وأنت تمر بشارع أفريقيا.. لابد أن تشاهد أعمال الصيانة التي تقوم بها المحلية في الساحة الخضراء - (على قدم وساق)- وقد تبدت الحلة الزاهية تكشف عن ألوانها، وتعيد للاخضرار رونقه.. فتكتسي تلك المساحة الشاسعة ببساط يتماهى كِبراً.. ويشمخ غروراً.. بعد أن ألبسه النطاس البارع رداء الجمال- (عبد الرحمن الخضر)- عملية تضميد لجراحه التي أحالت نواره إلى ذبول. فكم أهدرت الولاية من وقتٍ وجهدٍ ومال في سبيل ترميم وإعادة تأهيل هذه المنطقة المهمة، التي تعتبر واجهة للعاصمة (بعد أن اطبق عليها غول الاهمال). إن الإهمال في المرافق العامة لا نعرف من هو المتسبب فيه، هل هو من المواطن أم الدولة.. التي تصرف أموالاً طائلة لإقامة مشاريع.. كبيرة دون أن تملك آلية المحافظة عليها ورعايتها.. وتعود من جديد لتدفع (ثمن الإهمال).. بلا أدنى خوف أو وجل من تكرار ذات السيناريو..! نحتاج لعاصمة جميلة ومتنزهات.. وخضرة.. وزهور ونحتاج أكثر لتوعية المواطن.. للمحافظة عليها..! الإهمال في التعليم ندفع ثمنه الجهل الذي يؤدي إلى كثير من الكوارث.. وضياع أزهى سنوات العمر.. والتأخر عن الركب والإحباط والاكتئاب..! إهمال الأبناء ثمنه مجتمع مفكك، وأسر ضائعة، وأطفال مغتصبين، وعرضة للاختطاف والقتل.. وكل أنواع المخاطر..! إن طبيعة النفس البشرية أحياناً تركن إلى الدعة والخمول والإهمال لكل شيء لا تملك فيه صك ملكية.. فنتعامل بلا مبالاة.. ودون أدنى اهتمام أو حرص، فيكلفنا ذلك جهداً ومالاً ومآلات ندفع ثمنها حتى آخر العمر..! على الدولة أن تنشيء البنيات التحتية.. وتعيد تأهيل وترميم التالف من شبكات المياه.. وتجميل وجه العاصمة.. وعلى المواطن أن يتعلم كيف يتعامل مع مجتمعه، وشارعه، وحارته، ووطنه، كما يتعامل في بيته من الداخل. فلا يمكن أن ترسل المحلية عربات النفايات.. وتجلب براميل لوضعها.. والشارع عبارة عن مقلب قمامة.. ما فائدة نظافة البيوت والشوارع المحيطة مثال سيئ لما بداخلها.. وكيف يمكن للدولة المكونة-افتراضاً- من خمسمائة شخص أن تنظف وطناً كاملاً بحجم السودان يستتر مواطنوه في البيوت ويرمون بأوساخهم بكل إهمال على قارعة الطريق.. إن مائة شركة نظافة لن تنظف بلداً، لا يعرف رعاياه كيف يتعاملون مع مخلفاتهم ونفاياتهم في القرن الواحد والعشرين!! زاوية أخيرة: كرم المحلية الحاتمي.. وحسن ظنها.. وحبها للجمال.. جعلها تحاول أن تزرع الزهور في بلد لا يعرف أبسط طرق ريها والمحافظة عليها..!