السؤال الذي طرحته الصحف صراحة في أعقاب خلافة القائد سلفا كير ميارديت للراحل د. جون قرنق في قيادة الحركة وتوليه منصبي النائب الأول لرئيس الجمهورية و رئيس حكومة الجنوب كان عن سر الغموض الذي يكتنف شخصية القائد الجديد وقد ظل السؤال قائماً وظلت الأيام تجيب عليه بنفسها شيئاً فشيئاً مؤكدة أن الغموض من طبيعة الرجل الذي عرف منذ حياة الراحل د. جونق قرنق بأنه قائد عسكري وليس زعيماً سياسياً ليحافظ القائد بعد قياداته للحركة وتوليه موقع الرجل الثاني في الدولة على ذات الغموض ورمادية المواقف التي تجعلك لا تعرفه مع من وضد ماذا؟ ومن هنا وفي ظل غموضه لم تظهر عليه طوال السنوات الأولى للاتفاقية اتجاهات قاطعة للوحدة أو الانفصال وكانت مواقفه المُحيرة تبدو من حديثه عن قناعته بالوحدة أحياناً وبالانفصال في أخرى فخلال زيارته إلى جنوب كردفان قال إنه وحدوي وهي الزيارة للولاية الشمالية الوحيدة التي زارها طوال عمله كنائب أول لرئيس الجمهورية لخمس سنوات السنوات التي ظل حريصاً خلالها على ألا يزور ولايات الشمال كما حرص على البقاء في جوبا أكثر من القصر الجمهوري وحرص على أن يكون سفره للخارج كرئيس لحكومة الجنوب لا كنائب أول لرئيس الجمهورية ومع رمادية المواقف المحيرة جاءت تصريحاته الداعية للجنوبيين للتصويت للانفصال في كنسية جوبا والتي نفاها مكتبه والتي عاد مؤخراً ليقولها على الملأ مسمعاً كل الدنيا دعوته للانفصال التي لم يكن يُعلنها صراحة طوال السنوات الماضية ونذكر كيف أنه كان ملتزماً الصمت أيام جهر باقان باتجاهات الانفصال .. وكان سلفا طوال مسيرته في الحكم يظهر بجانب قبعته التي يحرص عليها في رأسه على الظهور بعدة قبعات لا تعرف له موقفاً ثابتاً تجاه القضايا الشيء الذي جعل الحكومة تراهن عليه في مناصرة الوحدة خاصة بعد تصريحاته في جنوب كردفان إلا أن الأيام أكدت أن ما كان يقوم به سلفا كير من مناورات سياسية كانت لكسب الوقت لصالح الانفصال الذي صار يدعمه بل يتبناه جهراً ويلوح في واشنطن بالانتقال للخطة(ب) حالة عدم استجابة الحكومة لمطالب الحركة المتعلقة بتنفيذ القضايا العالقة في اتفاقية السلام ويلاحظ أن الرجل قد صارت له مواقف انفصالية متشددة على عكس مواقفه خلال السنوات الماضية وصارت له خطط بالأحرف فسرها المراقبون بأنها تعني الانفصال المبكر للجنوب وهذه المواقف التي انقلبت على الرمادية وجعلت من سلفاكير الذي أحتج من قبل في جنوب كردفان على تغييب علم السودان عندما وجد أنصاره يرفعون علم الحركة الشعبية ويغيبون علم السودان فوجه بإعلاء علم السودان وقال إنه جاء كنائب أول مما يسعدنا بموقفه الذي جاءت بعده مواقف أكدت عكس ما تم في جنوب كردفان فلا نعرف من يومها أهو مع الوحدة أو الانفصال ففي كل حالة كان يلبس قبعتها حتى اقترب ميقات الاستفتاء وعلت قبعة الانفصال والتي بها تغيرت المواقف داخل الحركة وصار حتى الذين كانوا يتحدثون عن إمكانية تحقيق الوحدة الجاذبة ينضمون لتيار الانفصال رغم أنف قناعاتهم ورمت الحركة بكل ثقلها السياسي والأمني والمالي للضغط على الأصوات المنادية بالوحدة وتغيرت الأحوال والأقوال فالناس هناك في الجنوب عليهم أما الهتاف للوحدة أو الصمت واعتبارهم في صف الانفصاليين من باب السكوت رضا. أخيراً: ليت الفريق سلفا كير فعل مثل د. رياك مشار والذي عندما جاء للخرطوم من خلال اتّفاقية الخرطوم للسلام زار الشمالية ووقف على واقعها وقال لو كان لهم غابات هناك لتمردوا للحالة التي يعيشونها.. أما الفريق سلفا كير وباقان وقيادات الانفصال لم يعطوا أنفسهم فرصة للوقوف على أحوال الناس في السودان وجاءوا وهم واهمون لأنفسهم بأنهم مواطنين درجة ثالثة دون أن يتعرّفوا على واقع السودان ليغيروا هذه القناعة كما أن سلفاكير لم يمارس دوره كنائب أول بالشكل الذي يمكن أن يصلح به الأحوال التي يتحدّث عنها باقان .. فالنائب الأول ظل بعيداً بعيداً مثلما فعل الأخرون من قيادات الحركة الذين تمردوا على فكرة الحركة (السودان الجديد) التي أسس د. قرنق عليها حركته وقاتل من أجلها ولم يفكر يوماً بأن يكون قتاله الطويل من أجل الانكفاء بحكم الجنوب الذي يعرف الدكتور مؤسس الحركة ببعد نظره غياب مقومات الدولة فيه.