اشتعلت الحرب في دارفور جنوبها وشمالها، وباتت قري آمنة – حتي وقت قريب – رماداً تذروه الرياح.. وغضب الرجل الحليم د. التجاني سيسي، وقال في مؤتمر صحافي إن اتفاقية الدوحة التي جاءت به باتت مهددة بالفشل، والعبارة تمثل مقدمة لخطوة قد يقبل عليها "السيسي" في قادم الأيام إن لم (تتدرك) الحكومة الأوضاع المتردية في الإقليم الجريح. وما أشبه واقع د. التجاني سيسي بماضي د."رياك مشار" قبل عودته إلي أحضان الحركة الشعبية، حينما ترنحت اتفاقية 1997م بين الحكومة وحركة استقلال جنوب السودان.. وهل (لاحظتم) ملامح الوجه وتفاصيل الأناقة ونعومة (الملمس) ما بين الدكتورين "التجاني سيسي" و"رياك مشار" وقدرتيهما علي تحميل الأذى والصبر علي نوائب الدهر؟!. سأل الدم في جنوب دارفور حتي ارتوت الأدوية في فصل الصيف، وتبعثرت قري العودة الطوعية، وزاد عدد النازحين الجدد عن (30) ألف نازح بتقديرات السلطة الانتقالية.. وكلما زادت أعداد النازحين وفتحت معسكرات جديدة، فرح "عبد الواحد محمد نور" وتهللت أساريره، فالرجل تخصص في استقطاب النازحين، والاستثمار فيهم، وتحريضهم علي حكومة بلادهم التي تطلعهم من جوع ولا تؤمنهم من خوف. في هذا المناخ، قام النائب الثاني للرئيس "حسبو محمد عبد الواحد" بزيارة تفقدية للأوضاع بإقليم دارفور، شملت ولايتي غرب وجنوب دارفور.. ونقلت قناة (الشروق) تفاصيل الزيارة من معسكرات النازحين الفارين من قري (سانية دليبة) وجنوب السكة الحديد، حيث اجتاحت المليشيات المسلحة وقوات التمرد تلك المناطق، وأفرزت واقعاً مأسوياً علي الأرض، فيما أصبحت ولاية شمال دارفور يسيطر عليها ثلاثة رجال.. "مناوي" في الشرق، و"موسي هلال" في الغرب، و"كير" علي الفاشر وحدها... ومشاهد زيارة النائب "حسبو محمد عبد الرحمن" إلي معسكرات النازحين وتطييب خواطرهم والتوجيه بحل بعض مشكلاتهم العاجلة كتوفر مياه الشرب والغذاء والدواء، وإصدار قرارات بتأمين القرى بواسطة الشرطة والجيش حتي لا تتعرض مرة أخري لهجمات المليشيات المتمردة علي سلطان الدولة. مشاهد الزيارة ووجود النائب "حسبو محمد عبد الرحمن" في الميدان ومتابعته لقضايا المواطنين، تمثل منهجاً ظل مفقوداً في السنوات الماضية...وحينما يغيب ظل السلطة المركزية تتفشي الفوضى.. والمراقب لأداء النائب "حسبو محمد عبد الرحمن" منذ تعيينه قبل بضعة أشهر، يتوقف عند حماس الرجل وقدرته الفائقة علي الحركة الدؤوبة وحيوية نشاطه السياسي، حيث زار نهر النيل والشمالية وسنار وجنوب كردفان وغرب كردفان، والآن جنوب دارفور وغربها!! وهو المطلوب من القيادة السياسية والتنفيذية في الدولة.. وقضية دارفور لو وجدت المتابعة والاهتمام المركزي والوجود الفعلي للقيادات علي الأرض، لما بلغت ما بلغت وأصبحت مهدداً لوجود السودان كدولة.. و"حسبو محمد عبد الرحمن" بصغر سنة وقدرته علي الحركة الواسعة وامتشاق الصعاب، يمثل إضافة حقيقية للجهاز السيادي وضخاً لدماء العطاء في جسد دولة كادت أن تشيخ وتهرم وتعتريها أمراض كبر السن. لكن وجود وزراء الداخلية والدفاع ومدير جهاز الأمن بجوار نائب الرئيس في زياراته لبعض الولايات الملتهبة بالصراعات، يمثل ضرورة وواجباً وفرض عين، حتي تتخذ القرارات ميدانياً، وتتم معالجة أسباب التفلتات في حينما.. وينتظر من "حسبو محمد عبد الرحمن" التوجه إلي شمال دارفور وطي ملف الخلاف بين "كير" و"هلال"، الذي بات أكبر مهدد لأمن دارفور، ولا يملك المركز رؤية واضحة ولا رغبة في حسمه، حتي بات المواطنون ضحايا لصراعات القيادات.. وما أحدث (سرف عمرة) إلا شاهد إثبات علي ما نقوله. نقلا عن صحيفة المجهر السياسي 10/3/2014م