عندما تكثر المشكلات من جهة ما على أخرى يتحول الإحساس تدريجياً من الاستغراب الشديد إلى اللامبالاة.. وما بين هذه وتلك تختلف ردود الأفعال حتى تصل لاستسلام أحد الإحساسين.. ولعل هذا ما يقودنا إليه القائمون على أمر الصحة في البلاد.. فقد ثقل عليهم الحمل وبدأوا يقومون بتنفيذ نظريات فاشلة منذ طرحها كفكرة ولكن تأخذهم العزة بالقرارات التي اتخذوها على الرغم من اختلافها مع ثبات المكان.. فمنذ بذرت بذور شجرة الأيلولة والتي حذرت الناس من عواقبها.. وها هي آثارها بدأت في الظهور العلني بعد أن كان الجميع يعاني من جزئياتها الخفية.. فمنذ إعلان الأيلولة وفي يومها الأول على لسان السيد رئيس الجمهورية سأله والي الخرطوم في «ساعتها» وقال له ب«مصاريفا».. قال له «بي مصاريفا». فها هي وزارة الصحة تعترف بوجود عجز في ميزانية مستشفى الخرطوم.. ولكنني لم أقف عند هذه النقطة كثيراً.. فقضية الصرف يمكن أن تعالج ولكن المشكلة فيما بعد اعتراف الوزارة.. فهي في بعض الأحيان تباغتنا باعترافات تنفذ من بعدها تعديلات قد لا يقبلها الجميع.. وظني أن الحديث عن عجز ميزانية مستشفى الخرطوم يصب في مصلحة القرار الوزاري بتحويل مستشفى الخرطوم لمركز تخصصي.. وحقيقي فإن وزارة الصحة لها «تنظيرات كثيرة» في هذه المستشفى وما جاورها.. ولم ينتهِ موضوع مستشفى جعفر ابنعوف بعد وما زال الحديث عنه مستمراً حتى جاءت الفكرة الجديدة بتحويل مستشفى الخرطوم لمركز تخصصي وقبله افتتاح المستشفى الجنوبي للمرة الثانية والقرارات التي أعلنها الوالي لدى افتتاحه.. المهم منذ الآن نعلن وقفتنا ضد تحويل مستشفى الخرطوم لغير ما هي عليه الآن.. ونقول لولاية الخرطوم ولواليها د. عبد الرحمن الخضر ولوزير صحتها بروفيسور مأمون حميدة إذا «غلبكم» حمل المستشفيات الاتحادية فارجعوها إلى عهدها الأول.. وأعلنوا ذلك على الملأ فهذا ليس عيباً وإنما تصحيح مسار ولن يلومهم أحد على ذلك.. بل سيشكرهم الجميع عليه بدلاً من أن يحول لمركز تخصصي يحرم بعض المحتاجين الذين يجدون ضالتهم في المستشفى الحكومي القريب من أحيائهم أو يمكنهم الوصول إليه.. فالصحة من الوزارات ذات الكرسي الساخن والجلوس عليها صعب.. والقرارات لابد أن تراعي الآثار الجانبية لها.