ما أن انتهى الناطق الرسمي للجيش السوداني من تلاوة بيانه بانسحاب الجيش من منطقة أبيي بقرار سياسي تمهيداً لمفاوضات أديس أبابا، حتى ارتفعت فوق الرؤوس أكثر من استفهام، وهل انسحاب الجيش يعني تغيير الحكومة السودانية لمواقفها بعد أن كانت تصر على عدم الانسحاب حتى لو بصورة مؤقتة حتى لا يعتبر ذلك إقراراً منها بتبعية المنطقة لجنوب السودان، وما هو موقف المسيرية؟ وهل هناك احتمال لفرض حل بالتأكيد لن يكون في مصلحتنا حسب ما تعودنا عليه من الأممالمتحدة والتي تخضع بالكامل لسيطرة الأمريكان. محلل سياسي متخصص فضّل حجب اسمه قال لا استبعد أن يكون الانسحاب تحت ضغط قوى من المجتمع الدولي شارك فيه حتى روسيا والصين اللذان تعتبران صديقين لنا أو على الأقل متحررين من الضغوط الأمريكية الصهيوينة، وأضاف المحلل السياسي بالقول إنه لاحظ أن هذا الانسحاب تم في توقيت وصول الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر الذي يرعى منظمة رقابة دولية ولكنه ينفذ مهام تكلفه بها الرئاسة الأمريكية.. وهذا يعني أن كارتر كما اعتدنا في زياراته السابقة حمل معه الجزرة والعصا، وأكد المحلل أن كارتر لابد أنه قدم للبشير ضمانات بأن جيش جنوب السودان لن يعود للمنطقة مرة أخرى بعد خروج جيشنا من أبيي، بل لابد أنه أكد أن جيش الجنوب سينسحب إلى مسافات بعيدة بطلب منهم (المجتمع الدولي)، ربما كانت الجزرة هي إعادة ضخ نفط بترول الجنوب عبر الأراضي السودانية بشروط ليست بعيدة عن تلك التي تطالب بها الخرطوم، وربما كانت العصا في حالة رفض الانسحاب توقيع عقوبات فورية اقتصادية ومنع شحنات السلاح وإيقاف صادرات البترول وربما وصل سقفها إلى حظر السفريات الجوية. وقال المحلل إن هذا كله من واقع تجارب السودان مع زيارات كارتر منذ أواسط التسعينيات عندما كان يأتي مبعوثاً يجتمع مع البشير اجتماعاً مغلقاً ولا يصرح بأي شيء عقب الاجتماع سوى الاتفاق التام مع الحكومة والإشارة إلى أن كل الخلافات قد تمت تسويتها، كما لاحظ المراقبون السياسيون أن الحكومة السودانية تتعامل بارتياح مع كارتر، بل كلفته بمراقبة الانتخابات وكانت النتيجة لصالح الحكومة رغم إشارته لبعض الخروقات، يبدو أن الإدارة الأمريكية منذ كلينتون ومروراً ببوش حتى أوباما تلجأ دائماً لكارتر لحل المشاكل المستعصية مع الخرطوم. ويقول المراقبون إن كان كارتر قد قدم ضمانات للحكومة، فإن الحكم النهائي سيستند إلى الوثائق والمستندات التي وضعها البريطانيون 1956م، وذلك يفسر لنا تغيير رأيها، لأن الحكومة السودانية تعتقد بأن الالتزام بحدود 1956م يعني أن معظم أبيي سيضاف إلى السودان، ولكن الأمور في طاولة التفاوض تعتمد على حسن استخدام الحكومة لما بيدها من أوراق ضغط على حكومة جنوب السودان، فجوبا الآن تعيش وضعاً صعباً لنفاد العملات الصعبة ومخزون البترول، والمعلومات التي لدينا تؤكد أن جوبا ستدخل مرحلة الاختناق الكامل خلال شهر من الآن، حيث لن يكون لديها دولار واحد ولن يكون أمامها سوى استيراد البترول وطلب إغاثة أغذية عاجلة لحوالي ستة ملايين، وأوربا وأمريكا الآن في حالة أزمة اقتصادية خانقة ولن يكون بوسعها تقديم الدعم الذي تحلم به جوبا. الخير الفهيم ممثل حكومة السودان في إدارية أبيي، أكد أن أبيي آمنة وقال إن السودان وقع يوم 20 / 6 / 2011 اتفاقية بأديس أبابا مع الحركة الشعبية تنص على ترتيبات إدارية وأمنية، فيما يخص الترتيبات الأمنية هو ابتعاث قوات أممية تقع عليها مهمة الحفاظ على الأمن في منطقة أبيي، على أن تشكل هذه القوة من القوات الأثيوبية المسلحة قوامها 4200 عنصر، أما الجانب الآخر نصت الاتفاقية على خروج كافة جنود جيش الحركة الشعبية والجيش السوداني وحظر أي وجود عسكري، وأكد الفهيم أن الجيش السوداني لم ينسحب، بل انتشر على حدود خارج أبيي امتثالاً لقانون مجلس الأمن، مشيراً إلى أنهم الآن يستعجلون لعقد اجتماعات سريعة للتشاور، ويضم الاجتماع الخير الفهيم كممثل للسودان ود. لوكا بيونق ممثل لحكومة جنوب السودان والوسيط الأفريقي ثامبو أمبيكي لتكوين المؤسسات المدنية، وقال الفهيم إن استعجال هذه الاجتماعات بهدف أن لا يحدث فراغ لتكوين الإدارية والذي لم يتم حتى الآن تحديد موعده.