في رحلة إلى جمهورية تشاد الشقيقة، وكنا صحبة السيد رئيس الجمهورية، المشير عمر حسن أحمد البشير، في مناسبة الاحتفال بفترة رئاسة جديدة للرئيس إدريس ديبي، وكنا داخل منزله العامر الذي استضاف الرئيس البشير دون غيره من الرؤساء الأفارقة وغيرهم من المشاركين في احتفالات التنصيب الرئاسي، وكنا نتحدث عن بعض القضايا المجتمعية ودور الدولة وواجبها تجاهها، ثم عرج بنا الحديث إلى منحىً تاريخي ارتبط بتأسيس الدولة السودانية القديمة. نحن نعرف أن الرئيس البشير ليس بدارس للتاريخ ولا مختص في هذا الشأن، لذلك كانت دهشتنا كبيرة وبالغة عندما أخذ يتحدث حديث العارف والعالم والخبير، مستشهداً بالوقائع والأحداث والتواريخ.. فالتفت إليّ الأخ وصديق العمر الأستاذ أحمد البلال الطيّب، وقال لي هامساً: «يا أخي الجماعة ديل بيقروا».. وقطعاً مفردة «الجماعة» معروفة وواضح معناها وإلى من تشير. قبل أعوام قليلة، وكنا ذات أمسية رمضانية.. داخل منزل أستاذنا الراحل المقيم الشاعر والدبلوماسي الكبير سيد أحمد الحردلو، في زيارة كرمته خلالها الدولة ممثلة في السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه، والوزير- آنذاك- الأستاذ عبد الباسط سبدرات، بدأنا حديثاً عاماً حول بعض المسلسلات التي كانت تعرض في عدد من الفضائيات العربية، ومن بينها مسلسل «الملك فاروق» وقد دهشت ومن كان معي من المتابعة الدقيقة لذلك العمل من قبل النائب الأول لرئيس الجمهورية، بحسبان أن رجل الدولة لن يجد الوقت الكافي لمتابعة مثل هذه الأعمال، ولكن دهشتنا كانت أكبر عندما أخذ النائب الأول يصحح بما لديه من معلومات بعض الوقائع التي وردت في ذلك العمل.. لننتقل بعد قليل للحديث حول الشعر والشعراء والأدب والأدباء في السودان، وكان مدهشاً بحق مشاركة السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية بالحديث، ليس من باب المشاركة الرئاسية الفوقية أو الاستعلائية، بل من باب المشاركة الحقيقية في النقد والتقييم من واقع فهم عميق للموضوع. تذكرت مقولة أخي الأستاذ أحمد البلال: «يا أخي الجماعة ديل بيقروا» وأضفت عليها من عندي: «وبيتفرجوا كمان».. لذلك لم أدهش عندما هاتفني الأخ «الشقيق» الدكتور أحمد بلال عثمان وزير الثقافة والإعلام يوم أمس ينقل إليّ إشادة السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه بالطرح الذي قدمته خلال مشاركتي في سهرة تلفزيونية سياسية مساء الاثنين الماضي، بثها تلفزيون السودان، شاركت فيها إلى جانب الأخ الأستاذ العبيد أحمد مروح.. ولم أدهش كذلك عندما قال لي السيد الوزير إن الأستاذ علي عثمان شاهد السهرة إلى الختام. وفي الختام- أيضاً- نقول بأن المشاركة في البرامج السياسية خلال هذه المرحلة تصبح واجباً وطنياً خاصة إذا اتصل الموضوع بشأن ذي صلة بالعمل العام. اللهم احفظنا واحفظ بلادنا واحمنا من غدر الخائنين.. آمين. وجمعة مباركة