يظل السودان وطنا عزيزا فى قلوب كل السودانيين يفرحون بانتصاراته ويحزنون إذا حل به أذي أو اغتصب شبر من مساحاته المترامية، ورغم ان السودان وشعبه أمة مسالمة ولا يقبل الذل والهوان إلا أن تميزه بموارد عديدة ومتنوعة جعلته محط أنظار كل الطامعين في العالم ورغم ذلك ظلت محبة السودانيين لوطنهم معينا واقيا لهم من المؤامرات وصخرة صلدة تتحطم عليها كل أشكال العداءات. إن محبة السودانيين لأوطانهم برزت ليس فقط في إشكال الدفاع والتدافع والتصدي للعدوان فى ساحات الردى إنما أخذ التعبير بشتى ضروب الفنون والآداب حيث أن المشاعر الحقيقة في حب للوطن ظهرت بجلاء فى وقفتهم خلف قواتهم المسلحة مساندين وداعمين لها بالرجال والمال حين اصطف كل الشعب في صف الدفاع الأول لأن صدق الانتماء إليه هو من دفعه إلى الإيمان بأن وطنه يستحق أن يكون في مقدمة ركب الشعوب والأوطان فالوطن ليس أرضا بلا روح ، بل هو الروح الممزوجة بحب الأرض والبشر ، ومن يكره أبناء وطنه مهما كان سبب الكره فهو في حقيقة الأمر لا يحب وطنه ، بل يحب نفسه ، وإنه يبحث عن وطن بمقاسه هو فقط .. بينما الأوطان هي القلب الكبير لكل أبنائها .. وإن من ينتمي إلى هذا الوطن ينبغي أن يحترمه ويحبه وفق مقتضيات الوطن والمواطنة ولذلك كان تعبير أفراد الأمة السودانية بفرحتهم لحظة انتصار قواتها المسلحة تعبيرا صادقا نابعا من الانتماء الحقيقي لهذا الوطن العملاق لأن حب الوطن والالتزام بقضاياه ومصالحه العليا ، ليس مجالا للمزايدة ، بل هو مجال خصب للمنافسة والقيام بخطوات ملموسة في حمايته وحماية المواطنين ومكتسباته بعيدا عن النزعات النرجسية لأن الأوطان لا تحمى بالمزايدات الجوفاء ، بل بالعمل والإنتاج والتنمية والبناء العلمي والاقتصادي فكل خطوة ومبادرة في هذا السبيل هي حماية للوطن ومصالحه . ولمعرفة الرؤى حول مظاهر التعبير عن المشاعر الحقيقية فى حب الوطن استطلعت (سونا) عددا من الخبراء والاختصاصين حيث أوضح بروفيسور عبد العزيز مالك استاذ علم الادراك بجامعة الخرطوم أن المحبة للأوطان والانتماء للأمة والبلدان أمر غريزي وطبيعة طبع الله النفوس عليها، وحين يولد الإنسان في أرض وينشأ فيها فيشرب ماءها ويتنفس هواءها ويحيا بين أهلها فإن فطرته تربطه بها فيحبها ويواليها وحب الأرض اقترن بحب النفس في القرآن الكريم مدللا بقوله تعالى ( وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اُقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ أَوْ اُخْرُجُوا مِنْ دِيَاركُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيل مِنْهُمْ... (66 سورة النساء) ، ويواصل بروف مالك سرده (لسونا) حول دلالات حب الوطن مبينا أن حب الأوطان هو غريزةٌ مستوطنةٌ في النفوس تجعل الإنسان يستريح للبقاء فيه ويحن إليه إذا غاب عنه ، يدفع عنه إذا هوجم ويغضب له إذا انتقص، ولذلك كان تعبير الامة السودانية عن فرحها بانتصار القوات المسلحة والمجاهدين في تحرير أرض هجليج وإعادتها لحضن الوطن تعبيرا صادقا نابعا من الاعماق ، من يحاول ربط المواقف الإنسانية بمعاني القبيلة والعرقية لا يعلم من قيم الدين الذي هو منهاج الأمة شئ ، فالإسلام لا يغير انتماء الناس إلى أرضهم ولا شعوبهم ولا قبائلهم.. فقد بقي بلال حبشيًّا وصهيب روميًّا وسلمان فارسيًّا ولم يتضارب ذلك مع انتمائهم العظيم للإسلام.. وعندما يفكر الإنسان في طبيعته فسيجد أن له محبةً وولاءً وانتماءً لأسرته وعشيرته وأهل قريته، كما يحس بانتمائه الكبير للأمة المسلمة باتساعها وتلون أعراقها ولسانها.. إنه لا تعارض بين هذه الانتماءات ولا مساومة عليها، بل هي دوائر يحوي بعضها بعضا والسودانيين في الشمال احتضنوا اخوانهم من شعب الجنوب عندما جاءوا هاربين من ويلات الحروب والفقر والجهل قبل انفصالهم والىن إن انفصلوا جغرافيا ما زالوا مرتبطين وجدانيا حتى الآن لأن القلوب مؤتلفة والعداء جاء من الحركة الشعبية وهي لا تمثل شعب الجنوب. الاستاذ محمد عثمان محمد صالح استاذ العلوم الاجتماعية أوضح أن مقتضيات الانتماء للوطن هي محبته والافتخار به وصيانته والدفاع عنه والنصيحة له والحرص على سلامته واحترام أفراده وتقدير علمائه وطاعة ولاة أمره بجانب القيام بالواجبات والمسئوليات كلٌّ في موضعه مع الأمانة والصدق و احترام نظمه وثقافته والمحافظة على مرافقه وموارد الاقتصاد فيه، والحرص على مكتسباته وعوامل بنائه ورخائه، والحذر من كل ما يؤدي إلى انتقاصه . الاستاذ عبد الرحمن الفادنى عضو المجلس الوطني أشاد بالامة السودانية وتميز خصالها وقيمها وعميق انتمائها للوطن، كما حيا القوات المسلحة والقوات النظامية الاخرى والمجاهدين بوقفتهم الوطنية الخالصة للدفاع عن الوطن وتطهيره من كل العملاء صونا لكرامة الأمة وحفظ مكتسباتها موضحا أن الدفاع عن الوطن واجبٌ شرعي، وإن الموت في سبيل ذلك شهامةٌ وشهادة . وأضاف إن مظاهر الوطنية الصادقة يتكسر في ظلالها زيف الشعارات ولابد أن يجمع حب الوطن كل أبنائه ولايميز صفوفهم إلا المنافسة في خدمته ورفعته وإن من يرفعون السلاح بدعاوى مصلحة منطقة بعينها أنما تنقصهم الوطنية المخلصة لان الوطن لايتجزأ ويقع هؤلاء في دائرة الخيانة العظمى حيث رفعوا سلاحهم في وجه الوطن وصدور قومهم فأخطأوا سبيله ولم يجدوا صدورًا يُفرغون فيها رصاصهم إلا صدور أهليهم ولا أمنًا يُزعزع إلا أمن بلادهم ولا بناياتٍ تهدم على مَنْ فيها إلا بنايات وطنهم يزعمون أن عملهم من أجل مصلحة بلادهم وهم في حقيقة حالهم قد ارتهنوا لأعدائهم وحسادهم وصاروا أدواتٍ لهم يصرفونهم في الإساءة لأوطانهم كيف شاءوا ومن ورائهم من يبرر ويحرض.. لقد تجلوا بعار الخيانة وتلبّسوا بجرم الجناية . دكتور محى الدين تيتاوى (خبير اعلامي) ونقيب الصحفيين أبان (لسونا) إن الوطن لابد أن يكون فى مقدمة الأولويات وإن الانسان مهما بعد عن وطنه مصيره العودة إليه وإن خيرهم من عاد إليه مسالما متواضعا . وأضاف إن الكثير من أبناء الوطن الذين هجروا بلادهم وتلقوا بعض من ثقافات بلاد أخرى يتناسون بني جلدتهم مستدركا أن ما برز من بعض الجاليات السودانية في الخارج لحظة الانتصار الكبير كان مشرفا للسودان وكانوا هم الاغلبية موضحا أن أناسٌ من بني جلدتنا ويتكلمون بألستنا سُبيت قلوبهم وغزيت عقولهم وانبهروا بعدوهم ففقدوا ذواتهم واستحسنوا حلوه ومره. اللواء معاش سراج الدين عبد العزيز (متقاعد ) أبان أن صون الوطن وحفظ أمنه واستقراره يأتي في مقدمة الاولويات وهو فوق كل المصالح والاعتبارات, وإن الاولوية الأولى بالنسبة لنا جميعا, هي حماية هذا الوطن, والحفاظ على مسيرته ومنجزاته بهمة وعزيمة حتى تصبح مساحات الوطن كلها واحة للأمن والاستقرار والعيش الكريم, ومثالا في التقدم والازدهار, والقدرة على مواجهة التحديات وتحقيق أعظم الانجازات وإن احترام وتقدير القوات المسلحة حق وواجب علينا لأنها تاتي في مقدمة حب الوطن ولابد أن يكونوا موضع الاهتمام والرعاية والتقدير, والاعتزاز بتضحياتهم وما قدموها لهذا الوطن. وإن محاولة الانتقاص من دورهم تعد خيانة عظمى وأن مسئولية توضيح المواقف الوطنية ضرورة وطنية ينطلق من خلالها العمل الاعلامي الصادق لأن مطامع العدو في بلادنا ظاهرة ونوياهم في أوطاننا مكشوفة.. يتلمسون العذر للتضييق والمساومة، ويبتغون الحجة للنيل والاستغلال.. يحركون المنظمات والهيئات تجاه بلادنا للتضييق بالحكومات ولكن في واقع الحال يعد ذلك تضييقا على الوطن والمواطن لأن المواطنيين هم الذين يدفعون ضريبة التضييق والحصار.. وتحدث عدد من الاقتصاديين عن ضرورة ترتيب الاولويات وفقا لظروف البلاد حيث أن العديد من المؤسسات الاقتصادية والشركات تتدافع في دعم المواقف الوطنية في الوقت الذى يسعى البعض لاستغلال المواطن بالمبالغة في ارتفاع الاسعار طلبا للربح السريع وتعويض رأس مالها فيأتي التضييق على الوطن والمواطن بالغلو والمبالغة في التجارة وكأن الايام لا تدوم طويلا فيسعى التاجر للربح المضاعف على حساب العامة واحتكار البضائع والتلاعب في الأسعار والتضييق على الناس في معاشهم واستغلال الأحداث والظروف دون النظر إلى حال الناس.. ناهيك عن الغش والتدليس . وفي ظل العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي طال أمدها منافيا لأخلاقيات القيم ومبادئ العلاقات الدولية ومحاولات التحريض على دول الجوار للتضييق على السودان وإضعاف اقتصاده والتلويح بعقوبات أخرى فى ظل كل هذه الظروف لابد من ترتيب الاولويات وذلك بتعزيز عوامل الصمود الوطني في كافة المجالات بما فيها الاقتصادية وحماية وتطوير ودعم وتوفير مستلزمات الإنتاج الوطني في الزراعة والصناعة بجانب التفعيل في المجال النفطي والتعدين ،تلبية لمطالب جماهير الشعب بتخفيف حدة الفقر واستقرار أسعار السلع الضرورية بجانب تعزيز عوامل القوة ومرتكزاتها الاقتصاد الوطني وزيادتها ، معالجة الصعوبات القائمة أمام القطاع العام الصناعي و الحد من الغلاء وارتفاع الأسعار وقمع الاحتكار والتلاعب بالأسعار والمواصفات والسوق السوداء ومتابعة توفير مواد وسلع الاستهلاك الأساسية ومكافحة الفساد بكافة تجلياته كما يتطلب إعادة النظر بمجمل السياسات الاقتصادية والاجتماعية وإخضاعها لهذه الأولوية أي الصمود وتحصين الجبهة الداخلية . ولاكتمال المسئوليات الوطنية مطلوب من الجميع تجويد الأداء كل في موقعه مثلما ابتهج الجميع بالنصر لقواتنا المسلحة لأنها جودت عملها فنجحت في امتحان الوطنية مطلوب من الجميع مراجعة أدائه كل في موقع عمله ليكتمل دائرة حب الوطن والحفاظ على النصر الذى تحقق من قواتنا البواسل. نعمل جميعا على زيادة الإنتاج والإنتاجية وحماية البلاد من الأخطار وتحديد العدو وفضح المندسين ، وإمعان مبدأ المحاسبة والمتابعة والتقييم والتحفيز . إن محبة الوطن لا بد ان تعلو على كل الاولويات وتعميق المعاني التي تغنى بها الشعراء والفنانيين عزيز انت يا وطني برغم قساوة المحن ،برغم صعوبة المشوار ورغم ضراوة التيار ،سنعمل نحن يا وطني لنعبر حاجز الزمن ،حياتك كلها قيم تتوج همة شماء ،فكم فى الدرب من ضحو وكم فى الخلد من شهداء.كما قال اخر في الفؤاد ترعاه العناية ،بين ضلوعي الوطن العزيز ،لي عداه بسوي النكاية، وان هزمت بلملم قواي ،غير سلامتك ما لي غاية ،إن شاء الله تسلم وطني العزيز .ونردد جميعا اخوانك معاك ما بدلوها قضيه ، رابطين الخيول ما زالو في الردميه ، حافظين العهود البي الدموم مرويه ، جاهذين للجهاد أفواج صباح وعشيه، عهدا كان معاك شلناهو ما بتخلي ، رايه الحق ترفرف عاليه بي شارع الله ، جيشك من دواس ما قالو قبل ولى ، ضوق للعدو معني الهوان والذله . ع ش