على غير العادة لم يولِ الشعبان والمراقبون للعلاقات السودانية الجنوب سودانية اهتماماً كبيراً لجولة المفاوضات التي انطلقت قبل أربعة أيام، إيماناً منهم بعدم وجود إرادة سياسية لحل القضايا العالقة وتفعيل ماتم التوقيع عليه في سبتمر الماضي. وفي كل مرة كان يتشاءم المراقبون بسبب الانتكاسات المتتالية بين الطرفين وعدم الثقة المتوارث بينهما وما زاد التكهن بفشل المفاوضات فشل آخر قمة جمعت بين الرئيسين إضافة للاتهامات المتبادلة بين الحكومتين والتي كانت عنوان العلاقات في الفترة السابقة..لكن يبدو أن هذه المرة أن هنالك مبررات للتفاؤل وهذا ما ذهب إليه الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي بروفيسور عبدو مختار الذي اعتبر أن الاتفاق الذي تم على تنفيذ الاتفاق الذي وقع في العام الماضي و تعثر تنفيذه، بدا هذه المرة أكثر جدية من خلال الإجراءت التي اتخذها سلفاكير مؤخراً بإقالة عدد من الجنرالات الذين كانوا يقفون حجر عثرة لسحب قوات الجيش الشعبي من المناطق المتنازع عليها، مشيراً إلى أن هذا الإجراء هيأ المناخ لتفعيل عمليات سحب قوات الحركة الشعبية وقال إن هذا الإجراء جاء مقروناً بالتحول الذي حدث في العامل الدولي، حيث كان المجتمع الدولي في السابق يضغط على السودان فقط، ولكن في الآونة الأخيرة أصبح يوجه الطرفين بذات القدر وأضاف كذلك من ناحية أخرى هنالك ضغوط داخلية في الجنوب تتمثل في الضائقة الاقتصادية والمجاعة بسبب عدم ضخ النفط عبر السودان، فأصبح الجنوب أكثر حاجة لتصدير النفط. وأكد أن الظروف الاقتصادية في الجنوب لا تحتمل الانتظار سنوات لتنفيذ خط ناقل عبر كينيا، وقال لهذه الظروف مجتمعة أصبحت حكومة الجنوب أكثر استعداداً لتنفيذ الاتفاقيات التسع وأردف والدليل أن قرار سلفا للمناطق المنزوعة السلاح . «2000 كيلو طولاً و20 كيلو عرضاًَ» وسحب قواته منها، ونوه إلى أن المشكلة التي تجعل المراقبين يتخوفون من انتكاسة جديدة هي تسليح و إيواء الجنوب للحركات المسلحة السودانية مؤكداً إن تم تنفيذ هذه النقطة يعتبر ركيزة أساسية لنجاح الاتفاقية مشيراً إلى أن هذه الجزئية تعتمد بصورة أساسية على موقف حكومة الجنوب وإرادتها باتخاذ موقف جاد بطرد الحركات المسلحة.. ومن ناحيته رحب تحالف قوى الإجماع الوطني بالاتفاق وأكد رئيس اللجنة الإعلامية بالتحالف الأستاذ كمال عمر أن التحالف يرحب بأي اتفاق يحقق استقرار ويخدم أي علاقة أريحية بين الشعبين ويؤسس لوحدة ولرد الظلم. ولكنه ألمح إلى عدم تفاؤلهم بالاتفاق لآنه يعالج مشكلة الحدود وآبيي والحركة الشعبية قطاع الشمال مشيراً الي ان هذه القضايا تجعل الاتفاق يحمل قنابل موقوتة يمكن أن تعصف بالوضع الراهن وتقضي على الاتفاقية منوها إلى أن الاتفاقية تتحدث فقط عن البترول. يذكر أن وفدي التفاوض للسودان وجنوب السودان وقعا أتفاقاً بأديس أبابا أمس يقضي بتنفيذ اتفاقيات التعاون التسع الموقعة بين حكومة السودان وحكومة جنوب السودان في سبتمبر الماضي. وقال رئيس لجنة الوساطة الأفريقية رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي في تصريحات للصحفيين عقب توقيع الاتفاق بأديس أبابا إن السودان وجنوب السودان اتفقا على تطبيق مجموعة ترتيبات لتنفيذ اتفاقيات التعاون التسع بين حكومة السودان وحكومة جنوب السودان الموقعة في 27 سبتمبر 2012 م، وأضاف أن التوجيهات ستصدر إلى الشركات خلال أسبوعين لاستئناف تدفق النفط، وذلك بعد أن وقع البلدان اتفاقاً آخر بأديس أبابا يوم الجمعة الماضي يقضي بسحب البلدين لقواتهما من المنطقة الحدودية الآمنة المنزوعة السلاح لتخفيف التوتر وفتح الطريق أمام استئناف صادرات النفط. وأصدر الوفد السوداني بياناً أوضح فيه أن التوقيع على هذه الوثيقة المهمة يقضي بتنفيذ الاتفاقيات الأخرى بين البلدين في كافة المجالات والتي تشمل الترتيبات الأمنية والتعاون الاقتصادي، خاصة فيما يتعلق بتصدير نفط جنوب السودان عبر السودان إلى جانب تنقلات وتحركات المواطنين ومعاملتهم في البلدين والتجارة والتعاون المصرفي، وأكدت حكومة السودان في البيان التزامها بتنفيذ مجموعة الترتيبات بموجب البنود والتوقيتات الزمنية الواردة بها وفقاً لمبادئ حسن النية والتعاون البناء وحسن الجوار.