لو أن القوي السياسية (المعارضة للانتخابات)!! جادة بالفعل في امتلاكها لأسباب قوية مقنعة حول عدم نزاهة العملية الانتخابية الجارية الان في السودان لو أنها كانت جادة بالفعل لما (اختلفت) فيما بينها هذا الاختلاف الجوهري الكبير ما بين خائضين للانتخابات (المؤتمر الشعبي والاتحادي الديمقراطي الأصل) دون أي مطعن علي نزاهة وسلامة الانتخابات وما بين مقاطعين لها (جزئياً) بحيث قبلوها في الجنوب ورفضوها في الشمال (الحركة الشعبية ) مابين من (اختلفوا) حتي في الحزب الواحد (الحركة الشعبية بزعامة الفريق كير) في الخوض أو المقاطعة في الشمال حيث اتضح أن القرار الصادر من قيادة الحركة اقتصر فقط علي سحب مرشحها الرئاسي ياسر عرمان ولم يشمل الانسحاب من بقية المستويات الاخري في الشمال ولكن باقان وعرمان وانطلاقاً من (مرارة خاصة جداً يعانيان منها) عملا علي تحريض مرشحي الحركة في الشمال لمقاطعة الانتخابات غير أن مرشحي الحركة في الشمال قاطع بعضهم ورفض البعض الاخر المقاطعة!! وهكذا فان مجمل النظرة الي حالة هذه القوي التي أرعدت وأرغت وأزيدت عند بداية اجراءات الانتخابات وظلت تبشر الناخبين (بخطط) وتكتيكات واستراتيجيات تقضي بها علي خصمها الوطني وأجزل بعضم بل وأسرف في الوعود واستباق الامور تشير الي أن هذه القوي عملياً قد تفرقت تماماً وأخذتها الرياح بعيداً جداً ومن الصعب أن تجتمع مرة أخري. وبالطبع ما من ناخب سوداني – أياً كانت ميوله وتوجهاته السياسية حتي ولو كان من المؤتمر الوطني ومؤيداً له- يسعد بمشهد كهذا لأن ما سوف يقود اليه هذا المشهد سوف تترتب عليه اثاراً سالبة أولاً علي مجمل مستقبل الممارسة الديمقراطية الحقه في السودان اذ لا يعقل أن تقاطع قوي سياسية لا تزال تدعي أنها الاوفر حظاً انتخابات شهدت باسلامة اجراءاتها قوي خارجية موغلة في عدائها للشأن السوداني بل هي العدو الدائم للمؤتمر الوطني علي وجه الخصوص كما لا يعقل أن يصدق أحد عدم نزاهة هذه الانتخابات وقد خاضت بعض هذه القوي فيها وبعضها يخوضها جزئياً فهي اما أنها غير نزيهة تماماً وهذا معناه أن تتم مقاطعتها بقرار جماعي موحد حازم أو أنها غير ذلك ومن ثم يخوضها من يخوضها ويعترف بنتائجها أما وأن تتقاطع مواقف هذه القوي علي النحو المريع ويدعي البعض أنه لن يعترف بهذه الانتخابات ونتائجها مسبقاً (كما قال بذلك رئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي) فهذه دلالة علي انعدام (النية الحسنة) لترسيخ الممارسة الديمقراطية في السودان وهذه دلالة علي تخلف كبير في فهم الممارسة الديمقراطية حيث يسود اعتقاد خاطئ وبالغ الخطورة لدي القوي السياسية هذه أنها لو لم تحقق نتائجاً تمكنها من السلطه فان الانتخابات غير نزيهة وأما اذا كانت سوف تحزر نتائجاً باهرة فهي نزيهة وحرة! نحن أمام قوي سياسية ليس لها نظراً استراتجي ينفذ الي المستقبل وليست لها برامج جادة ولا تتمتع بعضوية ولا جماهير وبدلاً من أن تعترف (بحالها وظروفها) هذه وتعمل علي اصلاح نفسها فانها تحاول التشويش علي الناخبين السودانيين وتفسد عليهم ممارسة حقهم بدعاوي شتي فهي لا تمارس الممارسة الديمقراطية- رغم ادعائها بذلك- وفي الوقت نفسه تمنع الاخرين من ممارستها!!