هناك مشكلة يعيشها ركاب المركبات العامة يومياً ويكتوون بنارها في ذهابهم وإيابهم.. ويتعرضون بسببها إلى احتمال التأخر عن موعد أو عمل.. أو- في الحالات السيئة- إلى انفجارات مدوية أو حرائق.. «لا قدر الله»..كل هذا بسبب دخول المركبات العامة المليئة بالركاب إلى محطات الوقود... فيما يعلم الجميع بأن هذا السلوك ممنوع قانوناً.. ومرفوض.. لكننا- كسودانيين- جُبلنا على التعامل العاطفي أكثر من أي شعب آخر.. ففي كل مرة يدلف سائق المركبة التي تقلنا الى أقرب محطة وقود في طريقه، يعبر أغلب الركاب عن غضبهم واستيائهم بالصياح والزعيق، منادين بالكف عن مثل هذا السلوك.. ويتحجج السائق بأنه يعمل منذ الصباح الباكر ولا يستطيع أن يعود للمحطة مرة أخرى. ü مراراً وتكراراً عانينا من هذا السلوك... كما أنني أحاول التعبير عن رفضي له بالحديث مع السائق الذي يدخلنا معه- قسراً- لمحطة الوقود بدافع الكسل، متناسياً ما يمكن أن ينجم عن هذا التصرف من كوارث- أقلها- تضرر بعض المصابين ب (الأزمة) من الوقود المذاب في الهواء.. ومن رائحته النفاذة.. هذا غير التأخير عن الذهاب إلى العمل أو العودة منه.. ولا نجد فائدة من اعتراضنا... ووصل كثير من ركاب الحافلات الى حالة من اليأس من تغيير هذا الوضع. كانت دهشتي كبيرة يوم أمس عندما كنت جالساً في مقعد الحافلة بالقرب من النافذة- والتي يقع مخزن الوقود تحتها- حينما دلف السائق إلى محطة وقود بالحلفايا وهب عامل المحطة بتصويب «مسدسه» نحو فتحة الوقود... ولما كان عامل المحطة بجواري- خلف النافذة- أزحت الزجاج وقلت له فيما يشبه الهمس: أليس هذا ممنوعاً؟ فرد قائلاً: نعم هو ممنوع. وأعاد «مسدسه» في ردة فعل لم أتوقعها.. ثم أمر السائق بالخروج دون التزود بالوقود... وقال لي عامل الطلمبة هامساً كمن يريد أن يطلعك على سر: «إذا الركاب قالوا ما نكب... ما بنكب».. ونظراته ترجوني بحفظ هذا السر... فيا ركاب المواصلات العامة.. لا تخبروا ذلك العامل أنني أفشيت سره.