٭ ويكتب حبيبنا الراحل الخاتم عدلان في كتابه الرهيب.. يكتب «جاء الإسلاميون إلى الحكم بدعاوى كبيرة ووصفات خلابة.. زعموا أنهم لن يناموا إذا عثرت بغلة في طمبرة أو طويلة أو حلفا أو حلايب.. فماذا كان الحصاد..». ٭ وليتك بين ظهرانينا الآن يا حبيب.. لترى الحصاد.. وينزلق زورقنا في نهر الأشواق.. وفي دخان الانشقاق وأيضاً من دعاوى الأحبة الأسلاميين أن وحدتهم أكثر أهمية من الوطن نفسه.. وأن انشطارهم أشد خطراً وأجل خطورة من انشقاق الوطن ذاته.. ليسوا وحدهم يشاركهم في هذه «البدعة» إخوان لهم من الإخوة أو «الأخوان» من خارج الحدود.. وليس في الأمر عجب فقد نهل كل «أخوان» العالم من نبع واحد «وغرفوا» من مائه المتدفق ب«كيزان» مصنوعة من مادة واحدة وإن كانت تختلف في السعة والأحجام.. كيف ذلك.. ارجعوا بذاكرتكم القهقري لتروا كيف انهمرت الدموع طوفاناً من مآقي «أخوان» العالم بكاءً مراً لانشقاق «الأخوان» الأول الذي كان تحت عنوان «القصر والمنشية»، وما زلنا نذكر الحزن الذي ارتسم ظاهراً واضحاً على قسمات وجه مولانا «القرضاوي» وما زلنا نذكر تلك الحسرة التي كادت تمزق فؤاد شيخنا «راشد الغنوشي» وتلك الزيارات وطائرات الأحبة الأخوان من مختلف بلاد الدنيا تهبط بمطار الوطن وفي جوفها نجوم لامعة من الأخوان الذين أفزعهم وأرعبهم انشقاق «أخوانهم» في السودان.. و «حكمة الله إنه لن يفزع أي من هؤلاء الأحباب عندما انشطر الوطن كله ولم يواسينا أحد منهم عندما ذهب إخوتنا الجنوبيون بأرضهم وأشجارهم وحيواناتهم ونفطهم.. وليس في الأمر عجب فالأخوان في كل الدنيا يعتقدون في ثقة لا يخلخلها شك ويقين لا يزعزعه ظن أن وحدة «الأخوان» مقدمة على وحدة الأوطان. ٭ الآن دعوني أطمئن كل خائف، كل مرعوب.. كل مشفق من وحدة «الوطني والشعبي».. نعم هناك من يظن أو يخشى على الوطن وعلى شعب الوطن وإذا توحد الأخوان أن تعود تلك الأيام المفزعة وتلك الليالي الحلوكة وتلك الغابة الشائكة التي أحاطت بالوطن عند انطلاق إعصار الإنقاذ.. وأود أن أطمئن ذاك الذي قال لرئيس تحرير صحيفتنا الأستاذ عبد العظيم صالح فقد قال الرجل أخشى إذا توحد «الأخوان» أن يعود مرة أخرى «الدفار» وتعود «الكشة» ودعوني أقول له وبأكبر الحروف بروزاً وبأسطع الكلمات إشعاعاً.. و «الأخوان» ما عادوا هم الأخوان.. والسودان ما عاد هو السودان.. وإن تلك المخازن التي أودع فيها «الأخوان» رايات وبيارق وأعلام أناشيدهم قد ضاعت مفاتيح طِبلها وإلى الأبد.. «وبكرة نواصل»...