تضاربت أراء كثيرة حول سفر رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت الى عاصمة جنوب أفريقيا جوهانسبرج ، فمنهم من رحج ان الرحلة بغرض العلاج خاصة وان هنالك احاديث عن أصابة سلفاكير بمرض يتطلب المتابعة من قبل الاطباء الذين اشرفوا على علاجه من قبل في ذات العاصمة جوهانسبرج في زيارة سبقت هذه ، واشارت تقارير الى ان الحالة الصحية لرئيس دولة الجنوب لم تعد كما كانت في سابق وان الاشراف الطبي بين كل فترة واخرى أصبح ضرورة تستوجبها الحالة المرضية التي يعاني منها سلفاكير ، وان كانت هنالك بعض التحفظات على إعلان الحالة امام الرأي العام الجنوبي وان الظرف الذي تعيشه الدولة الوليدة بسبب اختلاف قادتها وأدى الى صراع عنيف بين الاطراف التي يحتمي كل واحد خلف سند قبلي عضد من هذا الصراع ، وأراد سلفاكير القضاء على هذه المشكلة الكبيرة حتى لو يقدم تنازلات من اجل الحفاظ على استمرار حكمه ، وهذا ماحدث بالفعل عند قبوله باتفاق اديس ابابا وقبوله بالقوات الدولية والتي اعلن رفضه لها منذ البداية قبل ان يرضخ لهذا الامر تحت الضغوط الدولية التي مورست عليه ، وكان هدف سلفاكير هو ضمان الاستقرار والذهاب بعدها لرحلة علاج طويلة نسبيا ان كانت في امريكا او احدى الدول الاوربية ، لكن تطورات الاحداث لم تمكنه من تحقيق هدفه الاول وهو الاستقرار وحرمانه من هدفه الثاني هو رحلة العلاج في الخارج لفترة طويلة . اما قائد التمرد ونائب الرئيس السابق رياك مشار كان عديم الثقة في رفيق دربه في الاحراش ومقاتلة الخرطوم ، فقد تأخر كثيرا للحضور للعاصمة جوبا بعد اتفاق اديس ، للحصول على أكبر قدر من الضمانات ،قبل ان تحط قدماه أرض جبل الرجاف ، لانه كان بالفعل يتخوف من الغدر به او تعرضه لمحاولة اغتيال تنهي مسيرته السياسية والنضالية واحلامه في قيادة دولة الجنوب وفق الاساطير التي تأخذ حيزا أكبر في نفوس أهل الجنوب ، والتي أشارات الى حاكم الجنوب والذي يحمل اوصافا متوفرة بقدر كاف عند رياك مشار ، وهذه الاساطير زاد ت من مخاوف الطرف الثاني والذي يمثله سلفاكير ومن خلفه قبيلة الدينكا ، وهذه الاساطيرجعلت العلاقة بين رفقاء الامس وأعداء اليوم تقوم على التوجس والهواجس ، والترقب والحذر ، وهذا ما ظهر جليا خاصة بعد قدوم مشار ووصوله الى العاصمة جوبا على طائرة أممية تضمن له سلامة الوصول دون مفاجاءات او مباغاتات قد تحدث في الطريق من المطار الى القصر الرئاسي ، مع وضع الترتيبات الامنية لما بعد الوصول . وكانت الاشتبكات التي حدثت بين قوات سلفاكير ومشار قبيل مغادرة مشار جوبا كانت مؤشر لنهاية الاتفاق وعودة الامر الى المربع الاول في عاصمة الدولة الوليدة ، وبالفعل كشفت الايام اللاحقة هذا الامر عندما غادر مشار في سرية تامة العاصمة جوبا سرا و سيرا على الاقدام الى ان وصل حدود دولة الكنغو واخذته بعد ذلك طائرة أممية الى هنالك ، ومن ثم وصوله الى العاصمة السودانية الخرطوم لتلقي العلاج حسب أفادة خرجت من الناطق الرسمي لحكومة السودان وزير الاعلام احمد بلال عثمان والذي قال ان الخرطوم استقبلت مشار لاسباب انسانية وهي تلقي العلاج ، وفي ذات الحين ووصل نائب سلفاكير تعبان دينق الى الخرطوم للتباحث حول هذا الامر او غيره ، ولكن كانت الخرطوم عندما موقفها رغم ان هنالك تقارير صحفية اشارت الى ان تعبان قصد من الزيارة الاطلاع على الموقف الخرطوم من استقبال مشار ، ورغم تصادف وجود مشار في الخرطوم تزامن أيضا مع زيارة للرئيس اليوغندي يوري موسيفيني لحضور ختام مؤتمر الحوار الوطني بجانب رؤساء تشاد ومورتانيا ومصر الا ان تقارير ذكرت ان لقاءا ربما تم بين مشار وموسيفيني في الخرطوم ، تمهيدا لترتيب عودة مشار الى جوبا من جديد ، ولم يرشح اي قول او تصريح يعضد هذا الامر الى ان غادر مشار الخرطوم الى جوهانسبرج ، ومن بعدها توجه الى اديس ولم تستفبله واعاد المحاولة ثانية للخرطوم ، لكن هذه المره لم تفتتح له الابواب وكما وزير الخارجية ان مشار لم يحصل على تأشيرة دخول للبلاد. وكان القدر ان يجمع بين سلفاكير ومشار في جنوب افريقيا ان كانت اللقاء بترتيب ام لا ولكن خروج مشار من جوهانسبرج الى اديس اباباوالخرطوم يبدو انه تحاشيا من ملاقاة غريمه سلفاكير ،ولكن الاقدار اعادته الى جنوب افريقيا مرة ثانية ، ومن هنا بدات محاولة رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما لجمع بين الغريمين وفشلت تلك المحاولة لعدة اسباب . اولا فقدان الثقة عند رياك مشار هي اكبر من سلفاكير بسبب تعرضه لمحاولة اغتيال كما ذكر من قبل ، ويخشى ان يتكرر الامر ثانية ، وربما تكون الثالثة ثابتة كما يقول المثل ، وثانيا يطمع رياك مشار في زيادة عدد الخارجين من سلفاكير خاصة قيادات القبائل الاستوائية والتي تطمع هي في قيام دولة الثالثة في جنوب السودان اذا انفرد كل من مشاروسلفاكير بولايات نفوذهم في أراضي الدينكا والنوير ، ثالثا يعتقد مشار ان سلفاكير كرئيس لجنوب السودان باتت فترته محدودة خاصة بعد الفتور الدولي الذي شاب العلاقة بين سلفا كير والمجتمع الدولي ، وهذا ما يراهن عليه مشار باعتبار ان معظم حقول النفط تقع في أرض النوير ، رابعا يرى سلفاكير ان حكمه فعلا مهدد بدرجة كبيرة اذا لم يتعاون مع المجتمع الدولي او لم يضمن ثقة مشار من جديد في العودة خاصة مع تزايد عدد الخارجين منه والمنضمين لمشار من اجل قيام الجمهورية الثانية في الجنوب دون القيادات التاريخية للحركة الشعبية ، ولهذه الاسباب وغيرها فشل زوما في الجمع بين سلفاكير ومشار ناهيك في التوصل الى اتفاق او حتى نقاط إلتقاء بينهما. والآن كل المعطيات تشير الى ضعف اي محاولات لجمع بين الغريمين وان حال الوضع يقول لا تلاقيا بين سلفاكير ومشار وهذا ما تأكده الايام او تثبت عكسه . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.