سوزان رايس مندوبة العلاقات الخارجية بالأممالمتحدة، شربت كوباً من الشاي في الصباح الباكر ثم اجتمعت مع أعضاء مكتبها ليقرروا بأنه يجب على السودان السماح بدخول «200.4» جندي أثيوبي في منطقة أبيي التي يحيط بها النزاع من كل جانب، والتي يجب أن تنتظر إلى حين الفراغ من تكوين «حكومة السودان الجنوبية» ليكون بعد ذلك لكل جاردن حديث. هكذا وبكل بساطة أيها الإخوة قرار السيدة سوزان رايس، ذلك وهي تعلم علم اليقين أن قواتنا المسلحة الباسلة قد استولت على منطقة أبيي حتى بحر العرب، وأن الدولة وضعت إنابة عنهم القوات المسلحة السودانية التي ستدير أبيي كما ينبغي، والتي نشد من أزرها إلى أن يتفق المسيرية ودينكا نقوك الاتفاق الذي يعطي كل ذي حق حقه. وبكل أسف إخوتي الأعزاء كانت اتفاقية الوضع الانتقالي لأبيي التي وضعها الشريكان المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بأديس أبابا يوم 20/6/2011م، تنص على أشياء غريبة وعجيبة ولا تمت بصلة إلى أهالي السودان الشمالي أو إلى ما يسمى بمنطقة أبيي، فكما تقول اتفاقية مشاكوس فإن حدود يناير 1956م كلها تتبع لشمال السودان بما في ذلك أبيي، وبعد الهجوم الأخير الذي تم على منطقة أبيي قرر رئيس الجمهورية عمر حسن أحمد البشير حل إدارية أبيي السابقة وتشكيل لجنة رباعية جديدة مناصفة بين الشريكين، كما نصت على أن يكون انسحاب القوات متوازياً لمسافة عشرين كيلومتراً على أن تنشر قوات أثيوبية في منطقة أبيي قوامها «200.4» مقاتل لحفظ الأمن الكامل في تلك المنطقة. من هنا أيها الإخوة نعود إلى حديثنا السابق.. الحركة الشعبية هي من أذكى خلق الله، وإن الذين يقولون بأن الحركة الشعبية لا تعرف التاريخ والجغرافيا أقول لهم لا.. فكيف بالله تحكمون على حركة رضيت باقتحام القوات المسلحة الشمالية لمنطقة أبيي حتى بحر العرب، ثم رضيت بكل ما قدمته اللجنة السودانية التي التقت بها في أديس أبابا، وقد قدم المفاوضون السودانيون بالشمال وليتهم لم يفرحوا، أتدرون لماذا.. لأنه وببساطة تريد الحركة الآتي: أولاً: تجميد الموقف بقدر الإمكان على ما هو عليه حتى تكوين حكومتهم الجديدة. ثانياًَ: انسحاب المؤتمر الوطني من منطقة أبيي الشمالية لحين البت في أمرها. ولكن السؤال.. أين المسيرية في هذا الموضوع.. ولماذا لم يقل المؤتمر إنني سأنسحب من منطقة أبيي بشرط مشاركة المسيرية في عملية الاستفتاء بمنطقة أبيي.. لماذا لم تقل القوات المسلحة بأبيي سأنسحب من أبيي بشرط مشاركة المسيرية في عملية الاستفتاء.. وأخيراً لماذا لم يقل السيد الرئيس بأبيي سوف أنسحب من أبيي شرط مشاركة المسيرية في عمليات الاستفتاء. أيها الإخوة هذا هو الكرت الذي يمكن به الضغط على الحركة الشعبية وكل من والاها وأيدها، وهذا هو الكرت الذي يجعلنا أقوياء ويبقينا أقوياء ولكننا وكالعادة حرقنا هذا الكرت بعد أن وافقنا على أن ترسل أثيوبيا زهاء ال «200.4» جندي إلى منطقة أبيي لحراستها، من هنا لا أزيد، حرقنا هذا الكرت بعد أن مانعت الأممالمتحدة على تغيير الجنود السودانيين الذين كانوا في أبيي بجنود أثيوبيين ويعرف السيد مالك عقار كيف يديرهم ويحتويهم، لأنه كان من قبل أن يطمع في ضم ولاية النيل الأزرق إلى أثيوبيا، لذلك يجب أن يحبوه ولو إلى حين. لقد عاد المشير عمر البشير من الصين وقال بالحرف الواحد إن الحلو مجرم وسيقع في يد العدالة، وكان ذلك بالعربي الذي نفهمه وعلى جميع أجهزة المؤتمر الوطني أن تعتبر عبد العزيز آدم الحلو مجرماً، وأن تضعه في خانة اللائحة السوداء، ويجب أن لا نسمع نحن السودانيين برجل اسمه عبد العزيز الحلو.. ويعني ذلك أيها الإخوة أن ولاية جنوب كردفان صارت خالصة للشمال، وعلى مولانا أحمد هارون أن يبحث له عن نائب والي بدلاً عنه إذا أراد ذلك. أيها الإخوة إن القرار الذي أصدره حزب المؤتمر الوطني على الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه مؤخراً بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا بين الحزب الحاكم والحركة الشعبية قطاع الشمال، يعتبر قراراً خاطئاً ومجحفاً ورهيباً بحق السودانيين الذين عانوا كثيراً ودفعوا أثمان غالية لأخطاء أفراد يملكون الحزب الحاكم منذ أن بدأت مشاكوس ثم نيفاشا وحتى قرب انفصال الجنوب الذي تم في 9/7/2011م. وكان الأجدى والأهم لمثل هذا القرار أن يتم إرساله إلى السيد أحمد إبراهيم الطاهر وأعضاء المجلس الوطني ليقرروا فيه بالتي هي أحسن.. أو إرساله إلى رئاسة الجمهورية ليكون مسؤولية رئاسة الدولة.