الإنسان المتفوق لا يحقد ولا يطول غضبه إذا غضب.. الحقد حماقة كبرى... الحاقد يضاعف متاعبه... فلا تجعل الحاقدين يظفروا بك ويضموا عضوا جديداً إليهم... ليس مطلوباً منك أن تتجنب الحقد فحسب... بل مطلوباً منك أن لا تقاوم الحقد بحقد مثله... مهما وُجهت لك سهام الحقد تجنب أن تصير حقوداً... قاومه بثبات وبفضائل نفسك وبحيلتك الواسعة الكريمة... فلا تحقد على الحقود حتى لا تصير حقوداً مثله... أحمد الله إذ جعلك عالي النفس كبير القلب.. وإذا ألجأتك الظروف الى مقاومة الحقد.. فقاومه باُسلوبك أنت لا بأساليبهم هم... وتصرف تصرف العظماء لا تتصرف مثل الصغار... حتى لا تصير صغيراً مثلهم... ولكي يُحسب لك هذا الموقف النبيل دائماً... تعوَّد أن لا تغضب وألا يلبث غضبك إلا قليلاً... الغضب في طبيعتنا ولابد للناس أن يغضبوا أحياناً... ومن العسير ألا نغضب أبداً... لكن من اليسير كذلك.. ألا يكون غضبنا أرعن مهتاجاً.. إذا غلبك الغضب فاغضب غضباً مفكراً.. والغضب المفكر لا ينقذف من أعصاب خائرة... ولا من ذمة جائرة.. بل يكون انفعالاً فيه حمية لكن له منطق.. فيه انتفاض لكن معه كابح.. فيه ذكاء كريم يدور حول الأزمة ويفسرها.. وسرعان ما ينتهي الغضب ويذوب... وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الإنسان المتفوق المؤمن... بأنه بطئ الغضب سريع الفئ ... وإنه لوصف حاذق بقدر ما هو صادق... فإذا كان لا بد من الغضب... فينبغي ألا يجئ الغضب حتى نستنفذ كل محاولات دفعه.. ثم علينا ألا نسمح له بطول المكث... وحط الرحال.. تفوق على حوافز الغضب بفلسفة الصفح... وحاول أن تعرف كثيراً... وعندئذ استغفر كثيراً... كان الفضيل بن عياض الصوفي الكبير إذا اعتدى عليه بالسباب معتد.. رفع كفيه مبتهلاً وقال... اللهم إن كان كاذباً فيما رماني به فاغفر له.. وإن كان صادقاً فاغفر لي... سلوك رائع أليس كذلك.