تعتبر فترة انجاز المشروع والالتزام بجودة مخرجاته اضافة إلى التنفيذ في حدود الميزانية المحددة العوامل الاساسية للحكم على مدى نجاح المشروع ... وهي ما اصطلح على تسميتها بمثلث أهداف المشروع ... وهى الزمن والتكلفة والجودة ... اضيف إلى هذه العوامل حديثاً عنصر رابع وهو العنصر البشرى أو من يسمون باصحاب المصلحة ...العديد من المشروعات مازالت رغم مرور السنين شاهدًا على الإنجاز المتقن ... بينما البعض الآخر يشهد على اخفاقات غير مسبوقة... المختصون في إدارة المشروعات يرون إن فشل بعض المشروعات يسهم في انجاح المشروعات التي تليها.... وذلك من خلال الاستفادة من الدروس السابقة ... وفي موروثاتنا العديد من المقولات التى ترادف ذلك منها على سبيل المثال لا الحصر(لدغة الدبيب تخوف من مجر الحبل) ولكننا لم نستفد من لدغات سابقة في عهود غابرة وأخرى آنية ... فكثير من مشروعاتنا التي فشلت بسبب ضعف دراسات الجدوى في بعض او كل جوانبها ...او فشلت بسبب ضيق افق اداراتها المهني ...مثل المشروعات الصناعية في العهد المايوي من مشروع مصنع بابنوسة مرورًا بمصنع كوستى وكريمة وانتهاء ً بمشروع تجفيف البصل بأروما... اضف إليها مشروعات انقاذية ... يتربع على رأسها مشروع سندس الزراعي الذى سجل رقما قياسياً غير مسبوق في انحرافات التكلفة والوقت ... أما مشروع واحة الخرطوم فله حكاية أخرى ... كانت البدايات الفعلية لهذا المشروع قبل حوالي عشرون عاماً بالتمام والكمال... عاصر هذا المشروع عدة حكام على العاصمة المثلثة من لدن المرحوم محمد عثمان محمد سعيد مرورًا ببدر الدين طه والمرحوم مجذوب الخليفة وانتهاءً بعبد الرحمن الخضر ... أصبح هذا المشروع لهذا الوقت الطويل لغزًا حير الجميع ... يقف شاهدًا على إخفاق دراسات جدوى مشروعاتنا ومعديها ...فدراسة جدوى المشروع التي يعدها فريق متكامل ..كان يجب ان تبين الجوانب المختلفة لجدوى المشروع ...مالية ... تمويلية ...تسويقية ... واقتصادية ... إضافة إلى الجوانب البيئية والإجتماعية ...ولكننا حتى الآن كأصحاب مصلحة في المشروع لاندرى ماهي الأسباب التي قادت إلى هذا التاخير الكبير ... إن لم يكن الموت السريري لهذا المشروع ... كيف لا ونحن لانحب الشفافية حكاماً ومحكومين ... والدليل على ذلك ان بعض نوابنا الأفاضل بالبرلمان يهتفون لالالا ... عندما هم النائب الأول باطلاع الشعب السوداني على الهواء مباشرةً بمخصصاته المالية ...فقاطعهم بصوت عالي لابد ان أقرأ لابد ان أقرأ ....فوصفهم البعض بنواب ضد الشفافية ...بعد هذا الموت السريرى العشريني!! بعث الله الروح من جديد في هذا المشروع وتم افتتاحه قبل أيام قلائل على يد السيد رئيس الجمهورية ولفيف من الدستوريين ... وأنا استمع إلى كلمة الوالي عبر المذياع توقفت عند العديد من العبارات ... فعندما أرسل الوالى بعض عبارات الشكر إستغرق ذلك زمنا طويلاً ... فشكر كثير من الاموات وبعض الاحياء ...وتخيلت إن أحد المستمعين يرف حاجب الدهشة وهو يردد عبارة(عييييك هو من الزمن داك) ثم طفق السيد الوالي يحدد محتويات الواحه الحالية والمستقبلية من أماكن للتسوق والتنزه وهلمجرا... فتحسست جيبي وأنا أردد سرًا(قتل الله الفقر) ولكن ما استوقفني في حديث الوالي هو ان ريع هذا الصَّرح أوقفته الولاية للفقراء والمساكين ... فتذكرت حديث سابق للأخ المتعافي عندما وعد بان يجعل من الدجاج طعاماً للفقراء... تمر السِّنين والفقراء يكتفون فقط بالشَّبع بالعين... وهم يرددون (جداد الوالي دا بناكلو يا نحنا عيانين يا الجداد عيان وبس ) وعبارات الوالي بوقف ريع الواحة للفقراء !! يجعلنا نتسائل كيف؟ ومتى؟ سيصل هذا الرِّيع للفقراء والمساكين... وهل العاملون عليها سيأخذون من نصيب الفقراء أم لا ؟.ولكن مع هذا وذاك لابد من ان نمعن النَّظر في الدروس المستفادة من هذا المشروع، حتى لاتتكرر الاخطاء في مشروعات قادمة بهذا لحجم من الفداحة والإنحراف الزَّمني... كما لاننسى أن نسجل صوت شكر للاخ الكريم عبد الرحمن الخضر واركان حربه وبنك الخرطوم والجهات التى لااعرفها لإصرارهم على انعاش هذا المشروع ... وكانى بهم يهمسون في أذن هذا المشروع ... قوم يامرحوم ... وظلت أصواتهم تتعالى....قوم يامرحوم ... حتى سرت العافية في جسد الواحة...وازدانت في حليةٍ جميلةٍ ... وكانت ساعة الافتتاح على يد السيد الرئيس ... فاصبحت مبانى الواحة قلادة تزين وسط العاصمة ... وتحية مستحقة للاخوة في مسرحية نوم يامرحوم التي تعرض هذه الأيام بمناسبة إستعارة جزء من اسم المسرحية مع بعض التعديل. جامعة الخرطوم - مدرسة العلوم الادارية