رصد - سعيد الطيب ثمة تحديات من جهة واطماع خارجية من جهة ثانية تتربص بعالمنا العربى الان ..ونشأت معظم التحديات - تقريبا- بعيد رحيل الانظمة الشمولية العربية بعد الربيع العربى الذى اطلقت شرارته تونس حينما اندلعت ثورة الأحرار التونسية يوم الجمعة 17 ديسمبر 2010م واجبرت الرئيس بن علي على التنحي عن السلطة ومغادرة البلاد بشكل مفاجئ بحماية أمنية ليبية إلى السعودية يوم الجمعة 14 يناير 2011م تلتها مباشرة ثورة 25 يناير أو ثورة الغضب هي انتفاضة شعبية اندلعت يوم الثلاثاء 25 يناير 2011 م احتجاجًا على سوء المعاملة خاصة بعد ظهور العديد من التسجيلات المصورة التي تظهر انتهاك رجال الشرطة للحقوق الإنسانية ولكن تعاملت الشرطة والأمن المركزي بعنف وقامت بستخدام الرصاص الحي، وكانت البداية في محافظة السويس ومات فيها أكثر من 20 شابا مما جعل أهالي السويس تخرج في مظهرات حاشدة، سريعاً ما تبعتها باقي المحافظات وتحولت المظاهرة من احتجاج على قمع الشرطة إلى احتجاج على سوء الأحوال المعيشية والبطالة والسياسة والاقتصاد والتوريث واحتجاجا على ما اعتبر فساداً في ظل حكم الرئيس محمد حسني مبارك واعتبر البعض الثورة المصرية جسدا بلا رأس، لأنه لم يكن يُعلن أحد نفسه محركا للثورة، حتى النشطاء والمعارضين لم يكن لهم أي ظهور، فلقد كانت الثورة على حد تعبير الكثيرين هي ثوره (ربانية) اجبرت الرئيس محمد حسني مبارك التنحى عن الحكم في 11 فبراير 2011 م، ثم كانت الثورة الثالثة (ثورة 17 فبراير) هي ثورة شعبية ليبية اندلعت شرارتها يوم الخميس 17 فبراير عام 2011 م, وسيطر الثوار على العاصمة الليبية بما في ذلك مجمع باب العزيزية المحصن الذي تعرض للقصف عدة مرات من طائرات حلف شمال الأطلسي، وفي يوم الخميس الموافق 20 أكتوبر 2011 توفي معمر القذافي في مدينة سرت آخر معقل له ودفنت جثته بعدها في مكان سري، وبمقتل القذافي وبعض أبنائه وهروب آخرين إلى خارج ليبيا انتهي حكم عائلة معمر القذافي الذي دام أكثر من 40 عاما . وفى ذات العام 2011م اندلعت ثورة الشباب اليمنية أو ثورة التغيير السلمية وهي ثورة شعبية انطلقت يوم الجمعة 11 فبراير 2011 م الذي أطلق عليه اسم "جمعة الغضب" (وهو يوم سقوط نظام حسني مبارك في مصر) وقاد الثورة الشبان اليمنيون بالإضافة إلى أحزاب المعارضة للمطالبة بتغيير نظام الرئيس علي عبد الله صالح الذي حكم 33 عاماً, وقد غادر اليمن متوجها إلى السعودية يوم 4 يونيو للعلاج ثم عاد يوم 23سبتمبر2011 وغادر ثانية يوم 23/1/2012 إلى سلطنة عمان ومن ثم إلى الولايات المتحدة للعلاج وقد سلم نائبة عبدربة منصور هادي صلاحياتة الدستورية لحين انتخاب رئيس جديد للبلاد ,اما الثورة الرابعة فكانت الانتفاضة السورية أو ثورة الأحرار السورية هي انتفاضة شعبية انطلقت يوم الجمعة 18 مارس عام 2011 م متأثرة بموجة الاحتجاجات العارمة التي اندلعت في الوطن العربي مطلع عام 2011 م الا انها لم تستطيع احداث تغيير سياسى كما حدث للثورات الثلاث الاول . وشهدت مملكة البحرين احتجاجات فى ذات العام 2011 م وكانت حملة احتجاجات شعبية بدأت يوم الإثنين 14/2/2011 م متأثرة بموجة الاحتجاجات العارمة التي اندلعت في الوطن العربي، سمّيت هذه الانتفاضة بثورة اللؤلؤ وهناك من أسماها ب"ثورة الورود" و قادها شباب مستقلون إلى جانب سبع جمعيات معارضة شيعية وليبرالية وقومية وبعثية تطالب بالحرية والديمقراطية الا أنّها كانت شعبية بحته، وكدلك شهدت الجزائر حملة احتجاجات شعبية غير انها عمليا لم تنجح في جذب الشعب إليها بعد ذلك انتقلت الثورات إلى جيبوتي ذات الأهمية الإستراتيجية الواقعة على الساحل الشمالي الشرقي لأفريقيا. و استمرت في سبعة مدن، غير انها لم نحدث تغييرا سياسيا ,بينما ثارت احتجاجات شعبية موريتانية بدأت منذ مطلع شهر يناير عام 2011 م على شكل احتجاجات متقطعة للمطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفى دات العام (المدهش 2011م) شهدت العراق حملة احتجاجات شعبية بدأت منذ مطلع شهر فبراير عام 2011 م متأثرة بموجة الاحتجاجات العارمة التي اندلعت في الوطن العربي وقاد الاحتجاجات شبان يطالبون بالقضاء على الفساد وإيجاد فرص عمل لأعداد كبيرة من العاطلين خاصة حملة الشهادات الجامعية، والقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية. وايضا شهدت فلسطين الجريحة حملة احتجاجات لإنهاء الانقسام بدأت في 13/2/2011 قام بها مجموعة من الشباب تحت اسم الحملة الوطنية الشبابية لإنهاء الانقسام بين حركتى فتح وحماس والاحتلال, وشهدت المملكة الاردنية الهاشمية ايضا موجة احتجاجات فى نفس العام المدهش انطلقت في مختلف أنحاء الأردن مطلع عام 2011 م متأثرة بموجة الاحتجاجات العربية العارمة التي اندلعت في الوطن العربي وكان من الأسباب الرئيسة لهذه الاحتجاجات تردي الأحوال الاقتصادية وغلاء الأسعار وانتشار البطالة وانتشار الفساد. وكدلك شهدت المملكة المغربية حملة احتجاجات شعبية انطلقت يوم الأحد 20/2/2011 م وقادها الشبان المغاربة "حركة 20 فبراير" بدعم من الهيئات الحقوقية والأحزاب السياسية المغربية وعموم المواطنين المغاربة, وطالب المتظاهرون بملكية برلمانية وبإصلاحات سياسية واجتماعية. اما فى سلطنة عمان فقد انطلقت احتجاجات شعبية يوم الجمعة 18 ينايرعام 2011 م, قادها الشبان العمانيون الذين طالبوا بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وقد قام السلطان قابوس باجراء بعض التعديلات وذلك بعد الاخذ بعين الاعتبار الكثير من مطالب شعبه. حتى المملكة العربية السعودية شهدت مجموعة احتجاجات متفرقة بدأت يوم الخميس 3 مارس عام 2011 م قادها ايضا الشبان السعوديون للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية. وأعلن الملك عبد الله بن عبد العزيز يوم الجمعة 18/3/2011 م عن حزمة من الإجراءات تشمل مكافحة الفساد, ومخصصات مالية بمليارات الدولارت لرفع الأجور, وتوفير آلاف الوظائف, وبناء نصف مليون وحدة سكنية للعاطلين والموظفين والطلاب. الاحتجاجات اللبنانية انطلقت يوم 27 فبراير عام 2011 م وقادها الشبان اللبنانيون للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية. كان من الأسباب الرئيسة لهذه الاحتجاجات هو النظام الطائفي الذي يحكم لبنان منذ أكثر من سبعة عقود، حيث أن الرئاسات الثلاث (الدولة, الحكومة, مجلس النواب) مُقسمة بشكل طائفي منذ أيام الانتداب الفرنسي واستمر حتى بعد جلائه عن لبنان عام 1946 م. فجاءت هذه المظاهرات للمطالبة بنظام علماني مدني ينهي التقسيم الطائفي للبلاد الذي كان وقوداً الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت بين عامي 1975 و1990 م. اخيرا الاحتجاجات السودانيةكانت طفيفة انطلقت في 30 يناير عام 2011 م وكانت تطالب بالقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية كما نادى عدد ضئيل منها بتغيير النظام. بعض هذه الاحتجاجات دعا إليها طلبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت مثل فيسبوك، .. ولكن فى العام 2013م تطورت الاحتجاجات واطلق عليها من قبل المحتجين ثورة 23 سبتمبر (بعد رفع الدعم عن المحروقات) ولقيت تجاوب ضعيف من الشارع . الان تتداعى على العالم العربى بعد مرور ست اعوام من ثورات الربيع اثار خارجية لتحولات سياسية خيمت على الفضاء الدولى ففى العام الماضى 2017م لوحده شهد النظام الدولي، سلسلة من الأحداث المهمة كان لبعضها تأثيرات بعيدة المدى على أوضاع العالم العربي؛ ففي الولايات المتحدة الأميركية، أسفرت الانتخابات الرئاسية، التي جرت في نوفمبر 2016، عن فوز دونالد ترامب الذي تعهَّد بإحداث تغييرات عميقة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية، خاصة ما يتصل منها بمنطقة الشرق الأوسط. وفي روسيا، واصل فلاديمير بوتين سياسة خارجية ترمي إلى تمكين روسيا من استعادة دورها على الساحة الدولية، وبدا واضحًا أن سوريا أصبحت هي الحلبة التي قرر أن يستعرض فوقها قدراته على الفعل وإحداث التغيير المنشود. وفي أوروبا، برزت تحديات ومخاطر جديدة هددت حالة استقرار وازدهار سادت القارة طوال عقود مضت. فبعد تصويت أغلبية الشعب البريطاني في منتصف العام 2016 لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، ازدادت المخاوف من انفراط عقد الاتحاد الأوروبي بسبب تنامي التيارات اليمينية المتطرفة في عدد من الدول الأوروبية، بما فيها فرنسا وألمانيا. ورغم عدم وقوع أحداث جسيمة أو غير مألوفة في الدول الكبرى الأخرى، كالصين واليابان والهند وغيرها راح النظام العالمي يواصل مسيرته البطيئة نحو تعددية قطبية لم تكتمل ملامحها النهائية بعد. ولأن نتائج معظم الانتخابات التي جرت في عدد من الدول الأوروبية عام 2017، خصوصًا في فرنسا وألمانيا، أكدت توقف نمو اليمين المتطرف مؤقتًا، وربما تراجعه مقارنة بتوقعات سابقة، فقد ظلت التوجهات العامة للسياسة الخارجية الأوروبية كما هي دون تغيير. تُعَدُّ (أزمة حصار قطر) نموذجًا للأزمات التي عكست شعار (أميركا أولًا) كموجِّه لبوصلة السياسة الخارجية الأميركية في عهد ترامب. فقبل أسابيع من اندلاع هذه الأزمة وقع اختيار ترامب على المملكة العربية السعودية لتصبح محطة توقفه الأولى في أول رحلة خارجية يقوم بها كرئيس للولايات المتحدة؛ الأمر الذي بدا مفاجئًا بالنسبة لكثيرين بعد كل الانتقادات الحادة التي سبق له توجيهها للمملكة إبَّان حملته الانتخابية. فقد تبين لاحقًا أن هذه الزيارة لم تكن مدفوعة فقط باعتبارات المجاملة لدولة حليفة، وإنما بدت وكأنها تمهد لاعتماد وتدشين السعودية وكيلًا لقيادة المنطقة، خصوصًا بعد أن وقع عليها الاختيار لتنظيم أول مؤتمر أميركي عربي إسلامي يُعقَد في عاصمة عربية، ويصلح في الوقت نفسه كمنبر يمكن لترامب أن يخاطب من خلاله دول وشعوب المنطقة ويوجه إليها ما يشاء من رسائل. وقد لفت نظر المراقبين ما تضمنه خطاب ترامب في هذا المؤتمر من إشادة كبيرة بالدور الإيجابي للسعودية في مكافحة الإرهاب، ومن هجوم شرس على إيران التي اعتبرها المصدر الرئيسي لزعزعة الاستقرار في المنطقة، ولكن فى 6 ديسمبر 2017، وبشكل مفاجئ، اعلن ترامب نفسه الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل وإصدر أمرًا لوزارة الخارجية الأميركية باتخاذ إجراءات فورية لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. اما روسيا بوتين فهى تبذل محاولات مستميتة لتمكينها من استعادة مكانتها كقوة كبرى على مسرح السياسة العالمية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، بالتوازي مع استمرار تراجع دور ومكانة الولايات المتحدة. فبعد أن تمكن من ترسيخ مكانة روسيا في جوارها الجغرافي المباشر ومن إفشال المخططات الغربية الرامية لحصارها؛ الأمر الذي تجلَّى بوضوح إبَّان أزمتي جورجيا ثم أوكرانيا، راح بوتين يراقب بقلق ما يجري على الساحة شرق الأوسطية، خاصة عقب اندلاع ثورات "الربيع العربي" التي أطاحت برؤوس أنظمة حاكمة، من بينها أنظمة صديقة كنظام القذافي في ليبيا وبدأت تهدد أنظمة أخرى كنظام الأسد. وقد حاولت روسيا في البداية تفهم أسباب تلك الظاهرة وإبداء تعاطفها مع حاجة الشعوب العربية للتغيير، الأمر الذي دفعها للامتناع عن استخدام الفيتو لعرقلة تدخل حلف الناتو في الأزمة الليبية. لكن بعد سقوط نظام العقيد القذافي وتحول ليبيا بسببه إلى دولة فاشلة، أدركت روسيا أن استمرار موقفها المحايد سيضر بمصالحها، خصوصًا أن الناتو تجاوز الصلاحيات الممنوحة له في الأزمة الليبية. لذا، أصبحت روسيا أكثر حرصًا في المراحل التالية من مسار "الربيع العربي" على عدم رؤية "النموذج الليبي" يتكرر مرة أخرى، ومن ثم راحت تراقب الوضع في سوريا بكثير من القلق، إلى أن قررت في نهاية المطاف أن تلقي بثقلها وراء نظام بشار الأسد لإفشال المخططات الغربية والإقليمية الرامية إلى إسقاطه. اذن الان تحيط بالدول العربية ثلاث قوى إقليمية، هي: إيران وتركيا وإسرائيل، تتنافس فيما بينها للحصول على أكبر قدر ممكن من النفوذ داخل العالم العربي الذى يرتبط معها بعلاقات تاريخية شديدة التباين، رغم غلبة الطابع الصراعي عليها؛ فتركيا وإيران دولتان إسلاميتان راسختا الجذور في المنطقة، رغم طموحاتهما الإمبراطورية، وتربطهما بالعالم العربي علاقات تاريخية تراوحت بين التعاون والصراع. أما إسرائيل فيُنظَر لها في العالم العربي باعتبارها دولة دخيلة عدوانية وتوسعية في الوقت نفسه. ورغم إقدام دول عربية، كمصر والأردن، على إبرام معاهدات سلام معها، وتوقيع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاقية أوسلو، والاردن اتفاقية وادى عربة ومصر اتفاقية كامب ديفيد إلا أن الشعوب العربية لا تزال تنظر إلى إسرائيل كمصدر تهديد رئيسي للأمن القومي العربي. ولكل من هذه القوى الإقليمية الثلاث أدوات وآليات مختلفة لممارسة النفوذ والتأثير داخل العالم العربي. وقد أثبتت الأحداث التي تداعت على المنطقة، عام 2017، أن كفة إيران في حلبة التنافس الإقليمي المشتعل على النفوذ فيها هي الأرجح. فالنفوذ الإيراني داخل العالم العربي في حالة تمدد، بينما يبدو النفوذ التركي في حالة انحسار، رغم إمساك تركيا بأوراق عديدة لا تزال قابلة للاستخدام. وتدل تطورات الأحداث التي وقعت في كل من اليمن وسوريا خلال عام 2017 على أن كفة المعسكر الإيراني تبدو هي الأرجح؛ ففي اليمن جاءت هذه الأحداث كاشفة لحقائق مهمة منها صمود نظام الأسد وتمكن جيشه من تحقيق انتصارات كبيرة ليس فقط في مواجهة الجماعات الإرهابية، وإنما أيضًا في مواجهة قوى المعارضة التي تحمل السلاح في وجهه، وذلك بفضل العون العسكري المقدَّم له من الدول الحليفة، وفي مقدمتها إيران التى دخلت كطرف رئيسي جنبًا إلى جنب كل من روسيا وتركيا، في معادلة التسوية السياسية للأزمة في سوريا. ورغم أن الدور الروسي كان الأكبر والأهم في حسم المعارك العسكرية، إلا أن تواجد إيران الكثيف على الأرض السورية وقدرتها على ممارسة نفوذ سياسي وأيديولوجي أكبر يضفيان على دورها مزية إضافية في مواجهة روسيا وتركيا. اخيرا يقع عالمنا العربى بين ابتزاز أميركي واستهتار بالحقوق العربية وتنامى نفوذ روسي متزايد نجح في استغلال الأزمة السورية ليس فقط تدعيم وجوده العسكري الدائم هناك وإنما أيضًا لتدعيم نفوذه السياسي ومصالحه الاقتصادية والأمنية في المنطقة ككل وغرور إسرائيلي واختراق إقليمي ومع ذلك كله المتاح والفرصة الوحيدة للخلاص من التحديات الراهنة ان تكون كلمتنا واحدة فقط وبارادة عربية موحدة يمكن القضاء على كل ما سبق .