قبل سنتين أو نحوها أعلنت شركة سوداتل عن مسابقة يمكن تطبيق فكرتها وتخدم في نفس الوقت أكبر عدد من المواطنين فأشتركت فيها.. نفسي أن أكون من الفائزين وأن أقدم فكرة تنفع الناس أجمعين، وقد أوردت ذات الفكرة في كتاب عنيت أيها أخواننا المخلصين القائمين على تيسير حياة المواطنين ومعايش الكادحين. والفكرة متعلقة بتطوير التمويل الأصغر والإستفادة منه بصورة أكبر، وهانذا أكرر ما كتبته أو قلته عسى أن يجد آذاننا صاغية، وقلوباً واعية، وإرادة عالية، تنحل بها العقد القاسية فتتحقق الأهداف السامية. إننا كسودانيين شعب ما زال بدوياً وريفياً يأخذ أموره بطريقة عفوية لا نعرف الإستراتيجية ولا تكثرت لشأنها في أمورنا الحياتية، بل كثيراً ما نأخذها بطريقة عشوائية نستنزف ما حبانا الله تعالى به من إمكانية ونهدر ما قد تأتينا من فرص بطريقة سبهللية. إن الحكومة عندما طرحت فكرة التمويل الأصغر هلل الشعب وكبَّر، وتنادوا الى بنك الأسرة أول عهده العميان شايل المكسر، ثم وجه البنك المركزي كافة البنوك لتجنب من هامش تمويلها للتمويل الأصغر، وهناك مؤسسات مولتها الدولة كنوافذ لذات الغرض. التمويل العادي لا يتم إلا لذوي الأموال، أما السائلة أو التي يمكن تسييلها وهو هنا دولة بين الأغنياء استطاعت الحكومة أن تفتح فيه قناة يرتوي منها الفقراء، وإن لم تستطع أن تحقق عدالة السماء في ألا يكون المال دولة بين الأغنياء. طرحت في فكرتي أن الحكومة رغم حسن نيتها في عملية التمويل الأصغر، إلا أنها لم تكمل الخطة ولم تبرمجها لتحقق للوطن من خلال الممول مردوداً اقتصادياً هذا أولاً.. وثانياً ليست الحكومة معياراً تعرف به ما تحقق من هذا المشروع الراقي، وهل خرج المممول من الخانة التي بدأها الى خانة أرحب؟ وهل تغيرت أوضاعه وترك طلب التمويل واعتمد على نفسه؟أم في الطريق تعثر وأمسى أكثر فقراً وأسوأ حالاً وأخطر. اقترحت أن تشكل هيئة سمها ما تسمها تعني بالآتي: 1/ منهجة دراسات الجدوى بحيث تتنوع وتتكامل 2/ وتكون الهيئة على الأقل في بداية عهدها لها قنوات تسويق للإنتاج وهو موضوع التمويل الأصغر إن قضايا الإنتاج تختلف من منطقة الى منطقة، ومن ريف الى ريف، ومن بنادر الى بنادر... وهلمجرا. الهيئة المقترحة: اقترحت أن تتشكل وتمول من وزارة المالية، وبنك السودان، وإتحاد المصارف، تكون لها معيناتها ووسائل الإتصال والقدرة على متابعة تنفيذ التمويل.. ومن الضروري أن تدار بواسطة خبرات وكفاءات في إدارة المال والأعمال وتنفيذ المشروعات. إني وبحق أخشى من إجهاض هذا العمل الكبير ولي تجربة شخصية قد تكون حدثت للآلاف الذين انسدت في وجوههم طرق التمويل. عندما افتتح بنك الأسرة في موقعه شمال مقابر فاروق، ذهبت ومعي مهندس صديق متوقد الذهن يحمل براءة إختراع رحمه الله رحمة واسعة.. كنت رقم (805) تقريباً دفعنا 100 جنيه لفتح الحساب لكل منا.. حولت دراسة مشروعينا الى فرع الكلاكلة في أول عهده وكانت تدير الفرع أنثى.. ترددنا على الفرع وكانت كل مرة تقول إنها رفعت الدراسة للرئاسة.. تعالوا مرة ثانية ولما أكثرنا التردد قالت الأنثى إن الرئاسة رفضت المشروعين. استغربنا جداً لأن المشروعين أجيزوا أولاً من الرئاسة وحولا للتنفيذ قرب موقع السكن. كتبت آنذاك في الصحف لا دفاعاً عن نفسي، ولكن خوفاً من إجهاض المشروع على يد من تلوثت أيديهم وفصلت الآتي كما يبدو.. وقابلت المدير العام آنذاك د/ عبدالرحمن ضرار وزير الدولة بالمالية الآن، الذي قال إن مشروعك يعتبر مثالياً ولو رفض فلي الحق في إجازته، وقد وجد المدير العام أن مدير الفرع آنذاك لم يكن صادقاً. بعد فترة طويلة قابلت د/ عبدالرحمن ضرار في أمسية تكريم د. صابر محمد الحسن المحافظ الأسبق لبنك السودان، حيث طلب مني وهو مصر أن أنفذ هذا المشروع. كتب مذكرة وهو المدير العام لمديرالفرع ذاكراً فيها إنه صدق على المشروع، ولكن مدير الفرع بعد جهد جهيد وجد الملف وطلبت منه أن أجدد الدراسة، فقد غيرت الظروف الأرقام. بعد تجديدها طلب مني أن آتيه بتصديق من المحلية، فاندهشت وحزنت على عدم تلبية رغبة وزير الدولة بالمالية وهو حريص على تنفيذ مشروع نموذجي يشرف عليه خبير في إدارة المال والأعمال وتنفيذ المشروعات. ليس من رأي كمن سمع.. والآن د. عبدالرحمن ضرار الرجل الخلوق يستطيع أن يتبنى إقتراحي الذي وضحته ليتحقق الهدف النبيل من وراء مشروع التمويل الأصغر.. والله المستعان.