ولد جعفر النميري في مدينة أم درمان وأسرته كلها تتجمع في حي ود نوباوي، عمل أبوه محمد النميري بشركة تجارية في مدينة مدني عاصمة مديرية النيل الأزرق، وكان جده الشيخ مؤذناً لمسجد المهدية في الحلة وعمه شاعراً مشهوراً هو طراف النميري. شب في مدينة ود مدني وتلقى فيها تعليمه الأوسط والثانوي والتحق بالكلية الحربية بأم درمان سنة 1950 وتخرج فيها في فبراير 1952 ثم أتيحت له فرصة السفر في بعثتين عسكريتين داخلية وخارجية، وهو يحمل درجة الماجستير في العلوم العسكرية الأكاديمية «أركان حرب» من أمريكا سنة 1966، ثقافته العربية عالية فهو يقرأ كثيراً في التاريخ والأدب العربي ويهوى كرة القدم وكان يلعب مركز الدفاع «ظهير ثالث» في نادي ود نوباوي الرياضي وكان يمتاز بلياقة بدنية عالية يساعده طول جسمه، له في الجنوب قصة بطولة في عمليات مقاومة التمرد يعرفها كل زملائه، فقد مشى مع جنوده 12 يوماً داخل الغابات والأحراش المليئة بالحيوانات المفترسة حتى وصل إلى جبل اسمه جبل ديتو وكان يعتبر أكبر معقل ومخزن لأسلحة المتمردين وتمكن من احتلاله واستولى على كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة ساهمت في تسليح الجيش السوداني في عهد الفريق إبراهيم عبود «الصحافة 1969»، وبالنسبة لحمايته العسكرية فهو ضابط مشاة ومدرعات في وقت واحد وكان مقدراً أن يتخصص في الملاحة الجوية عندما سافر إلى مصر في سنة 1952 في أول بعثة عسكرية إلى مدرسة الطيران في القوات السودانية ألغيت بالنسبة له وحده بعد شهرين فقط دون سبب يعرفه، ومرة ثانية وقع عليه الاختيار هو وزميل له بالسفر إلى القاهرة عام 1964 لتلقي فرقة أركان حرب في كلية أركان حرب القوات المسلحة، وبعد انتهاء الفترة التأهيلية لهذه الفرقة التي كانت تجمع 205 ضباط من المصريين وغيرهم، صدرت تعليمات بتأخير بداية فرقة أركان حرب ونتيجة لذلك التحق مع زميله السوداني بمدرسة قادة الألوية بالدقي ولم يمكث بها أكثر من أسبوع واحد حتى استدعيا بإشارة من رئاسة القوات المسلحة السودانية تأمرهما بالعودة فوراً، وقد تعرض «اللواء» نميري لمتاعب أخرى كثيرة في حياته العسكرية وبعد التخرج عمل ملازماً بالقيادة الغربية بالفاشر كقائد فصيلة لمدة ثلاث سنوات ونقل إلى القيادة الشمالية كقائد سرية أسلحة ثقيلة ثم انتقل إلى سلاح المدرعات وعمل على إنشائها في عام 1957، وأثناء ذلك اعتقل بسبب حوادث داخل الجيش تعارض الحكم وأحيل للاستدعاء بعد شهرين من الاعتقال ثم عاد إلى القوات المسلحة بعد 16 شهراً قضاها بدون عمل طبقاً لقانون الاستدعاء عانى خلالها ظروفاً معيشية قاسية وكان يتقاضى 26 جنيهاً فقط هي ثلث مرتبه في حين كان يدفع 15 جنيهاً أجرة منزل، وكان يعول أسرة مكونة من سبعة أشخاص، بعدها عاد إلى القوات المسلحة برتبة نقيب وأيضاً عام 1959 بعد حدوث انقلاب داخلي في القوات المسلحة كان من نتائج تعديل المجلس الأعلى الذي قرر رجوع كل الضباط المحالين للاستيداع للعمل ثم عمل بالقيادة الجنوبية لمدة سنتين كأركان حرب للامداد والتموين ثم نقل إلى حامية الخرطوم كقائد ثانٍ في الكتيبة الأولى وعمل بها إلى أن قامت ثورة أكتوبر 1964 وكان له دور مهم في تأييد هذه الثورة داخل القوات المسلحة وإحباط المحاولة للقضاء عليها في مهدها إنذاراً للهيئة الحاكمة تحت التهديد بقوات حامية الخرطوم وسلاح المدرعات بأنهم سوف يضربون إذا لم يتنازل الضباط الكبار عن الحكم ويضعوا ميثاقاً يسلموا به كل السلطات الدستورية إلى الشعب وقد حددوا وقتاً لذلك مدته 24 ساعة وفي نفس الوقت قاموا بمحاصرة رئاسة القوات والقصر الجمهوري والأماكن العامة بالخرطوم بواسطة كتيبة مشاة وكتيبة مدرعات لمنع ضرب حركة أكتوبر وكان من بين الذين اشتركوا في تنفيذ هذه العملية اثنان من أعضاء مجلس الثورة هما الرائد خالد حسن عباس والرائد فاروق عثمان حمد الله وتمت هذه العملية على إثر علمهم بأن المجلس الأعلى وكبار الضباط يعتزمون القيام بإجراءات عسكرية للقضاء على ثورة أكتوبر، نقل إلى القيادة الغربية بصفة مؤقتة كعقاب لما قاموا به وبعد شهرين وقع عليه الاختيار لبعثة أركان حرب بالولايات المتحدة وبعدها نقل إلى القيادة الشرقية بالقضارف كقائد بالإنابة لها، اعتقل بعد خمسة أشهر بتهمة الاشتراك في مجلس ثورة حركة الملازم خالد حسين الذي قام بمحاولة الانقلاب ومرة أخرى نقل إلى الضفة الشرقية في المديرية الاستوائية بقيادة قواتها في مدينة توريت التي مكث فيها سنة وأخيراً نقل كقائد ثانٍ لمدرسة المشاة في منطقة جبيت بشرق السودان لكن كل ذلك لم يمنعه من تنظيم جبهة الضباط الأحرار وانتهز فرصة وجوده في الخرطوم في إجازته السنوية ووفقه الله مع زملائه في تنفيذ خطة تولي الجيش للحكم.