توقع خبراء ألا يؤدي اتفاق النفط الذي تم التوصل إليه في اللحظة الأخيرة، السبت، بين السودان وجنوب السودان إلى حل سريع للأزمة الاقتصادية التي تعانيها الخرطوم، وأن يبقى مرتبطاً بالتقدم في الموضوعات الأمنية . واتفق الجانبان على أن تدفع جوبا للخرطوم حزمة تصل إلى ثلاثة مليارات دولار، إضافة إلى رسم عن كل برميل من نفط الجنوب يعبر البنية التحتية للشمال ليصدر عبر مرفأ السودان . وقالت جوبا إن الرسم سيكون 48 .9 دولار للبرميل . ولم تعلق الخرطوم على الرسم النهائي، لكن الشافي محمد المكي رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخرطوم، قال إن الأرقام غير مشجعة “رغم أن أمراً ما هو أفضل من لا شيء" . أضاف “أعتقد أن الأزمة الاقتصادية جدية جداً جداً . لا أعتقد أن هذا القدر من المال سيحل المشكلات" . ويصعب أيضاً تحديد القيمة الاقتصادية الحقيقية للصفقة لأن الأرقام التي أوردها الطرفان “موجهة إلى الجمهور المحلي" وفق مجدي الغيزولي، الأستاذ في معهد الوادي المتصدع، وهو منظمة أبحاث لا تبغي الربح . وبدأت الخرطوم بالتخلص تدريجياً من إعانات الوقود التي تثقل كاهلها، مشيرة إلى أن الضرائب على أرباح المصارف سترتفع، على أن تفرض أيضاً ضريبة على القيمة المضافة . كما خفض المسؤولون من الوظائف الحكومية ورواتب الوزراء واستغنوا عن المستشارين الرئاسيين، وهي خطوات يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة الخرطوم محمد الجاك أحمد أنها غير كافية . ورغم أن اتفاق النفط سيزيد في حال تطبيقه واردات الحكومة، لكن تأثيره في الأزمة الاقتصادية سيرتبط وفق أحمد بقدرة الحكومة على خفض النفقات في شكل جدي . وأشار إلى أن الحكومة “لم تتمكن حتى الآن من خفض انفاقها"، وهو إلى ارتفاع بسبب التضخم الذي زاد في يونيو/حزيران بنسبة 37 في المئة عن العام الماضي . وأضاف أن ثمة حديث عن عدم تطبيق اتفاق النفط ما لم يتم الاتفاق على قضايا أخرى “لاسيما الأمن" . واعتبر الغيزولي أن الأمر يتعلق “صراحة بعرض على الطاولة أكثر منه اتفاق نهائي" . أضاف “طالما لم يتم (التوصل إلى) ترتيب أمني سيبقى الحديث عن النفط مشروطاً" . وأعرب عن اعتقاده بأنه يجب أن يكون خلف إعلان السبت تحرك غير معلن لجنوب السودان للبحث في الهواجس الأمنية . ورأى المكي أن جوبا قامت حكماً بمساومة ما على الموضوع الأمني . ويتهم السودان الجنوب بدعم حركة تمرد كبرى في ولاية كردوفان، وهي تهمة يعتقد المحللون أنها صحيحة رغم إنكار جوبا . وذكر المحللون أن اتفاق النفط أتى بعد ساعات من لقاء وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون رئيس الجنوب سالفا كير في جوبا وحضها الجانبين على التوصل إلى تسوية عاجلة . وقالت كلينتون تعليقاً على الاتفاق “نحيي شجاعة قيادة جمهورية جنوب السودان في اتخاذ هذا القرار" . (أ .ف .ب)[/b]