كثير ما تختلط حيثيات العمل الإنساني والمسار السياسي، وذلك على خلفية التداخل والتقاطعات بينهما، ويعتبر السودان وفقاً لمراقبين من الدول التي ينشط فيها العمل الإنساني، حيث يوجد به نحو واحد وعشرين وكالة من وكالات الأممالمتحدة بجانب 104 من المنظمات الطوعية الأجنبية، بما فيها العربية والإسلامية فضلاً عن 4 آلاف منظمة وطنية مسجلة اتحادياً وبعثتين فنيتين تعملان في كل ولايات دارفور، ومنطقة أبيي لديها بعض الأنشطة الإنسانية ويقدر انفاقها نحو ال2مليار دولار ولضخامة الوجود الأجنبي في مناطق النزاعات، كان لابد من وضع تحوطات وسياسات تحول دون التأثير علي المجتمعات المحلية، بجانب وضع اجراءات تحوطية وتنظيمية لتحقيق أكبر مكاسب، وتفادي ما يمكن أن ينشأ من سليبات ومخاطر على أمن وثقافة البلد وعلاقاته الاجتماعية.. وكثير من الأمور المتعلقة بآثار وتداعيات العمل الإنساني، ولعل الاحتكاكات بين المسارين السياسي والإنساني بدا واضحاً من خلال إيقاف نشاط اللجنة الدولية للصليب الأحمر في فبراير المنصرم، تمخض عنه اتفاقان يؤكدان أهمية احترام السيادة السودانية تمتا في أغسطس الماضي إحداها وقعت بوزارة الخارجية تبعها اتفاق فني بين اللجنة الدولية والمفوضية.. تنص الاتفاقيتان على احترام سيادة السودان، والعمل وفقاً للقوانين والسياسات الوطنية، فيما اشترط الاتفاق الفني على أن لا تنفذ اللجنة أي مشروعات أو برامج إلا عقب إجازتها من قبل المفوضية، بجانب تكوين لجنة متابعة للتقويم والتقييم.. هذا الاحتراف تم بعد تعطل لأشهر في المجال.. ونتيجة لذلك أقرت المفوضية ضرورة العمل رسمياً بسودنة العمل الإنساني وبدا واضحاً في الأنشطة التي وضعتها في خطتها للعام 2015م.. ويقول مفوض العون الإنساني أحمد محمد آدم: إن الحكومة بدأت الخطوة بخطة مشتركة مع الأممالمتحدة على غير الأعوام السابقة ابتدر بتشكيل آلية وطنية لوضع خطة للسودان لتحقيق القيادة والريادة للعمل الذي تقوم به الأممالمتحدة، مؤكداً أن السودان الأعرف باحتياجاته وأعراف مواطنيه وأولويات التدخلات الإنسانية، حيث تم الاتفاق مع الأممالمتحدة أن يكون برنامج العام القادم 2015 برنامجاً مشتركاً بين حكومة السودان والأممالمتحدة، تبدأ فيه من الألف الى الياء، قاطعاً بأنه لن نقبل فيه أن تكون البرامج معلبة وجاهزة تأتينا من بريطانيا أو أمريكا أو فرنسا، بل برامج تستهدف السودانيين ومنطلقة من حاجاته وسياساته.. منبهاً الى أن السودان، هو الذي يحدد السياسات ونوع التدخلات المطلوبة والمشاركين في هذه المساعدات، ولعل الأحداث الأخيرة في منطقة ثابت، أحد الدواعي التي جعلت الحكومة تحاول التمسك والعودة لتلك الخطوة، منعاً للتدخل في الشأن الداخلي، ويشير الى أن الخطة تسعى لتقوية آليات الاستجابة الوطنية في حالات الطوارئ- الكوارث- بجانب إعداد خارطة للحاجات الإنسانية، حيث يتم التدخل- وطني أو أجنبي- وفقاً للخارطة التي تحدد الفجوات والآليات.. وقال: إن التدخل لا يتم إلا عبرها.. مشيراً الى أن المفوضية ستشرع في إعدادها في ديسمبر، ملفتاً الى أنها ستصبح كتاباً جامعاً يحوي كل الاحتياجات الإنسانية السودانية، لا سيما فيما يتعلق بالتعليم ومحور الصحة والغذاء، غير أنه يشير الى تحديات كثيرة ستقف أمام الخطة أبرزها المورد المالي، وتعضيد الخطوة، شرعت المفوضية في إعداد عدة أنشطة فيما يتعلق بسودنة العمل الطوعي لاسيما فيما يتعلق بمحور التشريعات، ومحور تفعيل دور المؤسسات الوطنية، ومحور يتعلق بالزام المنظمات الأجنيبة، ومحور متابعة المنظمات الأجنبية سيتبعه تنفيذ برنامج السودنة ودعم المنظمات الوطنية، وتعزيز برنامج السودانة لتحقيق القيادة والريادة في العمل الإنساني خلال الفترة، حيث تم خفض العمالة الأجنبية في المنظمات بنحو 8% مقابل 92% من السودانيين، مما يتيح لهم فرصاً في التوظيف والتدريب والتعرف على تجارب التجارب العالم المختلفة، في إطار السودنة يقول آدم إنه تم دعم مائة منظمة في مجالات تقديم المساعدات وبناء القدرات لتمكينها القيام بدورها المطلوب في العمل، ورغم الاجراءات التي اتخذتها الحكومة آنفة الذكر.. إلا أن هناك ثمة قلق تجاه الوضع الإنساني في بعض المناطق من قبل المراقبين لا سيما في مناطق سيطرة الحركة الشعبية في ولاية جنوب كردفان.. بجانب الجيوب في النيل الأزرق مقارنة بالمناطق الأخرى.. ويقول آدم في السياق: إن هناك استقراراً الوضع الإنساني في جنوب كردفان والنيل الأزرق، لا سيما المناطق التي تخضع للسيطرة، لافتاً الى أن هناك نقصاً في المعلومات حول الوضع الإنساني في مناطق سيطرة الحركة.