الحلو وعقار وعرمان مجتمعين أم منفردين هم الآن موضع مساومة سياسية وأوارق وملفات بالغة الأهمية والحساسية بين دولتي جنوب السودان والسودان. ولا نبالغ أن قلنا بداية أن الحركة الشعبية ومن واقع ما عرف عنها طوال فترة الانتقال الست الماضية لا تتواني في استخدام أي طرف (شمالي) – اذ جاز التعبير مهما كانت درجة قربه منها أو درجة تفانيه في خدمتها لمصلحتها الخاصة. وللتذكير هنا نشير فقط إلى اللعبة الكبيرة التي لبتها الحركة الشعبية بكل أحزاب المعارضة السودانية منذ التجمع الوطني وحتى قوى جوبا. ففي كل تلك الحالات كانت الحركة تستخدم قوى شمالية عريقة ، وأحزاب لها وجودها السياسي لصالحها والغريب أن هذه الأحزاب لا تكتشف (اللعبة) ولا تعي بالتكتيك الأ بعد فوات الأوان والأغرب أن ذات هذه الأحزاب ما تلبث أن تقع مرة أخرى في ذات الخطأ بأن تصبح مطية مطيعة للحركة للوصول إلى أهدافها. ليس بعيداً عن هذه القوى هذا الثلاثي المخادع والمخدوع عرمان والحلو وعقار. فهؤلاء الثلاثة ومنذ سنوات يجري أعدادهم (للبيع السياسي) في القوت المناسب وبالسعر المناسب ولصالح جيب الحركة الشعبية ولعل من المعروف هنا أن عرمان على وجه الخصوص تعرض في وقت سابق لعملية بيع شهيرة يبدو أنه لم يدرك أبعادها أو انه لم ينتبه لها بالقدر الكافي . عرما سبق أن باعته الحركة (بالمجان) للأسف الشديد ابان الانتخابات العامة التي جرت في أبريل 2010 فقد كان مرشحاً للرئاسة وقطع في ذلك شوطاً بعيداً وكانت إستراتيجية الحركة الخفية هو أن تتجه نحو الانفصال لهذا لم تكن لها مصلحة في تقديم مرشح رئاسي باسمها بصرف النظر عن حظوظه في الفوز من عدمها. لقد كانت تلك (اللدغة) من الألم بحيث كان محتماً أن تنبه عرمان وبقية رفاقه في الشمال هنا (للعقل التجاري) للحركة ولكن الشاب الطموح لم يفعل . الآن آن أوان الجد بالنسبة للحركة فهي سلطة حاكمة لدولة ومن ثم فهي مسئولة عن امن الدولة الجنوبية بمعني أن أي مهدد أمني للدولة الجنوبية هو بالضرورة مهدد أمني مباشر لسلطة الحركة الشعبية. ومن شأن (تلاعب الحركة) بعلاقات جوارها مع الدولة الأم أن يدخلها في تعقيدات هي في غني عنها، فليس أسوأ في السياسة من أن تخلق دولة لنفسها وبنفسها تعقيدات ما أغناها عنها، ولهذا فان أهم ما يمكن أن نقرأه في ثنايا زيارة القيادة الجنوبية إلى الخرطوم، بعد مرور ثلاثة أشهر من تاريخ تدشين الدولة الجديدة، أن العمل المسلح الذي تقف وراءه حكومة جنوب السودان سواء في لانيل الأزرق أو جنوب كردفان أصبح وبالاً عليها وصار من الضروري أن تتخلص منه اليوم قبل الغد وتحلحل قضاياها المعقدة العالقة مع دولة السودان لتتمكن من إدارة دولتها الجنوبية على الأقل بأدنى حد من الأمن والاستقرار، فإذا كان لجمهورية جنوب السودان أوراق ضد السودان، فمن الطبيعي والمحتوم أن السودان أوراقاً وأوراق ضد جمهورية الجنوب، وكلما استخدمت جمهورية الجنوب ورقة أستخدم السودان ورقة، وقد صرخت دولة الجنوب من الوهلة الأولي لان الورقة التي استخدمها السودان كانت من السخونة بحيث استعصت على الاحتمال! وهكذا فان كل من عقار والحلو وعرمان بالطبع لا مستقبل لهم في جمهورية جنوب السودان ولو كان لديهم مستقبلاً هناك بأي درجة لمنحته لهم حكومة جنوب السودان على الأقل جراء نضالهم الطويل معهم لعقدين من الزمان كما أن هؤلاء الثلاثة لم يعد لهم من مستقبل في جمهورية السودان وذلك ليس فقط لما فعلوه حتى الآن بلا مبررات من تمرد وقتل وزعزعة للأمن ولكن لفقدان السودانيين عامة وليس الحكومة وحدها لعنصر الثقة فيهم وهو عنصر مهم للغاية في أي عمل سياسي ولهذا فان من المفروغ منه أن حكومة الجنوب سوف تضطر وعلي نحو عاجل لإغلاق هذا الملف واذا لم تفعل – وعادت للمناورة من جديد – فان النتيجة معروفة، اذ لن يكون بالإمكان إعادته إعداد زيارة أخرى للفريق كير وحكومته إلى الخرطوم لإعادة ذات المحادثات وذات التفاصيل والمفاوضات !!