القهر الذي تتعرض له النساء يستقوى بالايديلوجية الإسلاموية قهر النساء في هذا النظام هو قهر مزدوج يحتفل العالم اليوم، 8 مارس، باليوم العالمي للمرأة. وإذا كان احتفال العالم بهذا اليوم في العام المنصرم 2016 قد تم تحت شعار "الإعداد للمساواة بين الجنسين لتناصف الكوكب بحلول 2030، فإن احتفال هذا العام 2017 يأتي ليواصل ذات المسيرة تحت شعار "المرأة في عالم العمل المتغير – تناصف الكوكب بحلول 2030". في الوقت الذي تصعد فيه خطى البشرية ارتقاءاً نحو تناصف الكوكب بين الجنسين، نواصل نحن في بلادنا مسيرة الانحدار نحو المزيد من قهر النساء والتضييق عليهن. في اليوم العالمي للمرأة نزجي خالص التحايا للنساء السودانيات في المدن والأرياف، وفي البوادي القفر وفي الكهوف، في مناطق الحرب والنزاع وفي الملاجيء ومعسكرات النزوح. نحي النساء السودانيات، شهيدات القتل والإبادة، ضحايا الاغتصاب والعنف الجنسي، والأرامل والثكالى، نحي السجينات والمعتقلات وعاملات المهن الهامشية ومناضلات لقمة العيش، نحييهن جميعاً وهن يمثلن الرمز الأكثر وضوحاً على خواء هذا النظام من أدنى قيم الإنسانية، والرمز الأكثر فصاحة أيضاً على عجزنا وهواننا. وكذلك لابد لنا في هذا اليوم من الإشادة الخاصة بالمواقف الثابتة الشجاعة للعديد من الصحفيات السودانيات اللآئي لم تثنيهن الاستدعاءات ولا الترهيب ولا الاعتقالات ولا المحاكم الصورية عن فضح جرائم النظام أو عن التعبير عن آرائهن المستنيرة في وجه التخلف والظلامية بأوضح وأنصع الكلمات. إن تأنيث الفقر هو ظاهرة عالمية اليوم، فالسياسات القائمة على تخفيض الإنفاق الاجتماعي خاصة على التعليم والصحة تفرض آثاراً وخيمة على الجماعات الضعيفة عموماً، وفي مقدمة تلك الجماعات تأتي النساء. يضاف إلى ذلك بالطبع أن الاحصاءات الوطنية لا زالت تستبعد الأعمال المنزلية وغير ذلك من أنواع عمل النساء الذي لا يتقاضين عليه أجراً من من حسابات الناتج الإجمالي القومي. غير أن آثار ذلك الإفقار لدينا في السودان لا تقتصر على الوضع الاقتصادي فقط، وإنما تسهم بكثافة في تشديد الاضطهاد الذي يواجهنه النساء. ففي دراسة في مناطق النازحين بين من نزحوا بسبب الحرب في دارفور، اتضح أن نسبة العنف المنزلي قد ازدادت باضطراد منذ بداية النزوح عام 2003 لأسباب عديدة أهمها الفقر، فالسكن في خيام ضيقة بعد السكن في أماكن واسعة زاد من درجة الضيق بين الزوج والزوجة والأبناء، وعدم وجود الخدمات الطبيعية، مثل المياه الصالحة للشرب، بالإضافة إلى عدم وجود تعليم للأطفال ثم عدم وجود دخل للأسرة، لأن الرجل لا يعمل، بينما لا توجد إمكانية عمل للمرأة مع شح شديد في المواد التموينية. كل مظاهر الفقر تلك تفاعلت مع عوامل أخرى وأدت إلى المشاحنات ثم إلي ضرب الزوجات ومظاهر أخرى من العنف. إن جذور اضطهاد المرأة والتمييز ضدها تضرب بشدة في التخلف الذي ظلت بلادنا تتقلب في ظلامه. سلطة الإنقاذ مسئولة عن تسعير ذلك الاضطهاد وعن تأجيجه بأيديولوجيا الأصولية الإسلامية، وعن تركيز جرعاته وحمايته بالقوانين والسياسات والممارسات الأمنية وعن إلهابه بسياطها الوحشية والفظة، ولكنها ليست مسئولة عنه حصراً ولا بالكامل. إن العديد من القوى السياسية التي تقف اليوم في موقف المعارضة السياسية للآنقاذ، تلتقي، إلى هذه الدرجة أو تلك، مع أطروحات الإنقاذ حينما يتعلق الأمر بقضايا المساواة وإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة. لم يكن من قبيل الصدف أن إعلان أسمرا للقضايا المصيرية، والذي مثل ذروة اتفاقات المعارضة للإنقاذ، نص على أن "كل المبادئ والمعايير المعنية بحقوق الإنسان والمضمنة في المواثيق والعهود الإقليمية والدولية لحقوق الإنسان تشكل جزءا لا يتجزأ من دستور السودان وأي قانون أو مرسوم أو قرار أو إجراء مخالف لذلك يعتبر باطلا وغير دستوري"، إلا أنه حينما تعلق الأمر بقضايا المرأة نص على أنه "يعترف لها بالحقوق والواجبات المضمنة في المواثيق والعهود الدولية بما لا يتعارض مع الأديان". إن قضية مساواة النساء وعدم التمييز ضدهن هي جزء لا يتجزأ من قضية الدفاع عن حقوق الإنسان ورفض التمييز بصورة عامة، إلا أن لها خصوصيتها التي تتطلب النضال في سبيلها على أرضيتها الخاصة. والنضال من أجل مساواة النساء هو نضال يجمع سواعد النساء والرجال معاً، فتحرير الرجال أنفسهم لا يكتمل في نهاية الأمر إلا بتحرير النساء. ولكن الأرضية الخاصة لقضايا النساء تتطلب بالدرجة الأولى أن تتصدى النساء انفسهن لقيادة نضالهن لرفع المظالم النوعية ووضع ذلك، كما ذكرنا في وثائقنا التأسيسية، "فى صدارة عملية التحول الإجتماعى وفى قلبها، وإستبانة أن تحرر المجتمع، إذا لم يعن تحرر المرأة، فإنه لن يكون سوى تناقص وزيف. إن الخطوة الحاسمة للسير فى طريق تحرر المرأة هى تأكيد أن إختلافها عن الرجل لايعنى دونيتها، وهذا يقتضى مواجهة فكرية وثقافية لكل النظريات التى تنطلق من الإختلاف لتتوصل إلى الدونية، وهى مواجهة معقدة تخاض على مستويات متعددة، وتصدم بعقبات عديدة، ولكنها فى جميع الأحوال لاسبيل إلى تفاديها." إلى ذلك نضيف أن شرط محاربة دونية المرأة، هو أولاً وقبل كل شيء، رفض استبطان الدونية ذاتها. إن تحقيق المساواة والعدالة وانتصاف الكوكب يعني بالنسبة لنا: المساواة أمام القانون. محاربة كافة ممارسات العنف الجنسي وغيره الموجهة ضد النساء في مناطق الحروب والنزاعات. المساواة فى فرص التعليم، الصحة، العمل، الأجر المتساوى للعمل المتساوى، الترقى، المعاش، السكن. معاملة الإنتاج البشرى كأسمى إنتاج إجتماعى، ومكافأته على هذا الأساس. رفع أعباء العمل المنزلى، بترقية الأدوات المنزلية، وبالمشاركة الأسرية وباعتبار الأعمال المنزلية وغيرها من أشكال عمل النساء غير مدفوع الأجر جزءاً من الناتج القومي. سن قانون مدنى للأحوال الشخصية يكون التقاضى أمامه خياراً مفتوحاً للجميع. الحماية ضد العنف والعدوان والتشويه الجسدى، والمتمثل فى الختان، والضرب والإغتصاب، مواجهة قضايا الأمومة والطفولة من خدمات صحية موجهة للنساء، وإجازات الوضع المدفوعة الأجر، ورياض الأطفال وإعاناتهم. حركة القوي الجديدة الديمقراطية (حق) اللجنة التنفيذية