لا يعرف أحد, اللهم إلاّ الدكتور خليل وحده الحكمة من وراء ما يمكن أن نصفها بالإبادة الجماعية التي ارتكبها الرجل داخل كابينة قيادة حركته, بإصداره أحكام إعدام إيجازية وتنفيذها فوراً -رمياً بالرصاص- ضد حوالي (20) قيادياً من الحركة – الأسبوع الماضي – فالدكتور خليل العائد من ليبيا في رحلة صعبة وخطيرة كان محظوظاً كل الحظ كونه عاد سالماً من هناك بعد ما راجت أنباء من مصادر متنوعة عن مشاركته في القتال الذي كان دائراً بين نظام القذافي المنهار والثوار الليبيين. ود. خليل أيضاً لا يزال محظوظاً – وان كان الي حين – كونه لم تجري ملاحقته رسمياً حتي الآن قضائياً في طرابلس جراء مشاركة حركته في الجرائم البشعة التي ارتكبها نظام القذافي ضد شعبه. ولو لم يكن خليل شريكاً في هذه الجرائم لما حصل علي (غنائم) وذهب وسيارات محملة بالغالي والنفيس قيل أنها سبقت عودته الصعبة من هناك وهي الآن في أيدي أمينة تربطه علاقة بها. كل هذا الآن ألقي به خليل جانباً وتفرغ الرجل للقيام (بعمليات نوعية) داخل أحشاء حركته بإعدامه لهذا العدد المهول من قادته وتصفيتهم كما الشياه. خطأ سلوك د. خليل - حتي ولو كانت له مرامي وأهداف من وراء ذلك - أنه بهذا المسلك خلق لنفسه عدواً أشد مراساًَ وأكثر خطورة علي تحركاته العسكرية داخل دارفور أو ما جاورها. فالرجل عادي قبائل دارفور بكل امتداداتها ودق عطر منشم كما يقولون بينه وبينها بحيث صار هو شخصياً وعلي غير انتظار هدفاً حربياً للقبائل الدارفورية. ذلك أن من الصعب أن تقف القبائل التي وقع الحادث بشأن بنيها موقف المتفرج وسوف تسعي دون شك للثأر عاجلاً أم آجلا. صحيح أن د. خليل ربما يستفيد من التناحر القبلي الذي سوف يتأجج بطريقة أو بأخرى من ناحية إعطاء انطباع للمجتمع الدولي أن الأوضاع الأمنية في الإقليم بدأت بالتدهور بعد فترة الهدوء والسكون التي شهدت بها البعثة المشتركة (اليوناميد) مؤخراً. وصحيح أيضاً أن خليل ربما يستفيد من خلخلة البنيان الاجتماعي ليفسح لنفسه – بعد العودة – مجالاً يستيَّد به الموقف ويلعب علي وتر هذ التناقضات القبلية. ولكن بالمقابل فان خسارته من وراء هذا المسلك تبدو أكبر بكثير جداً مما يكون قد تصور. فهو من ناحيته سوف يواجه كل دارفور لتتحول عدواً له بعد ما ثبت أنه يهوي إراقة الدماء رغم كل ما يطرحه من رؤى. وفي هذه الحالة وحتي لو انضم الي اتفاقية الدوحة - مكرهاً أو طائعاً - فسوف تظل القبائل الدارفورية تكن له عداوة لن تمحوها الاتفاقية بسهولة مما يجعله رقماً جانبياً غير ذي قيمة في المعارضة الدارفورية. وهو من ناحية ثانية أعطي الحكومة السودانية ذريعة أكثر مشروعية عن ذي قبل لملاحقته ومطاردته أكثر، سعياً للقبض عليه ومقاضاته وهو وضع يضعف كثيراً جداً من موقفه السياسي مستقبلاً وموقفه التفاوضي في المستقبل القريب. ان خليل وضع نفسه في مواجهة عاصفة دارفورية رملية شديدة الوطأة, والرجل مشهور بمغامراته غير المحسوبة وتحركه رغبات جامحة من المؤكد أنها سوف تودي به الي مهاوي سحيقة في آخر المطاف!