ولد أحمد محمد يس في ام درمان 1913م, وتدرج في المراحل الدراسية الى ان التحق بقسم المهندسين فى كلية غردون التذكارية وقد شارك وهو بالكلية فى أول إضراب فى تاريخ السودان, وذلك اثر قرار الحكومة بتنفيذ خفض مرتبات الخريجين. وتخرج احمد محمد يس في كلية غردون عام 1932م وارسل لبعثة دراسية فى مدرسة المساحة العسكرية بالمملكة المتحدة (51-1952م), وبعد ذلك عمل فى مصلحة المساحة فى الفترة ما بين (33-1953م), ومتقلباً بين العديد من المناصب فى المصلحة. انتخب عضواً فى لجنة نادى الخريجين واختير مساعداً للسكرتير وسكرتيراً ثقافياً وذلك فى الفترة ما بين 36- 1943م, كما تم اختياره عضواً باللجنة التمهيدية لمؤتمر الخريجين عام 1937م كما انتخب عضواً فى الهيئة الستينية لمؤتمر الخريجين من الدورة الثالثة وحتى الدورة العاشرة, وقد انتخبته الهيئة الستينية عضواً فى اللجنة التنفيذية فى الدورات الرابعة والسادسة والثامنة والتاسعة والعاشرة, وقد انتخبته الهيئة الستينية عضواً فى اللجنة التنفيذية فى الدورات الرابعة والسادسة والثامنة والتاسعة والعاشرة ,وكذلك اختير سكرتيراً للجان المؤتمر الفرعية فى الدورة الثامنة (44-1945م) وفى عدد من الدورات عين رئيساً لتحرير جريدة المؤتمر . وقد كان يس من مؤسسى جماعة وحزب الاشقاء والحزب الوطنى الاتحادى, واختير رئيساً لمجلس الشيوخ الأول, كما اختير عضواً لمجلس السيادة عند تحقيق الاستقلال وتدشين مسيرة العهد الوطنى, وذلك فى الفترة ما بين 56- 1958م, اى حتى قيام الانقلاب العسكرى الاول الذى قاده الفريق ابراهيم عبود. ويورد احمد محمد يس اسباب الانقلاب العسكرى وذلك فى كتابه المرجعى القيم (مذكرات احمد محمد يس) وهو من اصدار مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية بجامعة ام درمان الاهلية, يقول يس ان رئيس الوزراء عبد الله خليل كان يطلع أولاً بأول على مجريات الاحداث, ولا شك ان عوامل كثيرة قد اثرت على مضيه قدماً فى تسليم السلطة للجيش, ومن بين هذه العوامل اولاً انه قد ارتبط فى فكرة تسليم السلطة هذه بجهات كثيرة اجنبية ومحلية, وثانياً انه بالرغم من ان الاتفاق قد قضى باستمراره رئيساً للحكومة القومية الا انه احس ان هذا الامر مرحلى وانه لابد ان تتفق هذه الاحزاب وشيكاً على تقسيم السلطة بينها. لكل هذا, يقول احمد يس, ولذكائه الخارق وبراعته العسكرية اتخذ عبد الله خليل وسائل عدة لاحباط هذا الاتفاق, فقد نقل للامام عبد الرحمن المهدى ان هذه الاحزاب المؤتلفة لن تعطيه التقدير اللائق به, ومن جانب آخر بلغ ساسة حزب الشعب الديمقراطي ان اى اتفاق بين حزبي الامة والوطنى الاتحادى هو مخطط ليقضى على حزب الشعب الديمقراطى, وان الحزبين اتفقا على تقسيم السلطة, كذلك نقل لقيادات الجيش ان الامر كله مرتب ليفضى فى النهاية لبيع الاتحاديين السودان لمصر .. وهكذا تم التسليم والتسلم. وقد سعى احمد محمد يس لمساعدة الفريق عبود, بطلب من الاخير, لاعادة الامور الى نصابها, فتراه يقول فى مذكراته المشار إليها ( بعد سنوات من الانقلاب التقيت بالرئيس ابراهيم عبود, الذى اكد عدم رغبته فى الاستمرار فى الحكم, وسألته : هل تريد يا ابراهيم ان تنجو بنفسك وتترك الامر للضباط الشباب؟ الا تخشى ان يتناحروا على السلطة؟ ام انك تريد ان ترد الامانة الى اهلها ؟ قال انه مستعد ان يرد الامانة فى حالة التقاء الحزب الوطنى الاتحادى وحزب الشعب الديمقراطى مرة ثانية ليضمن التوازن السياسى ويتحقق الاستقرار .. ورجّانى ان اساعده فى هذا الامر). يمضى يس قائلاً (بذلت ما استطعت من جهد واشهد اننى وجدت ترحاباً من مولانا السيد على الميرغنى وترحاباً واستعداداً مماثلاً من السيد اسماعيل الازهرى, غير ان عثرات وعقبات كثيرة هنا وهناك كانت تؤجل اللقاء, الى ان قامت ثورة أكتوبر المجيدة فى الحادى والعشرين من اكتوبر عام 1964م). ...(نواصل)