بسم الله الرحمن الرحيم تحت هذا العنوان؛ أو المسمى أعلاه. جاء كتاب المؤلف السوداني شمس الهدى ابراهيم إدريس؛ الذي أسس من خلاله لإثبات فشل أجهزتي المخابرات الأمريكية والاسرائيلية وعدم قدرتهما على كشف ثورات الربيع العربي قبل حدوثها، رغم إدعائهما بأنهما أقوى أجهزة المخابرات في العالم. وجاء الكتاب الذي طبعت نسخته الأولى شركة مطابع السودان للعملة عام 2012م في 181 صفحة من القطع المتوسط، وزين غلافه بصورة ذات مغزى للرئيس التركي رجب طيب أردوغان. مؤلف الكتاب، السوداني شمس الهدى إدريس من الكتاب النشطين وله مؤلفات أخرى في مجال السياسة والعلاقات الدولية منها: الثورات العربية حتمية التغيير.. وقسوة التنحي، أوكامبو سياسة الغرب القذرة تجاه السودان، دارفور المؤامرة الكبرى، التدخل الإسرائيلي في السودان.. كيف ولماذا؟، اسطورة الجنجويد، عشرون عاما غيرت مجرى السياسة في السودان، حريق أم درمان لصالح من؟ ورحيل قرنق هل يبقي السلام؟. وغيرها من المؤلفات. ناقش الكاتب في الفصل الأول ما أسماه بقضية الغرب والملف الأسود، وقسم المؤلف الفصل إلى ثلاثة مباحث تناول من خلالها: الإفراط في استعمال القوة، صراع المبادئ، ما زرعته امريكا. وفي الفصل الثاني ركز على موضوعات عديدة عنونها بالثورات العربية، إسرائيل واللاعبون الجدد، ثم تناول في الفصل الثالث موضوع تركيا، وتساءل: هل تخشى إسرائيل الثورات العربية؟ هل تخاف إسرائيل الدور التركي ؟، ثم تركيا ونهج الحوار في الشرق الأوسط، والاستجابة السريعة للمتغيرات، مشيرا إلى أن علاقات تركيا مع إسرائيل وأمريكا كثيرا ما اثارت حفيظة الولاياتالمتحدة. وحسبما يرى المؤلف شمس الهدى، فإن ثورات الربيع العربي اقتلعت أنظمة كانت تحت الرعاية والحماية الأمريكية، ومثلت مرتكزات للسياسة الدولية بالشرق الأوسط الذي يمثل مصدرا للطاقة، ومنبعا للنفط بالنسبة للغرب. وأوضح بأن الثورات العربية أبرزت قيادات سياسية وأدوار جديدة لبعض الدول، وخلقت فاعلية سياسية في المنطقة، ما أدى إلى تشابك المصالح وتكوين تحالفات جديدة وفقاً للمصالح السياسية في المنطقة. مشيراً إلى أن تركيا ستكون واحدة من هذه الدول بالرغم من سياسات الولاياتالمتحدة في المنطقة وتداعياتها وقربها من إسرائيل. كما تناول الكاتب دور دول الخليج العربي وركز على الدور القطري المتصاعد. وقال بأن المرحلة القادمة تعتبر مرحلة الدبلوماسية الناعمة. وعند تحليله لاستراتيجيات الإدارات الأمريكية – جمهورية كانت أو ديمقراطية- ذكر بأنها حافظت على مجموعة ثوابت واستراتيجيات تجاه المنطقة العربية، ووفرت الدعم والحماية لبعض الأنظمة التي كانت تؤيد حماية المصالح الأمريكية وإسرائيل في المنطقة، بغض النظر عن ديمقراطية أو ديكتاتورية نظم الحكم في هذه الدول. وبيّن من خلال استعراضه وتحليله لأحداث الربيع العربي بأن تعامل الإدارة الأمريكية مع الثورات العربية تم عبر ثلاث استراتيجيات: أولاها كانت مع الدول التي حسمت أمر حكامها "مصر، تونس، وليبيا"، حيث أخذت تتجه نحو دعم الديمقراطيات بهذه الدول في محاولة منها لاحتواء النظم الجديدة، والوصول إلى هدف المحافظة على وجودها التقليدي، خاصة في دول مصر وتونس، مع عدم السماح بالتغيير في سياسات الحكومات الجديدة فيما يخص قضية إسرائيل، وركزت امريكا على إبقاء بعض رموز الأنظمة السابقة. لضمان توصيل الفكرة والرؤية الأمريكية للقادمين الجدد. أما الاستراتيجية الثانية، فقد وجهتها أمريكا إلى قادة سوريا واليمن بعدما شعرت بأن وجود رؤساء هذه الدول قد أصبح مستحيلا بسبب المجازر التي ارتكبوها خاصة وأن النظام القبلي متحكم في هذه البلدان. مشيرا إلى أنها لم ترغب في الدخول العسكري في هذه البلدان لهذا السبب.وحول سوريا رأى الكاتب أن الإدارة الأمريكية ظلت مؤمنة بأن النظام السوري غير حليف لها لكنه ساكن ولا يثير أية تأثيرات سلبية على إسرائيل، بالرغم من احتلالها للجولان. لذلك فهي تخشى من مسألة تغيير النظام في سوريا بنظام آخر ينزع نحو المطالبة بحقه واسترداد أراضيه. وفي الاستراتيجية الثالثة، وجهت امريكا جهودها نحو الدول التي لا ترغب في نشوب ثورات بها، مثل الأردن والبحرين، والمغرب، وحاولت بقدر الإمكان الضغط على حكومات هذه الدول لعمل إصلاحات سياسية حفاظا على سلامة النظم الموالية لها. وخلص الكاتب في نهاية مؤلفه إلى أن الثورات العربية كانت صناعة محلية خالصة لشعوب المنطقة، ولا دخل لأمريكا بها، وقال أنها نابعة من شعوب المنطقة، ومعاناتها لعقود طويلة في ظل أنظمة مستبدة. وأنها -أي الثورات- أظهرت تبايناً في المواقف بين كل دولةٍ وأخرى للبحث عن دور مفقود. مؤكداً أن السياسة الأمريكية تجاه الثورات العربية اتسمت بالبرود وعدم إظهار المواقف الرسمية، لعدم وجود سياسة أمريكية واضحة تجاه الثورات. لذا فقد فضلت الولاياتالمتحدةالأمريكية الانتظار، والبطء، وعدم اتخاذ قرار. والسبب في ذلك كله يرجع إلى عنصر المباغتة الذي صاحب حدوث الثورات العربية. وتوقع شمس الهدى مؤلف الكتاب، ظهور محور إقليمي جديد في أعقاب الثورات العربية، كما أشار إلى بروز تكتلات مؤثرة في الإطار العام للنظام العربي الجديد. مؤكداً بما حدث بمنطقة الخليج، ودور قطر المتصاعد، وسعيها للعب دور إقليمي جديد، يتماشى مع الرؤية التركية، وسد الفراغ الذي خلفه غياب الدور المصري بعد خلع نظام حسني مبارك. يعتبر الكتاب مهماً لدارسي العلوم السياسية، والعلاقات الدولية، وتنبع أهميته من زاوية مناقشته لما سمي بثورات الربيع العربي، وتركيزه على منظور المصالح والمبادئ واهتمامه بالتداعيات القادمة، مع تحليله لسعي بعض الدول وبحثها عن أدوار أقليمية جديدة بالمنطقة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.