السودان.. خبر سعيد للمزارعين    معتصم جعفر يصل مروي ويعلّق على الحدث التاريخي    جهاز المخابرات العامة في السودان يكشف عن ضربة نوعية    البرهان يضع طلبًا على منضدة المجتمع الدولي    بالفيديو.. مطربة سودانية تقدم رقصة مثيرة أثناء إحيائها حفل خاص وتتفاجأ بأحدهم قام بتصوير اللقطة.. شاهد ردة فعلها المضحكة    الدعم السريع يشدد حصار الفاشر بحفر خنادق عميقة حول المدينة    بحضور رئيس مجلس الوزراء ووالي ولاية البحر الأحمر... "زين" ترعى انطلاقة برنامج "قرع الجرس" لبداية امتحانات الشهادة السودانية    الصحة العالمية: يوجد فى مصر 10 ملايين لاجئ ومهاجر 70% منهم سودانيون    لقاء بين"السيسي" و"حفتر"..ما الذي حدث في الاجتماع المثير وملف المرتزقة؟    عيد ميلاد مايك تايسون.. قصة اعتناقه الإسلام ولماذا أطلق على نفسه "مالك"    مزارعو السودان يواجهون "أزمة مزدوجة"    تمت تصفية أحد جنود المليشيا داخل مدينة نيالا بعد أن وجه إنتقادات حادة للمجرم عبدالرحيم دقلو    ذكري 30 يونيو 1989م    دبابيس ودالشريف    ملك أسبانيا يستقبل رئيس مجلس السيادة السوداني    باريس سان جيرمان يكتسح إنتر ميامي في كأس العالم للأندية    السجن المؤبد عشرين عاما لمؤيدة ومتعاونة مع مليشيا الدعم السريع المتمردة    وصول الطاقم الفني للمريخ برفقة الثلاثي الأجنبي    رسائل "تخترق هاتفك" دون شبكة.. "غوغل" تحذّر من ثغرة خطيرة    الجيش السوداني يستهدف مخزن ذخيرة للميليشيا ومقتل قائد ميداني بارز    بعد تصريحات الفنان شريف الفحيل الخطيرة.. أسرة الفنان الراحل نادر خضر تصدر بيان هام وعاجل.. تعرف على التفاصيل كاملة    بالتنسيق مع الجمارك.. خطة عمل مشتركة لتسهيل وانسياب حركة الوارد بولاية نهر النيل    بعد ظهور غريب..لاعب الهلال السوداني يثير جدلاً كبيرًا    "مخدرات في طحين الإغاثة".. مغردون يفضحون المساعدات الأميركية لغزة    مصادرة"نحاس" لصالح حكومة السودان    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    الجَمْع بَينَ البُطُولَتين    رونالدو: الدوري السعودي أحد أفضل 5 دوريات في العالم    مِين فينا المريض نحنُ أم شريف الفحيل؟    تيم هندسي من مصنع السكر يتفقد أرضية ملعب أستاد حلفا الجديدة    حادثة هزت مصر.. تفاصيل حزينة لمأساة "فتيات العنب"    إبراهيم شقلاوي يكتب: خميس الفكرة والنغم وتقرير المصير!    جار التحقيق في الواقعة.. مصرع 19 شخصًا في مصر    مصري يطلق الرصاص على زوجته السودانية    تعثّر المفاوضات بين السودان وجنوب السودان بشأن ملف مهم    لاحظت غياب عربات الكارو .. آمل أن يتواصل الإهتمام بتشميع هذه الظاهرة    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    شاهد بالصورة.. الإعلامية السودانية الحسناء شيماء سعد تثير الجدل على مواقع التواصل بالبنطلون "النمري"    شاهد بالفيديو.. الفنانة اليمنية الحسناء سهى المصري تخطف الأضواء على مواقع التواصل السودانية بعد تألقها في أداء أشهر أغنيات ثنائي العاصمة    شاهد بالفيديو.. الفنانة فهيمة عبد الله تغازل عازفها الجديد في إحدى حفلاتها الأخيرة وجمهورها يرد: (مؤدبة ومهذبة ومحتشمة)    تراثنا في البازارات… رقص وهلس باسم السودان    يعني خلاص نرجع لسوار الدهب وحنين محمود عبدالعزيز..!!    مكافحة المخدرات بولاية بالنيل الابيض تحبط محاولة تهريب حبوب مخدرة وتوقف متهمين    استدعاء مالك عقار .. لهذا السبب ..!    "سيستمر إلى الأبد".. ترمب يعلن بدء وقف إطلاق نار شامل بين إسرائيل وإيران    مزارعو القضارف يحذرون من فشل الموسم الزراعي بسبب تأخير تصاديق استيراد الوقود    إيران ترد على القصف الأمريكي بعملية عسكرية    قوات الجمارك مكافحة التهريب بكريمة تضبط كميات كبيرة من المخدرات    أسهم الخليج تتجاهل الضربة الأمريكية    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكرى الثامنة والخمسين- لاستلام الرئيس ابراهيم عبود الحكم .. بقلم: أ.د ظاهر جاسم الدوري/ العراق
نشر في سودانيل يوم 17 - 11 - 2016

في صباح 17 نوفمبر قامت وحدات من الجيش، يقودها الفريق إبراهيم عبود القائد العام للجيش، بتولي السلطة، واعلان: حل البرلمان، تعليق الدستور، أُعلان حالة الطوارئ، ايقاف صدور الصحف، حل جميع الأحزاب السياسية ، منع الاجتماعات، المسيرات، والمظاهرات في كل مكان من البلاد. ومهما يكن من أمر، فقد عادت الصحف إلى الصدور في اليوم التالي خاضعة للرقابة، وخاصة المقالات المنشورة حول سياسة الحكومة. وتم شكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة ومجلس وزراء مختلط من العسكريين والمدنيين. في بيانه الأول هاجم عبود، بصفته رئيساً للجمهورية ورئيساً للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الجماعات السياسية التي خلقت عدم الاستقرار في كل مكان من البلاد، وشدد على أن هدف الثورة هو صيانة استقلال السودان ورفع مستويات المعيشة، وفي السياسة الخارجية أشار إلى عزمه على بناء علاقات مع الدول العربية على أساس الصداقة والمصالح المشتركة.
لقي الانقلاب الترحيب بشكل عام، خاصة لان بلاغ عبود أوضح أن الجيش تولى السلطة فقط كإجراء مؤقت لإنقاذ البلاد من "المؤامرات السياسية". وفي اليوم التالي زار قادة الانقلاب السيدعبد الرحمن المهدي والسيد علي الميرغني بصفتهما زعماء دينيين، واللذين يطلب دعمهما للمساعدة في الحفاظ على السلام والاستقرار. وفعلا كان للدعم الذي أعلنه السيدان أثر واضح في أعاد طمأنة الجماهير بإمكانية حل مشاكل البلاد.
طريفة هي الظروف التي أصدر فيها السيد علي الميرغني بيانه، وتبعاً لمحمد طه الريفي، كاتب السيد في ذلك الوقت، أنه أُخذ سراً إلى منزل السيد على ليلة 17 نوفمبر، وأمره السيد علي بوضع بلاغ قصيرتأييداً للانقلاب، أن يوضح فيه أن السيد علي لا يعتبر جميع أولئك الذين طردو ا بصفتهم شياطين كما أنه لا يعتبر أولئك الذين قاموا بالانقلاب ملائكة.
أن البلاغ لا يعني ضمنياً بحد ذاته أن السيد علي كان له علم مسبق حول التحركات العسكرية المزمعة ، وعلى العكس من ذلك، فان البيان الأطول الذي أصدره السيد عبد الرحمن، والذي ألقى باللائمة على جميع الأحزاب السياسية التي حكمت البلاد منذ زمن الاستقلال، والتي فشلت في تحقيق تطلعات الشعب، ولذا فأنها يجب أن ترحب بالحكم العسكري وتسانده.
تبعاً لمحمد أحمد أبوسن( مقابلة في رفاعة)، فقد كان واضحاً أن عبد الله خليل كان قد طلب من عبود أخذ السيطرة على البلاد وفق شروط محدودة، وهذه الشروط هي أن الوزارة يجب أن تضم أربعة ممثلين عن حزب الأمة، أربعة من الحزب الوطني الاتحادي، وثلاثة من حزب الشعب الديمقراطي، "والأكثر أهمية من ذلك وجوب تعيين السيد عبد الرحمن رئيساً للجمهورية"، وقد أبلغ هذا الاتفاق الأخير إلى السيد عبد الرحمن وهو ما يفسر التأييد الذي منحه للانقلاب - وبرغم هذا فعندما بدا منظمو الانقلاب بعد أربعة أيام يدعون عملهم، ثورة، بدأ السيد عبد الرحمن على نحو جلي يشك على أن الاتفاق لن يطبق. وبالنسبة للسيد علي قال أبو سن أن السيد عبد الرحمن استشاره حول المعاني المتضمنة في مصطلح الثورة، لكن السيد علي "لم يبدي اهتماما على للأمر".
من الجدير بالذكر أن عبد الله خليل قام بعدة زيارات إلى السيد علي في هذه الفترة، وقد أشار عدد من المعلقين إلى أن خليل، الذي كان قادة حزب الأمة غير راضين عنه آنذاك، خشي أن يتخلى حزب الأمة عن حزب الشعب الديمقراطي لصالح ائتلاف مع الحزب الوطني الاتحادي، كان يسعى إلى تأييد السيد على في معارضة خطوة كهذه، وإذا نجحت خطوة كهذه، فأن الأزهري بالتأكيد سيحل محل خليل كرئيس للوزراء.
وبالحكم من خلال تقرير التحقيق في الانقلاب الذي أصدرته وزارة العدل عام 1965، يبدو من المحتمل أن السيدين كانا على علم مسبق بالانقلاب. وفي حالة السيد عبد الرحمن فهناك افتراض ضمني بأن عبد الله خليل، الذي كان السكرتير العام لحزب الأمة بالإضافة إلى كونه رئيساً للوزراء، كان قد أبلغه بما كان يجري. وبالنسبة للسيد علي، فقد بين خليل عند تقديمه الشهادة للجنة التحقيق، أن السيد على لم يكن يحبذ أي تحرك عسكري، ولم يستطيع أن يتذكر أنه ناقش الانقلاب الوشيك مع السيد علي عندما زاره في اليوم الذي سبق حدوثه، بالرغم من أنه ربما ناقش الإشاعات التي تخمن احتمال حدوث تدخل عسكري منذ أن بدأت إشاعات كهذه في الانتشار لعدة أسابيع. ومهما يكن من أمر فان عبود في شهادة أمام مستجوبيه، يبين أنه سأل خليل قبل حدوث الانقلاب عن وجهة نظر السيدين حول ما كان على وشك الحدوث، وقد أخبره خليل ان العمل المزمع مقبول من قبل السيدين وأنهم يؤيدونه.
في غضون شهور قليلة أصطدم عبود، وقد أزال جميع الأحزاب السياسية، بمعارضة من قبل ضباط جيشه الكبار. في آذار/مارس عام 1959 قام عبد الرحيم شنان، قائد المنطقة الشمالية، ومحيى الدين أحمد عبد الله قائد المنطقة الشرقية ( كلاهما لم يكونا عضوين في المجلس الأعلى للقوات المسلحة )، قاما بتحريك قواتهما إلى الخرطوم واعتقال أحمد عبد الوهاب - نائب القائد ومؤيد لحزب الأمة - إلى جانب عضوين آخرين في المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وعلى ضو هذا، أعيد تشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة ليضم الفريقين المتمردين؛ لكن الاختلاف داخل تلك الهيئة لم يحل حتى تم طرد أحمد عبد الوهاب منه، كما أعفي من منصبه كوزير للداخلية والحكم المحلي. وزعم الفريقان عند تقديم شهادتيهما أمام مستجوبيهما عام 1965، بأن دوافعهم في طرد أحمد عبد الوهاب لم تكن موجهة ضد عبود، وقد شعروا بأن عبود كان تحت تأثير أحمد عبد الوهاب الذي كانت سياساته معادية لمصر وموالية للغرب بشكل غير مقبول، وأنه كان يجب إزاحة أحمد عبد الوهاب عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمصلحة عبود، وقد تدخل السيدان فوراً بعد اعتقال احمد عبد لوهاب وامّنا إطلاق سراحه؛ وأعرب السيدان على أملهما بأن الأمة ستبقى موحدة، وان عبود سيحقق اهدافه.
من المحتمل ان هناك مناورة ختمية وراء خطوة الفريقين، إذ أعلن علي عبد الرحمن في خطابٍ عام 1965 جازماً ان هدف الفريقين كان منع عبود من تسليم السلطة إلى حزب الامة. هناك مؤشراً أخر على ان دافعهم لم يكن شخصياً محضاً، وهو ان عبد الرحيم شنان ومحي الدين احمد عبد الله انضما فيما بعد إلى حزب الشعب الديمقراطي والحزب الوطني الاتحادي على التوالي. وما إذا كانت الأحزاب المحظورة من قبل عبود وراء تحرك الفريقين أم لا فان مركز عبود الشخصي لم يتأثر، كما نجا أيضاً من حركتين اخريتين ضده في عام 1959.
بوفاة السيد عبد الرحمن المهدي في 24 آذار/ مارس وخلافته من قبل السيد الصديق كإمام للأنصار، انتهى التأييد المهدي لنظام عبود، ففي تشرين الأول/اكتوبر أرسل السيد الصديق مذكرة إلى الحكومة يطالب فيها، بين أشياء أخرى، بإنهاء الإدارة العسكرية، وتبني دستور دائم مع رئيس منتخب، الا ان المذكرة لم تلق اي اهتمام.
قدم السيد اسماعيل الأزهري، بالرغم من انه لم يعارض أو يؤيد الانقلاب منذ البداية، مذكرة أيضا تحتوى على مطالب مشابهة، وكان تقديمها أول مؤشر على استعداده للتعاون مع القوى المهدية ضد النظام العسكري، وأصبحت العلاقات بين الحزب الوطني الاتحادي والمهديين والجبهة المعادية للاستعمار أكثر حميمة، وفي عام 1960 شكلوا جبهة المعارضة.
في تشرين الثاني/نوفمبر من تلك السنة رتب الرئيس عبود زيارة للرئيس جمال عبد الناصر إلى السودان، وقد أمن ذلك بعض التأييد الشعبي لنظامه، وأثارت الزيارة مشكلات مهمة، إذ دعا السيد علي والسيد الصديق الرئيس عبد الناصر إلى حفلات استقبال، وفي حالة السيد على فأن هذا لا يمثل مشكلة للنظام، بسبب علاقات الختميين التاريخية مع مصر وعلاقات السيد على الشخصية مع الرئيس عبد الناصر، فضلاً عن ذلك فان السيد علي لم يُظهر حتى ذلك الوقت أية معارضة لنظام عبود. وقد ثارت المشكلة من دعوة السيد الصديق. كانت الحكومة على وعي بأن جبهة المعارضة ستسعى إلى انتهاز فرصة زيارة عبد الناصر لاستعراض قوتها، ولكن لأن الحكومة ما كانت لتستطيع منع دعوة السيد علي، فقد شعرت بأنها مجبرة على السماح بدعوة السيد الصديق هو الأخر، وقد أعطى هذا المعارضة الفرصة التي سعت إليها.
بعد مغادرة الرئيس عبد الناصر، تقدمت المعارضة بمذكرة إلى الحكومة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1960، وكان الموقع البارز عليها السيد الصديق، ومن بين الموقعين الآخرين ميرغني حمزة، وهو عضو بار في حزب الشعب الديمقراطي. وكان من بين مطالبهم: وجوب عودة الجيش إلى ثكناته وأعماله الدفاعية الأصلية، وضرورة تشكيل لجنة وطنية كحكومة ترعى الانتخابات الجديدة المعلقة، وان قوانين الطورائ يجب رفعها فوراً لتأمين الحرية للشعب والصحافة. وعلى النقيض من ميرغني حمزة، فقد قدم أغلب أعضاء حزب الشعب الديمقراطي المحظور، يقودهم على عبد الرحمن جنباً إلى جنب مع ختميين آخرين، خطاب ولاء تحت عنوان (مذكرة كرام المواطنين) معربين عن احترامهم لما حققته الحكومة "الثورية" في الداخل والخارج، وقد أخبر أحد الموقعين على الخطاب وهو محمد عبد الجواد كاتب هذه السطور ان عواطف حزب الشعب الديمقراطي كانت بالفعل والى حد كبير إلى جانب الرئيس عبود، الذي كانت سياساته تنسجم مع التوجهات الإيديولوجية لحزب الشعب الديمقراطي، ومن العوامل الأخرى التي شجعت التفاهم بين حزب الشعب الديمقراطي وعبود هي بيان السيد علي عند وقوع الانقلاب، ونشأة عبود الختمية وميوله الدينية المبكرة. وفضلاً عن ذلك، وتبعاً لا بوسن، فأن عبود نفسه بزياراته المتكررة للسيد علي نجح في أعطاء انطباع للسيد علي بأن حكومته هي في الواقع حكومة السيد، وعلى أية حال، هناك من يرى ان نظام عبود ما كان ليستمر حتى تشرين الأول/اكتوبر عام 1964 دون تأييد الختميين .
وفي غضون ذلك اعتقدت الحكومة، وقد أحست بالموقف العدائي للسيد الصديق، ان أفضل طريقة للتعامل مع المسالة هو فتح مناقشات معه آملة بأن هذا سيسكت المعارضة، وقد انهارت المناقشات، وفي تموز/يوليو عام 1961، فنفذ صبر الحكومة وقررت قمع المعارضة باعتقال قادتها( باستثناء السيد الصديق نفسه) في جوبا. كان السبب الظاهري لاعتقالهم هو أنهم أرسلوا في 7 تموز/يوليو مذكرة احتجاج ضد تعذيب شاهد كان عضوا في الحزب الشيوعي في محاكمة سياسية في الأبيض ، ولم تطلق الحكومة سراحهم حتى كانون الثاني/ يناير عام 1962، بعد ان بدأ السياسيون إضرابا غير محدد عن الطعام.
ضعفت حركة المعارضة نتيجة لوفاة السيد الصديق في 2 تشرين الأول/اكتوبر عام 1961، فأصبح أخوه السيد الهادي إمام الأنصار، بينما وقعت مسؤولية الشؤون السياسية على عاتق ابن الصديق السيد الصادق المهدي، ومن ذلك الوقت وحتى ثورة 21 تشرين الأول/اكتوبر عام 1964، امتنعت جبهة المعارضة عن النقد العلني لما كان يجري حولها.
لاشك ان وفاة السيد الصديق أضعفت حركة المعارضة، وان فشلها في الوقوف ضد الحكومة يدل على ان الأحزاب المشتركة فيها لم تنجح في ذلك الوقت في حشد تأييد شعبي مؤثر.
وبالنسبة للختميين والمهديين، على الرغم من ان أحزابهم السياسية قد ألغيت رسمياً فان الطائفتين نفسيهما استمرتا في العمل، وبقي قادة الطائفتين على اتصالهم مع بعض، وهناك زيارات متبادلة بين السيدين ومن المؤكد أنهما كانا يناقشا سلوك النظام العسكري ونهايته.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.