القيادي عبد الله عزرائيلى كان أول ضحايا الخلافات العاصفة التي ضربت تحالف ما يسّمي الجبهة الثورية حديثة التكوين والتي تضم كما هو معروف حركات دارفور الثلاثة المتمردة (عبد الواحد، ميناوي، خليل) إضافة للحركة الشعبية. والقتيل عزرائيلى جرت عملية تصفيته بأيدي قادة فصيله بحركة المتمرد عبد الواحد في منطقة (وادي توروو) بسبب رفضه العمل ضمن نطاق التحالف الوليد. الأزمة في طريقها للتفاقم لأن مكونات التحالف – لسوء حظ المؤسّسين – متنافرة (فور، زغاوة، مساليت)، وتلعب العوامل القبلية دوراً رئيسياً في هذا الصدد. على الجانب الآخر، فان ولاية جنوب كردفان استقبلت الأسبوع الماضي ما يجاوز ال(500) جندي من مجموعة عبد العزيز الحلو، ألقوا بسلاحهم وسلّموا أنفسهم للسلطات الحكومية في تلودي بجنوب كردفان. مصادر سياسية مطلعة أفادت أيضاً أن المناطق الغربية والشرقية بجبل مرّة شهدت الأسبوع ما قبل الماضي قتالاً عنيفاً داخل فصيل عبد الواحد، بسبب التحالف الجديد ولذات الأسباب القبلية التي أشرنا إليها؛ لتصبح النتيجة المُستفادة عملياً من هذا المشهد أن التحالف الوليد كان من الأساس محكوماً بالفشل، وما كان لينجح حتى في نطاقه السياسي ويصبح كتلة واحدة دعك من أن يتمازج سياسياً وعسكرياً ليصبح تحالفاً فاعلاً. هذا التطور السالب الكبير على صعيد تحالف الجبهة الثورية، هناك في ميادين القتال، يوازيه تماماً على الصعيد السياسي في ميدان المعارضة هناك بالداخل الفشل الماحق الذي لحق بقوي الإجماع الوطني التي عقدت سلسلة في الاجتماعات بعضها بدار الأمة بأم درمان وبعضها بدار الحزب الوطني الاتحادي وجميعها لم تستقر على قرار، فقد جاء التشكيل الحكومي الوليد لحكومة القاعدة العريضة التي ضمّت حتى الآن حوالي (15) حزباً سياسياً ليقصم ظهر هذه القوى ويقعد بها تماماً، فهي أصلاً ضعيفة ولا تنكر ضعفها وقلة حيلتها وقد فقدت حتى ما كانت تملكه من قوى ضعيفة ولم تعد لديها خيارات. إذن يمكن القول أن تحالف الجبهة الثورية كما تنبأنا له في حينه وتنبأ له الكثيرون قد فشل حتى في الوقوف على قدميه، والواقع أن الأمر هنا يرجع لعدة عوامل ومسّببات يأتي في مقدمتها أن القوى المكونة للتحالف هي فى الأصل غير منسجمة ولا متناغمة بأي درجة من الدرجات؛ فلو كان الأمر غير ذلك لتوحّدت حركات دارفور الثلاث، أو على الأقل لتوحدت حركتيّ عبد الواحد وميناوي باعتبار أنها كانت وُحدة واحدة من قبل، كما أن الحركة الشعبية التي وجَّه إليها الجيش الحكومي ضربات موجعة، فرّ منها قادتها عبد العزيز الحلو وعقار، وأصبحوا لاجئين ينتقلون بين دولة جنوب السودان وإثيوبيا ويلحّون على الوسطاء بالتدخل لإستعادة مكانتهم السابقة أو الدخول في تفاوض مع الحكومة السودانية. ولعل أسوأ ما في الموضوع أن الحكومة السودانية الجديدة لم تعد بذات الشكل السابق، فهي الآن حكومة قاعدة عريضة تضم غالب الأطياف السياسية السودانية، مما يجعل من مهمة التحالف الثوري أكثر تعقيداً سواء على صعيد محاولة القيام بعمل مسلّح أو حتى التفاوض والحوار، فالجبهة الداخلية السودانية جري تعزيزها بأقوى مما كانت عليه. الأمر الثاني أن العمل المسلّح – وهو ما ظللنا نردّده باستمرار – لم يعد مجدياً سواء بحكم سيطرة الجيش السوداني على الأمور وامتلاكه زمام المبادأة – أو بسبب غياب الدعم الخارجي وصعوبته، أو لإنعدام العنصر البشري (المقاتلين) الذين لم تعد تنطلي عليهم أكاذيب القادة الجائلين في الخارج بين العواصم والفنادق الفاخرة!