قال قادمون من شندي أمس إن مراسم وداع الجنوبيين كانت مؤثرة!! فالجميع انخرطوا في موجة من البكاء والشاحنات تتجمع أسفل قلعة «شنان التاريخية»!! قال لي «عز الدين» وهو يحكي دراما مؤثرة ليت عمر البشير وسلفا كير شاهدا ما حدث. ü فقد خرج سكان شندي من مختلف «مربعات» المدينة واختلط بكاء «المسافرين» مع بكاء «المقيمين» وتسابقت النسوة في حمل مختلف أنواع الهدايا لإخواتهن من أبناء الجنوب اللائي مكثن حيناً من الدهر في المدينة التي ظلت على الدوام مرحبة ومضيافة لكل من يقصدها دومن منّ أو اذى!! ü لقد بكى الجميع -شماليون وجنوبيون- في شندي معقل الشمال!! «والجغرافية» التي طالما اتهمت كفراناً وبهتاناً بأنها وراء كل هذا التهميش!! وهذا الظلم الذي لا يراه احد غير اصحاب هذه الدعاوي!! تقول بقية الحكاية .. عندما تخلف بعض المسافرين الذين ما وسعتهم شاحنات المنظمات «الصفراء» حلف أهالي المربعات القريبة من المدينة على إخوانهم من أبناء الجنوب الذين حزموا أمتعة الرحيل وأدخلوهم للدواوين العامرة وقبلها كانت تتسابق «صواني» الطعام و«كفتيرات الشاي» حيث موقف السفر للجنوب. ü نعم بكى الجميع!! وقبلها سالت دموع غندور ود. نافع وإخلاص وغيرهم من الذين بكوا ولسان حالهم يقول (أبداً ما هنت يا سوداننا يوماً علينا بالذي أصبح شمساً في يدينا). إنه الغناء الذي غنّاه وردي غناءً عاطراً تعدوا به الريح!! ولا شيء بعد ذلك غير الريح أليست هناك أغنية يرددها «محجوب كبوشية» يقول عنوانها يا «ريح الجنوب»!! إنها أيام ريح الجنوب ولن تجدي الدموع!! ومتى كانت الدموع على أرصفة الموانيء وبوابات المطارات تمنع المسافرين عن السفر وتجبرهم على البقاء!! ولو كانت الدموع تجدي لاكتظت ديار الشايقية بأبنائها العائدين من كثرة النحيب الذي طالما سكبه «الطمبور» دموعاً غالية و«مدرارة». ü لن تجدي دموع رجال ونساء شندي فهناك في الضفة الأخرى من النهر من يقول إنها دموع التماسيح أليس المرء ابن بيئته!! نعم القصة أكبر من الدموع والآهات فقد مضى زمن العواطف الجياشة والمشاعر النبيلة ..إنه زمن «المصالح» والزعامات «الوهم» والنظرات «الضيقة» والمطامع «الواسعة» ووكلاء ما وراء البحار وما أدراك ما وراء البحار. لن تجدي الدموع!! فقد انتهى الفيلم ولكن هذه المرة لم ينتصر البطل!! والنهاية ليست مفتوحة..!