أحزن جداً عندما أسمع حديثاً يقدح في المعلمين أو الأساتذة- كما يحلو للبعض تسميتهم- فهم الفئة التي تنال تقدير الجميع، وهم الوحيدون الذين نرضى أن نكون عبيداً في الدنيا لهم، يملكوننا بدون تذمر، فالمثل يقول «من علمني حرفاً صرت له عبداً»، وتظل صورته بيضاء ناصعة مهما جارت عليها الأيام، فالمعلم معلم، ولكن هناك بعض التصرفات التي يرتكبها بعض الدخلاء على المهنة، والذين لايحرصون عليها وعلى تاريخها ولا مكانتها الاجتماعية والرسالية.. نعم سادتي فمن يقومون بتقبل الرشاوي من الطلاب ليزيدوا مالهم ويخصمون من سمعتهم الطيبة ويسقطون في نظر طلابهم، لا يمكن أن يكونوا معلمين، بل يمكن اعتبارهم أثرياء حرب.. وقد فجعت وأنا أطالع خبراً من وزارة التعليم العالي.. وكم تمنيت أن يكون المصدر غير معلوم، ولكن الخطير أنه صادر من وزارة مختصة، فقد قالت على لسان د. رحاب عبدالرحمن مدير إدارة التأصيل بالوزارة «إذا أراد طالب مناقشة درجة الماجستير لا يتم ذلك إلا أن يحضر هدايا للأستاذ» وأن أحد الأطفال في مدرسة اشتكى من أنه لن يكرم أو يحرز المركز الأول لأنه لم يقدم هدية للأستاذ.. واعتبرت رحاب الأمر من أخطر التحديات التي تواجه العملية التعليمية.. والسؤال المهم هل هناك أخطر من ذلك، فانهيار صورة المعلم في أذهان تلاميذه أخطر عامل يمكن أن يهدد المجتمع كله.. وأذكر أننا كنا نكتب ونطالب بوقف قرار تحصيل المصروفات والرسوم في المدارس بواسطة المعلمين، لأن التلاميذ أصبحوا يزدرونهم ويقولون «إن أستاذ فلان جنو قروش»، بل أن بعضهم لا يدفع الرسوم مخصوص حتى يطرده الأستاذ ويتغيب من المدرسة بذلك السبب، وبعد أن استجابت جهات الاختصاص يأتي بعض المعلمين ليخربوا سمعة مهنة مثل هذه.. ومنذ متى كان التعليم مدخلاً لكسب المال.. ترى ماذا أوصلهم لذلك، هل ضعف المرتبات أم استغلال النفوذ أم تجاهل الدولة لهم، أم منافسة المدارس والجامعات الخاصة للحكومية.. الغريب أن نفس الخبر الذي أتت به الزميلة ثناء عابدين يقول «إن المشكلة الأساسية تكمن في المعلم وليس المتعلم، لأنه المسؤول عن وضع المنهج ولفتوا الى أن التلميذ يتعلم من سلوك الأساتذة.. وطالما أن هناك من ثبَّت الجرم على المعلم، فالموضوع يحتاج لوقفة ولبحث ولحسم، لأننا لا نرضى لهذه المهنة أن تكون فريسة لأصحاب النفوس الضعيفة أو حتى أن تتأثر بالظروف السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وعلى الجميع خاصة الوزارات المختصة والاتحادات المهنية أن تتدخل في الموضوع فهو كبير وخطير.