ما الفائدة السياسية التي يمكن ان تجنيها الحكومة المركزية في الشمال جراء انقلاب الأمن في الجنوب ،أو حدوث تغيير ،وغياب الحركة الشعبية هناك ؟السؤال شفناه هكذا بالمقلوب لكي نحاول التمعن في مدي معقولية اتهامحكومة الشمال بالتأمر علي نظام الحكم في الجنوب والعمل علي زعزعة الاستقرار هناك وإبدال الحركة الشعبية وهو اتهام أثاره أمين عام الحركة الشعبية باقان اموم في مؤتمر صحفي وقال ان لحركته أدلة عليه ولم يكشف عنها !!الغرابة هنا ،ان الحركة كشفت عن المؤامرة في مجملها ولكنها لم تكشف تفاصيلها ولهذا كان السؤال المحير الشديد الإلحاح أذن لماذا كان المؤتمر الصحفي ؟فلو ان الحركة فقط تريد توجيه الاتهام للوطني فقد كان يكفيها أطلاق تصريح أو إصدار بيان .المهم ،نحاول الغوص في الإجابة علي السؤال أعلاه فهو مفيد لينير لنا الطريق للوقوف علي الحقيقة ولو في جزء كبير منها . من المؤكد ان أي اختلال امني في الجنوب هو بالضرورة ينعكس سلبا علي الشمال هذه بديهية لا تحتاج حتى لمجرد نقاش ،ذلك لان اقل عدد ممكن من النازحين واللاجئين حتى ولو بقي علي الحدود وحدها سوف يتسبب في صداع حاد وأزمة شديدة الوطأة في الشمال والشمال لديه خبرة سابقة من أيام الحرب الطويلة وما تسببت فيه من أزمات وإشكالات أمنية واجتماعية في العديد من مدن السودان وفي مقدمتها العاصمة الخرطوم .من جهة ثانية ،فان الخرطوم مهما أضفي عليها قادة الحركة الشعبية من قدرات ومقدرات فإنها لا تستطيع السيطرة علي أوضاع الجنوب اذا ما وقع انقلاب واسع النطاق ،واذا كان اموم يقول ان هدف الخرطوم هو زعزعة الجنوب وقلب نظام الحركة الشعبية ،فان الخرطوم لا تملك روموت كونترول بوسعها التحكم عبره في الأوضاع في الإقليم الذي يشهد من الأساس تمردا عسكريا خطيرا يقوده أكثر من جنرال ويشهد عبث جيش الرب ،ففي حالة كهذه فلربما يصبح الجنوب مسرحا ليوغندا وكينيا وكافة دول الجوار بل والموساد والسي آي إي ومن المنطقي والإنصاف الجزم ان حكومة الشمال أخر من يريد ان يصبح جارا لدولة يحيط بها أصحاب الأطماع ويرتع فيها الفاسدون والأعداء بما يتهدد امن الشمال القومي علي نحو مباشر . من جانب ثالث فان الحكومة في الشمال –وعلي العكس تماما من اتهامات اموم –من مصلحتها السياسية الصرفة وهي مدركة فيما يبدو لذلك ان يسود الجنوب استقرارا كاملا وعلاقات جيدة أو ممتازة مع الشمال حتى يمكن ان يصبح ذلك مستقبلا مدخلا لوحدة قد تأتي في وقت ما بعد ان يتأكد للطرفين حاجتهما الملحة لبعضهما خاصة وان الشعبين لا يبدو أنهما راضين عن هذا الانفصال . وبالمقابل فان إدراك الجنوبيين ان الشمال يحاول التدخل في شئونهم او يعبث بأمنهم سوف سوف يجر الي انعدام ثقه كامل ومن ثم يصبح الطرفين أعداء ويتلاشي أي أمل التقاء مستقبلا ولعل اموم –باتهامه العدائي –هذا أراد ان يقطع الطريق تماما منذ الآن علي أي بوادر أو مؤشرات لوحدة مستقبلية بين الشمال والجنوب او انه يحاول الآن وضع مقدمة لسمفونية حرب متعلقة بمنطقة آبيي !!والافتراضين صحيحين وسوف تثبت الأيام احدهما أو كلاهما حتما !!