أحدث فيلم أريدُ حلاً بطولة النجمة فاتن حمامة عليها رحمة الله وغفرانه ضجة كبيرة في السبعينيات، وهو يتناول قضية المرأة التي ترى في الطلاق حلاً، لكن قوانين ذاك الزمان كانت مجحفة فأتى الفيلم والقى حجراً في بركة قوانين الأحوال الشخصية في مصر حتى تم تعديلها . المراقب فينا لارتفاع نسب الطلاق في مجتمعنا يُصاب بالدهشة، وقد أجريت استبياناً مصغراً لمجموعة من الأصدقاء المتعلمين كشريحة، ووجدت أن أبغض الحلال قد أصبح ظاهرة تستدعي الوقوف من المجتمع وجهات الاختصاص، لكن ما أرغب في تناوله هو معاناة أبناء المطلقين، وقد كنت شاهداً على حالة أستاذة جامعية مطلقة وجدت وظيفة في دولة شقيقة براتب ضعف راتبها عشر مرات، لكن موافقة الزوج على سفر ابنائهما مع الأم وقفت عائقاً أمام تحقيق رغبتها في الالتحاق بوظيفة مرموقة، وراتب مغري يحل لها جميع مشاكل تربية الأطفال. وإحدى زميلاتنا في الجامعة، مصرفية مرموقة موسومة بالأناقة والحسن، اضطرت قبل أيام أن تشرع في السفر لمصر مرافقة لوالدتها المريضة، لكن في بوابة صالة المغادرة أخبرت بعدم استطاعتها المغادرة بطفلها دون إذن طليقها المُقيم في دولة أخرى، أصيبت بصدمة وعادت الى منزلها ودمعها السخين يبلل وسادتها تبُث شكوها الى قاضى الحاجات وجابر كسر المظلومات. وغالباً لا تكون المشكلة في الطلاق لكن في توابعه المدمرة للأمهات ابتداء بمشكلة الحضانة للأطفال، والتى حددها القانون تحديداً واضحاً لكن تظل الأم تعيش في حالة هاجس من بلوغ الطفل سن التحاقه بحضانة أبيه، أو إذا أرادت أن تسافر لأي غرض تتحسب لتعنت طليقها في الإذن بسفر الأطفال معها، فتكون كل مشاريعها رهن موافقة الطليق وحده، مما يجعل الأمر أشبه بسلطة في يدهم تستخدمها بعض العقليات الذكورية. اسوأ استخدام وكم من مرة هددت المرأة بأن تكون (كالبيت الوقف)، لا يمكن بيعه أو شراؤه، تلك العقليات التي تحول حياة المطلقة الى جحيم، إضافة الى جحيم نظرات المجتمعات المختلفة، رغم أن القرآن الكريم سمى الأمر بقوله تعالى: (...الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ * فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ...) ودرجة الإحسان يضعها المفسرون أعلى من درجة الإيمان ودرجة الإسلام، لكن هل نقرأ وهل نعمل بما نقرأ؟!! ظاهرة إذلال المطلقات عبر اطفالهن من الظواهر المسكوت عنها، التي تحتاج من المجتمع الى التفاتة، وفي ظني أنها مشكلة تربية أسرية تتطور الى مشكلة نفسية تصيب البعض، فيعقد حياة طليقته أم أطفاله سواء عن طريق إيقافها في المحاكم أو عن طريق إخفاء معلومات الدخل الشخصي، لتضليل العدالة في حال الحكم بالنفقة أو الإذلال عن طريق الأطفال، الأمر يحتاج أن يوفر مشرع القوانين الحماية للمطلقات من طغيان بعض الرجال ومن المجتمع، الى دعم المطلقة، فهي أحد دعائم المجتمع التي تخرج له رجالاً عسى ألا يطلقوا وإن طلقوا لا يمارسوا الإذلال على زوجاتهم السابقات، فلا يصرخن مثل فاتن حمامة) أريد حلاً)..