلِيُّ لا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَة"ُ
ومن عجائب الأمور أن الذين يشمعلون فى جلد الفتيات وإهانة النساء بأنهن لا يرتدين الزى الشرعى صمتوا صمت القبور على هذه الفعائل الشائنة. فما سمعنا من يتنطعون بحماية الفضيلة وشرع الله يتفوهون ولو بكلمة تستنكر إشاعة ذلك الحرام من القول والنظر والتشبيب. ولم ينبس أدعياء الدين ودعاة الفضيلة والطهارة ببنت شفهة. ولو شاءت الأقدار وكانت المتغزلة إمرأة لقامت الدنيا ولم تقعد وأهدرت أطنان الأحبار فى إصدار الفتاوى والمقالات لإنعدام الحياء وإنحطاط النساء والفسق والفجور. وفى تدبيج الخطب من على المنابر تنعى لنا التراث والعفة والطهر.
والأدهى من ذلك كله أن أحد القائمين على أمر الدين فى العالم بأسره وهو مدير إدارة المنظمات الدولية بالأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة جاراهم فى فعلتهم بنظم منه. ومن المحزن حقا أنه، بحسب إفادة بعض أجهزة الإعلام التى نقلتها المواقع ألألكترونية، أنه أرسل قصيدته تلك "سرا إلى وزيرة الشؤون الخارجية والتعاون الدولى الموريتانية وأوصى أن تبقى قصيدته طى الكتمان."! فيا للأسف! فبدلا عن أن يقوم بتقريع المتشبيبين كواجب دينى ويصدهم عن فعلهم المحرم ذاك، جاراهم وفاقهم بأن بعث بقصيدته إلى المتشبب بها شخصيا. ولكن ليس مستغربا منه أن يفعل ذلك وهو واحد من بطانتهم وعصبة نفاقهم. أليس فى فعلته تلك إغواء وغزل ومراودة عاطفية يرفضها الشرع ويستهجنها الضمير وتأباها الرجولة والشهامة والنخوة؟ فقولوا لى بربكم كيف يمكن أن يؤتمن مثل هذا على أمر الإسلام على نطاق العالم كله؟
وتزامن ذلك مع موجة كانت قد إرتفعت فيها الدعوة إلى أن "زواج الموريتانيات أحلى زواج" و "زواج المغربيات أحلى زواج" و "زواج الألمانيات أحلى زواج"... وكل نساء الأرض تمجيدا لهن ماعدا السودانيات، عزنا و فخر بلادنا. فكانت تلك المقالات والقصائد سبرا لعمق دور المرأة السودانية التاريخى والإجتماعى والإقتصادى و السياسى والثقافى والفنى والأدبى، ومضاهاة ذلك بالتاريخ الإنسانى والدين الإسلامى والتحليل النفسى المجتمعى. وفى تلك المقالات والقصائد، التى أنتوى نشرها فى كتاب كما ذكرت، تحليل للتبخيس المتواصل للمرأة السودانية والإساءة إليها وتجريحها وإهانتها وتجريدها من إنسانيتها، فى الوقت الذى يتنامى فيه قدرها وهى تتقدم الصفوف فى عطاء مميز وتجرد. ولكننى اليوم أكتفى بهذه القصيدة إلى أن يأذن الله بنشر المخطوطة؛ متمنيا أن تتملك نساؤنا الثقة فى أنفسهن وعزتهن وجلال قدرهن وتقديرنا لهن فى هذا اليوم الذى يحتفى فيه العالم بيوم النساء العالمى. وما هذه إلا مجرد تعبير عن ذلك التقدير لأمهاتنا وزوجاتنا وإخواتنا وبناتنا، لهن العزة والمجد.
___________________________
إعتذار واجب لكل إمرأة سودانية
----------------------------------------------
عزيزاتى أسوقُ أساىَ معذرةً ولبُ القلبِ مُنْفطرُ
أُغالِبُ دمْعَةً حَرَّى تؤكدُ أن العقلَ مُنشَطِرُ
دركا تدَنَّينا وأرْضُنا انقسمتْ ونارالحَربِ تسْتعِرُ
وسُودانُنا فى كلِ المحافلِ فاشلٌ، وجهٌ كالحٌ كدِرُ
والعارُ يكْسُونا بهِ سُفَراءُ سوءٍ خَيرُهُم ضَررُ
وفودُ تبريرٍ للقتلِ والتعذِيبِ دورٌ خَائِنٌ قذرُ
ساقِطُ القولِ شِيمَتهُم وجرائِرُ الإسفافِ غَيرَهُ كُثُرُ
فُجُورُ فِعالٍ لا حَياءَ لهم وشِعرٍ شَابهُ العُهْرُ
مَرضَى دواخِلُهم بتشْبِيبٍ وفُسقٍ عافهُ الشعرُ
يزدَرُون كِتابَ اللهِ معصيةً وإنكاراً لما به أُمِروا
حرامٌ قولهم شرعا نهتْ عن فِعلِهِ الآياتُ والسورُ
لا تمُدَّن عينيكَ إلى مامَتعنا به" قالتِ الحِجرُ" 1
وطهَ و"ما متعنا به أزواجاً" لدُنيا حَياتِهمْ زَهرُ 2
حَدُ الفضح والتشْهيرِتعزيرٌ وعليهمُ الجلدُ والزجرُ
فَخياتِى لبِنطالٍ جُلِدنَ أذىً بظُلمٍ صَاغَهُ القهرُ
فاقتْ وَضَاعتهُمْ قاعَ حضيضٍ كُلَّ ماغاصَ ينحدرُ
يَنْسِون من بَطرٍ فى العيشِ شَعباً ناشَهُ الفقرُ
فى بلدٍ يَمُوتُ الناسُ جُوعاً وكم أفنَاهُم العُسْرُ
لابؤسٌ يُحَرِّكُهم قلُوبٌ من جُمادٍ صَلدةٌ صَخْرُ
أخلاقُ رِعَاعٍ ولفظٌ عنهُ ينأى الفاسِقُ الأشِرُ
مُرَاهَقةٌ تأذَّى من خَطبِ وقْعَتِها الأبناءُ والأُسَرُ
ياويلَ زوْجَاتٍ وفَينَ لهُمْ أهانُوهُنْ وماشَعرُوا
أدْموا لهُنَّ كرَامةَ الإحساسِ تجريحاً بما نشرُوا
قلبى عَليْهِنَ أسىً، كَسْرُ الكرامَةِ مالهُ جَبْرُ
كمْ سَهِرنَ طِوالَ ليالٍ ملؤَها الإحْبَاطُ والضَجرُ
حَرقُ الحَشا ونزفُ دُموعٍ بطولِ الليل تنهمرُ
يخفُونُ بالتشْبِيبِ أسرارَ الخِباءِ وكُلُّها وِزْرُ
كحُكمِ العظمِ فى العذرىِّ: عجزٌ زادهُ الخَوَرُ 3
سفاسفةً لاضَميرَ لَهُم بعِنةِ فكرٍ مالها عُذرُ
خِدجُ الحِجَى بلْ عُمْىُ البصِيرَةِ مالَهُم نَظرُ
نَضارُ البانِ فى بلَدى وهُمْ يَستهْويهُمُوا العُشرُ
لا تحْزنَّ خَيَّاتى فَهُمو الهوامُ والجُرذانُ والحَشَرُ
وغباءٌ تآذت من صُمخِه البُغْلانُ والحُمْرَانُ والبقرُ
لك يا بنت مكناس معذرة فأهلُك العُلماءُ والخِيَرُ
وأنتِ فى حِفظٍ يابنتَ الكرام وصَونٍ أصله الطهرُ
فرَبْعُ شنقيطَ دارُعلمٍ وهدىً ومَابِه غَدْرُ
خِزيًا تَنطَّع السَفهاءُ مِنَّا فجئناكُمُ للدارِ نعتذرُ
نَرُومُ الصَفحَ إذ قدْ ذاعَ قِيحُ القولِ والخبرُ
لكنْ ماهَمَّنى أبَداً إن كُنتِ فاتنةً أو للدُنا بدرُ
أو نَفرٌ تغَزَّلَ فيكِ شعراً ممن دِينُه المَكرُ
فَنِساءُ قوْمى لامَثيلَ لَهُنْ بِهِنَّ العِزُ والفخْرُ
ووطنى أحَبُ إلىَّ من روحى فَدَاه القلبُ والبصرُ
لبنَاتِنا شَهِدتْ بناتُ الحورِ وأمَّنَ الجنُ والبشرُ
بهِنَّ تَغَّنتْ طيورُ الشوقِ ألحاناً وصفَّق النهرُ
وكخَطوِهِنَّ ارتَقى رقصُ الفراشِ فأيْنَعَ الزهرُ
واحتذتْ من سَنا أرواحِهِّن بريقها الأفلاكُ والقمرُ
جمالُ مَفَاتن قِدٍ وسحرُ لحاظٍ زانَها الحَورُ
أجَلُّ إناثِ الأرضِ خَيَاتِى وكُلْ ما أنْجَبَ الدهرُ
قاتَلنَ العِدى عَبرَ الزمانِ ودوماً حَفَّهُنْ نصرُ
قَاومْنَ الطُغاةَ مضاءةً ماشابَهُنْ خَوْفٌ ولاذُعرُ
حَفِظنَ تراثًا للورى مَثلاً تزهوبه الأمجادُ والعِبرُ
بعزمٍ زَرَعْنَ بلاداً رَوتها الأنهارُ والآبارُ والمطرُ
دأباً عَمِلنَ بليلٍ وإصباحٍ ما عاقَهُنْ بردٌ ولاحرُ
وكمْ أجْيَالاً رَعَينَ بحِنكةٍ فحارتِ الآسادُ والنُمُرُ
نشدن مراقىٍ للمعارفِ والعُلومِ عُلاً فأذعَن القدرُ
الطبُ بالجَهدِ دانَ لهنَّ والإعِمارُ والتعدِينُ والفِكرُ
طرَقنَ بحُورَ النظمِ إبداعًا وانثالَ من إقلامِهنْ نثرُ
ياباسِقاتَ النخلِ مُثمرةً بكُّن تَزَّينَ الطلعُ والتمرُ
ويانَديَّاتَ اللِّين سَامقة أنتُنَّ حَقا للمُنتهى سِدرُ
فكل نساء الأرض أحجارٌ وأنتُنَّ الياقوت والدررُ
---------------------------------------------
سورة الحجر - سورة 15 - آية 88 -1
"لا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين"
2- سورة طه - سورة 20 - آية 131
"ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وابقى"
3- إشارة إلى كتاب صادق جلال العظم الذى طرح فيه رأيه فى شعر الغزل: فى الحب والحب العذرى
--------------------------------------------
عبدالرحمن إبراهيم محمد
بوسطن الولايات المتحدة
27 مارس 2010
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.