قالت الحكومة السودانية – منتصف الأسبوع المنصرم – أنها تملك الثقة الكافية في الرئيس التشادي ادريس دبي من أنه لن يعود بحال من الأحوال لاستضافة زعيم حركة العدل والمساواة د. خليل إبراهيم في أراضيها وقال مسؤول الإعلام في الحزب الوطني السوداني (فتحي شيلا) ان السلطات التشادية أبلغت الخرطوم أن قرارها بإجلاء خليل وحركته من اراضيها قرار سياسي قاطع لا رجعة فيه مطلقاً، وأضاف (شيلا) أن زيارة الرئيس دبي الى طرابلس مؤخراً جاءت في اطار علاقات البلدين ( تشاد والجماهيرية). وما من شك أن زيارة الرئيس دبي الى طرابلس مؤخراً قبل أن يتلوها بأخرى الى القاهرة كانت قد اثارت قدراً من الغبار حول ما اذا كان هناك أمراً ما بشأن معالجة موقف المتمرد خليل الذي استضافته طرابلس – بحسب تأكيداتها – فقط إلى حين. وتشير مصادر مطلعة في طرابلس أن الرئيس دبي قطع الطريق تماماً أمام خليل في إمكانية استضافته في أنجمينا مؤكداً أن التزامه السياسي تجاه الخرطوم استراتيجي بالدرجة الأولى ولم يعد هناك من سبيل للمساس بهذا الموقف. وبحسب ذات المصادر، فإن طرابلس تستشعر (حرجاً سياسياً بالغاً) إزاء موقفها من خليل الذي بدأ يلقي بظلال سالبة على علاقتها بالخرطوم، فالأخيرة تذرعت بقدر من الصبر والتزمت صمتاً نبيلاً – اذا صح التعبير – ولكنها لا تعتقد أنها صبرها هذا سوف يدوم الى الأبد وهي ترى أن الجارة الجماهيرية تأوي متمرداً دارفورياً يرفض التفاوض ولا يتوانى – كلما سنحت له سانحة – في شن هجمات عسكرية تعكر صفو استقرار الاقليم. وتتأسف مصادر سياسية في الخرطوم على ما تسميه عجز طرابلس عن (حسم أمرها) حيال المتمرد خليل وهي التي كانت قد وعدت حين وفد اليها ان تخيره ما بين القبول بالتفاوض في الدوحة، أو الخروج الى أوروبا بعيداً عن أراضيها. ويقول المصدر أن أسف الخرطوم بدأ يتزايد، بعد أن بدأ المتمرد خليل يطالب بنقل منبر التفاوض الى طرابلس!! بما يشير إلى محاولات غير موفقة ترمي الى احداث ربكة في العملية التفاوضية الجارية في الدوحة. وعلى كل فإن طرابلس في حاجة الى تبرئة (ذمتها السياسية) من هذا الموقف الغامض، فالسودان في هذه المرحلة مقبل على منعطف مفصلي كبير في تاريخه، ويبذل مجهودات مضنية يشهد عليها المجتمع الدولي بأسره لحل أزمة دارفور حتى لا تشوش على عملية تقرير مصير الجنوب السوداني، والجماهيرية التي عُرفت بعشقها للوحدة، يظل الظن بها، معاونة جارها السودان في المحافظة على وحدته والنأي عن اشغاله بقضية دارفور التي شارفت على الحل، واذا كانت طرابلس تضع في حساباتها مصلحة السودان والمنطقة، فإن عليها – وبتجرد سياسي كامل – أن تكف عن (المناورة) بقضية استراتيجية هامة كهذه ما كانت لترضاها هي مطلقاً لو أنها جاءت من تلقاء جارها السودان!