تعرفت عليه في مدينة نيالا عندما كنا نزورها من وقت لآخر بتكليفات محددة كان يكلفنا بها الأخ الباشمهندس الحاج عطا المنان عندما كان والياً هناك وقبل أن يكون في زيارتنا الأولى كانت تعترينا بعض المخاوف الأمنية ولكن لا نتحدث بها مع بعضنا البعض وبعد وصولنا لمدينة نيالا ومن مطارها الجميل تبددت تلك المخاوف لما وجدناه من طمأنينة تسود جميع الذين التقيناهم في المطار الذين نعرفهم والذين لا نعرفهم وهم يؤدون أعمالهم المختلفة في أريحية وتواد بينهم يسوده الأنس الجميل والقفشات اللطيفة واستقبلونا بترحاب حار ينم عن خلق وطيبة زادت من سعادتنا بأن ما نسمعه ونقرأه عن الانفلات الأمني في جنوب دارفور ماهو إلا تهويل وتخيلات يرددها بعض الناس لأغراض مختلفة. وفي طريقنا للمدينة وعلى أطرافها كنا نرى السكان والعاملين المتحركين بنفس الصورة التي رأينا عليها الناس في المطار، ووصلنا المدينة ووجدناها ترفل في نعمة من الأمن والأمان وتجولنا فيها نهاراً وليلاً فلم نر إلا أناساً طيبين رجالاً ونساءً شيباً وشباباً ينهمكون في أعمالهم بطريقة عادية وسلسلة. تساءلنا في أنفسنا ولدى بعضنا البعض أين الانفلات الأمني؟ اين الهجمات التي يتحدثون عنها؟ فكانت تأتينا الإجابة إن أسلوب الحكم الذي ينتهجه الأخ الباشمندس الحاج عطا المنان الوالي في سياساته وادارته ومعه مدير عام الشرطة عابدين الطاهر ومعهما أعضاء لجنة أمن الولاية الأخرى في الجانب الأمني جعلا هذه الولاية آمنة مطمئنة إلا من بعض الجيوب البعيدة جداً من المدينة لا سيما وان تلك الأيام كانت هي أكثر الأوقات شراسة للحركات المسلحة في ولايات دارفور الكبرى ثم علمنا وبالشرح المفصل عندما زرنا غرفة عمليات الولاية في رئاسة الشرطة والتي يشرف عليها ويحركها الأخ عابدين الطاهر والخطة والاستراتيجية التي تعمل بها الأجهزة التابعة لقيادته.. تأكدنا أن هذا الأمن والاطمئنان لم يتأتى للمدينة وما جاورها من فراغ بل من خلال فكر أمني عالٍ وعمل ميداني متسع ثم جاء الأخ عابدين الطاهر في قيادة جهاز المباحث المركزية فكانت إنجازاته التي لا تخطئها عين في كشف غوامض الجرائم والتي يعتقد مرتكبوها أنها لن تكتشف لما يحيطونها به من سرية وما يوفرون لها من تأمين وهي كثيرة تحدثت عنها كل وسائل الإعلام المختلفة كلُ في حينها.. حتى كان السودان في هذا المجال مضرباً للأمثال في المنتديات المختصة في كثير من دول العالم الآن يشغل الأخ عابدين الطاهر قيادة شرطة المرور. هذا المرور الذي أصبح هاجساً مؤرقاً وبعبعاً مخيفاً لكل أهل السودان فأصبحت المدن المختلفة والطرق الداخلية والعابرة في المرور السريع لا تخلو يومياً من الحوادث المريعة التي يروح ضحيتها آلاف الناس من مختلف قطاعات وجهات السودان. ففي المدن أصبحت الحافلات والبصات المتهالكة والركشات والتي يقود أغلبها شباب تنقصهم المسؤولية ويتحدثون بروح غريبة فيها الكثير من عدم الاكتراث عندما يسألهم سائل فيردون بأن العربة ليست ملكي وهي مؤمنة، فقط يهمني أن أسابق الأدوار وأزيد (عدادي) وبهذا الفهم الغريب يصبح من يركبون مركبته أو يستعملون الشارع معه تحت رحمة الله فقط حيث لا اكتراث بهم وهنا لابد من مراجعة القانون ولا بد من تضمينه أقسى العقوبات على السائقين الذين يقودون في الطريق العام بهذا المفهوم الغريب. ثم لابد من تشديد الرقابة على الطرق جميعها داخل المدن وفي طرق المرور السريع التي أصبحت هي الأخرى هاجساً مرعباً خاصة الطرق الجديدة التي رصفت مؤخراً في الريف والأطراف حيث يفتقر مستعملوها لثقافة التعامل عليها مما يستوجب المزيد من قوى المرور وتوسيع دوائر الإرشاد المروري مع مثل هذه الطرق وزيادة أساليب الضبط والانضباط على مستعمليها.. فيا أخي عابدين الطاهر إن أرواح الناس هي أعلى وأغلى مسؤولية تطلع بها الدولة فلا يجب أن يموتوا (سمبلة) كما كان يقول أخونا الراحل حسن ساتي وأنت أهل لهذه المسؤولية وليس غريباً عليك إن ركبت متنكراً في أحد بصات الأقاليم لتتعرف بنفسك على تجاوزات السائقين بمختلف أشكالها وأرجو أن تعمم مثل هذا العمل من خلال معاونيك على مختلف الطرق ليأتوك بالعجب العجاب وأنت القادر بإذن الله على المعالجات ونرجو أن تعينك الدولة على أغلى وأعلى مسؤولية تقع عليها (أرواح المواطنين). والله من وراء القصد