حذّر الرئيس السوداني عمر البشير، حزب المؤتمر الوطني الذي يتزّعمه، من نفاد صبر الشارع السوداني والثورة عليه وإسقاط حكمه، معترفاً بضعف الحزب على مستوى القاعدة، ورأى أن المرحلة المقبلة تحتاج تعبئة كاملة باعتبارها مرحلة صعبة تتطلّب «جراحات عميقة». واعترف البشير خلال مخاطبته اجتماع مجلس شورى الحزب الحاكم، بأن «الانتخابات الأخيرة أظهرت ضعف قواعد الحزب»، قائلاً: «أخشى أن ينتهي المطاف بحزبنا إلى أن يكون حزب حكومة وليس حزباً حاكماً، يزول بزوال السلطة»، مشيراً إلى مصير حزب «الاتحاد الاشتراكي» الذي تلاشى مع سقوط نظام الرئيس السابق جعفر النميري. وأضاف أن «المرحلة تتطلّب حلولاً وجراحات عميقة يفترض معها وجود قاعدة معبأة لتنفّذها»، معتبراً أنه «من دون ذلك لن نتقدّم، والسلطة محدودة والناس ممكن أن تصبر يوماً أو يومين لكنها ستنفجر غداً». وانتقد غياب الحزب عن الصراعات القبلية في دارفور، معلناً عن خطة لنزع السلاح من أيدي الميليشيات القبلية والمواطنين في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، للحدّ من النزاعات بين القبائل، وقال: «لن نسمح لأي مواطن أو جماعة أو قبيلة بأن تأخذ حقّها بيدها أو أن تمتلك أسلحة وسيارات دفع رباعي». وأكد البشير أن العام المقبل سيشهد نهاية التمرّد في البلاد، رافضاً الخوض في مفاوضات مع الحركات المسلّحة في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان على أسس جديدة، قائلاً: «لن يكون هناك تفاوض جديد مع أي من الحركات في ما يتّصل بتقاسم الثروة أو السلطة». في غضون ذلك، أنهى وفد من مجلس السلم والأمن الأفريقي أمس، زيارة إلى البلاد شملت لقاءات مع مسؤولين في الخرطوم وتفقُّد مواقع في دارفور. وأكد نائب الرئيس السوداني بكري حسن صالح، خلال لقائه الوفد، تعاون الحكومة مع مجلس السلم والأمن الأفريقي، مشدداً على ضرورة إكمال استراتيجية خروج البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور «يوناميد»، وفق ما اتُّفق عليه مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وصرّح وزير الخارجية السوداني ابراهيم غندور، بأن رئيسة الوفد الأفريقي ناييمي عزيزي، قالت أن الوضع الأمني في دارفور في أحسن حالاته، وأن الزيارة أتاحت للوفد فرصة الوقوف على الوضع في صورة مباشرة، موضحاً أنها ذكرت أن تقريرها المقبل هو «تقرير مَن رأى وليس مَن سمع». وكان حاكم ولاية شمال دارفور عبدالواحد يوسف، ألغى اجتماعاً مع فريق مجلس السلم والأمن الأفريقي كان مقرراً عقده بالفاشر أول من أمس، احتجاجاً على عدم تقيّد الفريق بموعد اللقاء، وتحفّظت حكومة الولاية على زيارة أعضاء الفريق مخيّماً للنازحين من دون إخطار السلطات. وفي تطوّر آخر، وصفت الأممالمتحدة مبادرات الحكومة السودانية المتعلّقة بالحدّ من الإفلات من العقاب في إقليم دارفور ب «الفاشلة»، بما فيها إقرار محكمة خاصة بجرائم الحرب في الإقليم، وإدخال نصوص تتعلّق بالجرائم ضد الإنسانية والإبادة في القانون الجنائي. ووثّق تقرير أعدته المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة،411 حالة انتهاك لحقوق الإنسان خلال العام الماضي في دارفور، أثّرت في 980 فرداً، متضمّنةً حالات خطف واعتداء بدني وجنسي، فضلاً عن هجمات مسلّحة ضد المدنيين، لا سيما النازحين، أدّى بعضها إلى الوفاة. وذكر التقرير الذي استند إلى معلومات «يوناميد»، أنّ عدد حالات الاعتداء الجنسي وصل إلى 127 حالة، قُدمت 12 حالة منها أمام المحكمة، لافتاً إلى أن هذا العدد أقل بكثير من الواقع. وعزت الأممالمتحدة ذلك الى قلة التقارير والخوف من الانتقام والفضيحة الاجتماعية، فضلاً عن ضعف الثقة بالسلطات لجهة تطبيق القانون. وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين، أن التقرير يرسم صورة قاتمة جداً للوضع في دارفور، نتيجة ما وصفه بالفشل المنهجي أو الرفض الصريح من السلطات لاتخاذ هذه الانتهاكات على محمل الجد. المصدر: الحياة 23/8/2015م