رصد / مريم الهادى الخرطوم 11-9-2019م (سونا) - من المتوقع أن يبلغ معدل نمو الدول العربية نحو 2.5 في المائة في عام 2019 مقابل نحو 2.1في المائة للنمو المُسجل عام 2018ويأتي ذلك انعكاساً لخفض تقديرات النمو الاقتصادي في كل من الدول العربية المُصدرة للنفط والمستوردة له كنتيجة لتباطؤ الطلب الخارجي وتأثيراته المتوقعة على الصادرات النفطية وغير النفطية. و أبقى تقرير صادر فى سبتمبر الجارى على توقعات النمو الاقتصادي للدول العربية خلال عام2020 عند مستوى يدور حول 3.0 في المائة في ظل التعافي النسبي المتوقع للاقتصاد العالمي، وتواصل الآثار الإيجابية لبرامج الإصلاح الاقتصادي، وإصلاحات السياسات الاقتصادية الكلية، والإصلاحات الهيكلية التي تنفذها الدول العربية لدعم الاستقرار الاقتصادي وحفز النشاط الاقتصادي. و أشار تقرير صندوق النقد العربى حول آفاق الإقتصاد العربى الذى أصدره فى سبتمبر الجارى والذى تضمن تحديثات لتوقعات النمو الإقتصادى والتضخم فى الدول العربية لعامى 2019م 2020 م فيما يتعلق باتجاهات تطور المستوى العام للأسعار، انه من المتوقع أن تتأثر معدلات التضخم خلال عامي2019 و2020 بعدة عوامل على المستويين الداخلي والخارجي. فعلى المستوى الداخلي، يتوقع تأثر معدل التضخم بسلسلة الإصلاحات المالية والمبادرات والتدابير التعويضية المُتبعة لتخفيف أثرها على المستهلكين.وأنه على مستوى العوامل الخارجية، فيتمثل أهم تلك العوامل في كل من التغيرات المتوقعة للأسعارالعالمية للنفط، والمواد الخام، والسلع الاستراتيجية، إضافة إلى التغيرات في أسعار الصرف. وتوقع التقرير أن يتراجع معدل التضخم في الدول العربية إلى حوالي 6.7 في المائة خلال عام 2019، ونحو 6.5 في المائة في عام 2020. أشار التقرير إلى أن المؤسسات الدولية خفضت تقديراتها لمعدل نمو الاقتصاد العالمي المتوقع خلال عام 2019 في ظل ضعف مستويات النشاط الاقتصادي العالمي، والتجارة الدولية انعكاساً لحالة عدم اليقين التي خلفتها التوترات التجارية المتصاعدة ما بين أكبر قوتين اقتصاديتين على مستوى العالم -الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين- وتزايد وتيرة الحمائية التجارية، وهو ما أثر على أنشطة التصنيع والاستثمار والتجارة الدولية.و في المقابل، من المتوقع حدوث تحسن نسبي للنشاط الاقتصادي العالمي عام 2020 بافتراض التوصل إلى اتفاقات مُرضية بشأن النزاعات التجارية القائمة والعودة إلى مسارات تحرير التجارة في إطار النظام التجاري العالمي متعدد الأطراف. وذكر التقرير انه لا يزال الاقتصاد العالمي يواجه عدة مخاطر يأتي على رأسها تأثير التوترات التجارية على مسارات النموالاقتصادي العالمي والتجارة الدولية، وتصاعد مستويات المديونيات وتأثيراتها السلبية المتوقعة على موازنات الأسر والشركات، علاوة على الأثر المتوقع لتباطؤ الاقتصاد الصيني، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون التوصل إلى اتفاق، والشكوك بشأن قدرة الاقتصادات العالمية على بلوغ أهداف التنمية المستدامة 2030. بناءً على حالة الاقتصاد العالمي الراهنة وما يستتبعها من تباطؤ لمستويات الطلب الخارجي، وأشار التقرير إلى الإصلاحات التي تتبناها البلدان العربية منذ سنوات مضت لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي، وزيادة معدلات النمو الاقتصادي، وخلق المزيد من فرص العمل، وزيادة مستويات التنويع الاقتصادي، وتعزيز إنتاجية وتنافسية اقتصاداتها بما استتبعه ذلك من تكثيف وتيرة التدابير الرامية إلى تحقيق الانضباط المالي، وزيادة مستويات مرونة الاقتصادات العربية، وبناء حيز السياسات بهدف تقوية وضع هذه الاقتصادات مقابل التقلبات الاقتصادية الداخلية والخارجية. في ضوء ما سبق، أكد التقرير إن أبرزالأولويات على صعيد السياسات تتمثل في زيادة مستويات التنويع الاقتصادي حيث تبنت الدول العربية خلال العقود الماضية مجموعة من الإصلاحات التي تستهدف تنويع الهياكل الاقتصادية والإنتاجية بما ساعد على تحقيق الدول العربية كمجموعة لتقدم نسبي على صعيد تنويع هياكل الإنتاج وانخفضت على أثرها مساهمة قطاع النفط والصناعات الاستراتيجية لتتراوح بين 20 و40 في المائة من الناتج خلال العقود الخمسة الأخيرة. وأشار التقرير الى أن تلك الدول لا زال يتعين عليها تكثيف الجهود الرامية إلى تنويع هياكل الاقتصادات الوطنية وزيادة مساهمة القطاعات الاقتصادية الأخرى، لاسيما قطاع الصناعة التحويلية الذي لا تزال مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي محدودة عند مستوى 10.4 في المائة ذلك مقارنة بنحو22 في المائة للمتوسط المُسجل في الدول النامية والأسواق الناشئة، ونحو 16 في المائة للمتوسط العالمي. و نبه التقرير الى الحاجة الملحة الى تحول الاقتصادات العربية إلى اقتصاد المعرفة وذلك في خضم التطورات التي يشهدها العالم حالياً في إطار الثورة الصناعية الرابعة ، حيث لا تزال مساهمة الدول العربية محدودة في هذا المجال وان التحول نحو اقتصاد المعرفة يوفر فرصا كبيرة لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق المزيد من فرص العمل للشباب في الدول العربية سواءً إذا تعلق الأمر بالقطاعات التقليدية مثل قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات التي يمكنها الاستفادة من التطور التقني المتسارع لدعم الإنتاجية والتنافسية، أو فيما يتعلق بالقطاعات التي ترتبط بالتقنيات الحديثة التي برزت في إطار الثورة الصناعية الرابعة مثل قطاعات الذكاء الصناعي، وأنترنت الأشياء، والبيانات الكبيرة، والتقنيات المالية، وتخزين الطاقة وغيرها من التقنيات الأخرى التي بإمكانها دفع معدل نمو الدول العربية بشكل ملموس. و فى مجال دعم رأس المال البشري ذكر التقرير ان التفاوت في رأس المال البشري عبر البلدان – إلى جانب رأس المال العيني ونمو السكان يعد مسؤولاً بشكل كبير عن تفسير التباينات في مستوى النمو الاقتصادي. وانه فى هذا الصدد، تواجه البلدان العربية تحديات تتعلق بتعزيز رأس المال البشري حسب ما يظهره المؤشر الجديد لقياس رأس المال البشري وهوما يتطلب إيلاء المزيد من الاهتمام بدعم رأس المال البشري ، من خلال دعم قطاعات التعليم والصحة والتدريب والبحث العلمي وتشجيع التميز. وأشار التقرير انه لا يزال تحدى خفض معدلات البطالة يأتي على رأس التحديات الاقتصادية التي تواجه الدول العربية حيث يُمثل معدل البطالة في الدول العربية البالغ نحو 10 في المائة وفق بيانات البنك الدولي ضعف معدّل البطالة المسجل في العالم وتتركز البطالة في الدول العربية بين أوساط الشباب والإناث والمتعلمين والداخلين الجدد إلى أسواق العمل و يستلزم خفض معدلات البطالة مجموعة من السياسات الهادفة إلى إحداث تحول شامل في هياكل الاقتصادات العربية، وزيادة مستويات ديناميكية أسواق العمل، وتقوية دور القطاع الخاص، علاوةعلى مبادرات وسياسات لدعم التكامل الإقليمي والعالمي. وتحتاج الدول العربية إلى المزيد من الاهتمام بإصلاحات الاقتصاد الجزئي التي تشمل كافة السياسات وأورد التقرير ان التحديات تستهدف تقليل التشوهات الاقتصادية وتحقيق الكفاءة في استخدام الموارد الاقتصادية. في هذا الإطار،تواجه أسواق العمل والمنتجات في عدد من الدول العربية تحديات نظراً إلى الحاجة إلى زيادة مستويات مرونة هذه الأسواق بهدف رفع الكفاءة الاقتصادية وزيادة مستويات الإنتاجية والتنافسية. وأكد التقرير ضرورة تقوية حيز السياسات لرفع مرونة الاقتصادات العربية مقابل الصدمات الاقتصادية ويلاحظ التأثير القوي للتداعيات في البيئة الاقتصادية الدولية على مسارات النمو في الدول العربية، وهو ما يُستدل عليه من ارتفاع قيمة معامل الارتباط بين معدلي نمو الاقتصادات العربية والاقتصاد العالمي إلى نحو 0.84 خلال العقدين الماضيين. إن تعزيز مستويات مرونة الاقتصادات العربية تجاه التقلبات الاقتصادية يستدعي إضافة إلى زيادة مستويات التنويع الاقتصادي، توجيه المزيد من الاهتمام بتقوية حيزالسياسات بما يشمله ذلك من سياسات لتحقيق الانضباط المالي وضمان الاستدامة المالية، وزيادة مستويات مرونة نظم أسعار الصرف واستهداف التضخم في بعض البلدان وتعزيز مستويات الاحتياطيات الخارجية التي شهدت تراجعاً في بعض الدول في الآونة الأخيرة. وذكر التقرير ان البلدان العربية خطت خطوات مهمة على صعيد تحقيق التكامل الاقتصادي منذ إطلاق منطقة التجارة الحرة العربية التي تستهدف زيادة مستويات التجارة البينية السلعية وإزالة الحواجز التعريفية وغير التعريفية للوصول إلى الاتحاد الجمركي العربي الذي سيستتبعه التفاوض للوصول إلى السوق العربية المشتركة كدرجة أعمق من درجات التكامل الاقتصادي العربي. وحرصت البلدان العربية مؤخراً على إدماج التجارة في الخدمات ضمن مفاوضات تحرير التجارة البينية إدراكاً من الدول العربية للأهمية الاستراتيجية لهذا القطاع المهم، وخطوة نحو تعميق مستوى التكامل الاقتصادي العربي في ظل مساهمة قطاع الخدمات بنحو48 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ونحو 54 في المائة من مستويات التشغيل. وأن هذه الجهود توجت بإقرار الاتفاقية العربية لتحرير التجارة في الخدمات بين الدول العربية كاتفاقية مستقلة عن منطقة التجارةالحرة العربية الكبرى، من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ خلال النصف الثاني من عام 2019 و ان من شأن تفعيل العمل بهذه الاتفاقية زيادة مستويات التجارة البينية للدول العربية إلى المستويات المماثلة في التكتلات الاقتصادية الدولية الأخرى، ودعم فرص النمو والتشغيل. كما يتطلب دعم التكامل الإقليمي أيضاً جهود موازية لحفز الاستثمارات وانتقالات رؤوس الأموال العربية البينية.