في رأيي الشخصي وإلى أن يثُبت «بفتح الياء وتسكين الثاء» ويُثبت «بضم الياء وكسر الباء» إذا ما رغب مراقبٌ في تقييم الجُهد والأداء السّياسي والخدمي للحركة الشعبية فلا نحسب أن ذلك يقتضي ويستلزم مكوثاً لأيام ليطلع على التقارير الرسمية التي تصدرها المؤسسات المعنية بالتخطيط والتنفيذ وذلك على الرغم من أنّ الإطلاع على تلك الخُطب والتقارير يمكن للمراقب فعله دون عنت وعناء وهو مستلقٍ على فراشه داخل منزله ! صحيح أن للجولات الميدانية والحوارات الحية والمناقشات الموضوعية أثرها في عملية الإقناع والإقتناع لكنها لا تقلل بل رُبما لا تؤثر إلا قليلاً على عملية وإمكانية المعرفة والإحاطة والتقييم دون حاجة للإنتقال الفيزيائي والغرق في التفاصيل والمصنوعات ! والإنجاز السياسي ليس إبرةً يبحث المراقبُ عنها في كومة قش حتى يجدها ، وكذلك العمل التنموي والخدمي . لو سُئل أيّ مسؤول أو مهتم ، بصرف النظر عن صفته وموقعه ومسؤولياته ، عن الأداء والعمل السياسي والخدمي للحركة الشعبية (الجُوكر في السودان) منذ إعلان إتفاقية نيفاشا والتي أصبحت بموجبها شريكاً أصيلاً في الحكم ومسؤلة عن أي قصور«حكومي» تجاه المواطن لاسيما وأنها أخذت نصيبها في الوزارات والمواقع القيادية في كافة المجالات بجانب أنها بسطت يدها على معظم المواقع القيادية بالجنوب وهذا يضعها في «خانة» المسئول عن كل ما يدور في البلاد لاسيما في الجنوب. إن خطب الحركة الشعبية التي وعدت الشعب السوداني بأنها تسعى من خلال الحروب التي خاضتها في الماضي إلى إقامة سودان جديد مبني على العدالة في توزيع الثروة والسلطة لتختفي من خارطة البلاد أي أماكن«للتهميش» وحتى تاريخه .. ليست إلاَّ مسكنات توشك أن تفقد صلاحيتها ومفعولها .. لتتحول إلى سبب ومسبب لأمراض جديدة .. سواء بسبب تلاشى مفعولها أو نتيجة الأعراض الجانبية الخطيرة لهذه المسكنات .. في نفس الوقت تعالج هذه المسكنات أو تشفى المرض أو الأمراض الأصلية الخطيرة لتتفاقم تدريجياً وبشكل متصاعد ينذر بعواقب وخمية .. والدليل على ذلك .. تضامنها مع المعارضة وتنظيمها مسيرة بدعوة مسنودة من السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب .. لقد تبخرت وعودها وتعهداتها !! أصبح الخطاب ومواقف وسياسات الحركة الشعبية شبه متطابق تقريباً مع كل ما يصدر من وعن (الديمقراطية في السودان) !!! أما فيما يتعلق بإقامة سودان جديد مبني على العدالة في توزيع الثروة والسلطة أصبحت من الخطب الجوفاء بدون أفعال حقيقية أي أن مبادئ الحركة وأطروحاتها قبل توقيع الإتفاقية أصبحت «غير سارية المفعول» لأن «منفستو» الحركة أضحى مرهوناً بما تتطلبه «تكتيكاتها» تجاه علاقتها بالمؤتمر الوطني الشئ الذي أظهر الحركة وكأنها معصوبة العينين تجاه قضايا الجماهير ..! لقد اختلط الحابل بالنابل وتحولت إلى صراخ وزعيق وسب وقذف وتجريح وتشهير ولم يعد هناك مجال للحوار واحترام الاختلاف وإنما عراك واشتباك وتأليب وتحريض وعدم احترام أى صلات وأية روابط ... وأصبحت تصريحات قياداتها متناقضة لاسيما تجاه وحدة البلاد ، إذ أن الحديث عن إنفصال الجنوب أصبح «مألوفاً» ومعهوداً من قيادات الحركة الشعبية كلما كانت هنالك خلافات مع شريكها المؤتمر الوطني وكأن الحركة الشعبية تنظر للشعب السوداني كله من خلال «طقس»، تعاملها مع المؤتمر الوطني. الحركة الشعبية تدعى أنها تعمل من أجل الشعب السوداني ؟ وهي ذات الحركة التي طالبت بتمديد الحصار الإقتصادي لشعب السودان الشمالي ؟ الحركة ترفض الاعتقال ؟! وهي ذات الحركة التي تنفذ الإعتقالات والتصفية الجسدية في جنوب السودان ؟الحركة تطالب بالحريات الصحفية ؟ هي ذات الحركة التي تعتقل الصحفيين من داخل البرلمان بالجنوب لحركة تتطالب بوحدة جاذبة ؟ وهي ذات الحركة التي تُقسم الشعب السوداني إلى درجات؟ الحركة تطالب بإجازة قوانين التحول الديمقرطيي؟وهي ذات الحركة التي إنسحبت من البرلمان الحركة تدعى السلم؟هي ذات الحركة التي تدعو الشعب لثورة لقلب النظام .. إلخ .. وهل يا ترى ما تمارسه الحركة الشعبية وجيشها مع القوى السياسية الأخرى والتجار الشماليين بالجنوب في إطار الديمقراطية ؟وام هى ديمقراطية الغرب الذي يسعى بإستمرار لتعزيز الحركة الشعبية وتعزيتها لتغيير نظام الحكم في السودان بما يتوافق اجندتهما لكن السؤال الذي يدق الرءوس بعنف .. ماذا يستفيد الشعب السوداني من هذا التخبط فهل من المعقول أن يصل احباط الناس من أنفسهم .. وممن حولهم إلى الحد الذي أصبحوافيه يرون التخبط ما يمكن أن يشدهم إلى شخصيات يعرفون يقيناً بأنها خاوية الذمة ... منعدمة الضمير ؟؟! والذي يبدو متقاطعاً شكلاً ، هو في جوهره متكامل مضموناً ، فأهل مكة أدرى بشعابها ، وأهل الشعب السوداني أولى بأن يتحاوروا فيما بينهم للحفاظ على البلاد والعباد مما يحاك لها من مؤامرات وخطط تصب في تفتيت الأرض وبذر الكراهية والخراب بين الشعب السوداني جميعاً. يبدو أن الحركة الشعبية ومنذ فقدانها لزعيمها وقائدها التاريخي الدكتور جون قرنق دي مبيور أصبحت بالضبط كالرجل المخمور الذي يترنح سائراً وواقفاً ! لم تستطع أن تتحول الي حزب سياسي فاعل رغم سيطرتها على حكم الجنوب وكونها الشريك الثاني في حكومة الوحدة الوطنية المركزية ! وقد تكشفت للشارع العام هشاشة البناء داخل الحركة وهشاشة عناصرها وعدم إمتلاك معظمهم لما يقدمونه للمواطن ! وحتى إن كانوا قد اصطنعوا الخلاف الحالي لكي يلهوا الناس عن خلافاتهم ونزاعاتهم الداخلية أو يتفرغوا لحسمها فلا أظن أنهم نجحوا ولا أظن أن الثمن الذي دفعوه أو حملوه للمواطن يساوي ما كسبوه وحققوه ! إن الذين يقولون ان أجواء الديمقراطية لا تعرف شيئاً اسمه ضبط الإيقاع يغالطون أنفسهم ويغالطون الحقيقة ، فليست الديمقراطية مجرد منابر للتسلية وقتل الوقت وشغل المجتمع بعيداً عن قضاياه ، وإنما الديمقراطية هي النقد البناء وحرية الخلاف في الرأي وحق استقلالية المهنج والسلوك تحت مظلة الإحترام المطلق للقيم الأخلاقية والروابط الإجتماعية ومراعاة المصالح العليا للوطن ! والديمقراطية ليست سقفاً مفتوحاً لآخر مدى .. وليست غابة يُحكمها من يُملك القوة سوأء قوة المال أو قوة التشهير والتجريس في وسائل الإعلام (الوطنية) و (العالمية) نقول ذلك لزعماء أحزاب (الإستعانة) ..أقصد .. المعارضة التي تريد إسقاط هذه الحكومة وزوالها بأي طريقة وأي ثمن وهم مشغولون بالظهور بالصحف والقنوات الفضائية والبحث عن صفقات ومؤامرات ومواجهات مع الحكومة ، ومستعينين في ذلك نجمي الحركة الشعبية (أبناء اليسار؟وبدلاً من الانشغال مع الحليف ربما كان من الأوفق أن نهتم بالطريق أي العملية الإنتخابية وإعداد البلاد لتدول حقيقي للسلطة.